|
شَمسٌ تُودِّعُها الأَفْلاكُ |
عزاءً للأُستاذ هاشِم النَّاشري بِوالِدِه |
سُبحَانَ مَنْ قَدَرَ الأَعمَارَ، مَا وَقَعَتْ |
مِن نَخلَةٍ سَبَقَتْ تَقدِيرَ مُقتَدِرِ |
وَلا أَتَى خَبَرٌ بِالخَيرِ أَو بِأَسًى |
إِلا وَفِي الَّلوحِ قَدْ خَطَّتْ يَدُ القَدَرِ |
فَلا البَشِيرُ بِغَيرِ الصِّدقِ يَحضُرُنَا |
وَلا النَذِيرُ بِغَيرِ الحَقِّ فِي البَشَرِ |
وَلا قَضَى العَيشَ مَا الوَهَّابُ قَدَّرَهُ |
مِن سَاعَةٍ فَوقَ مَا قَدْ عَاشَ مِن عُمُرِ |
هِيَ المَنَايَا بِدَربِ العُمْرِ تَرقُبُنَا |
وَالمُلتَقَى بَينَ مَأمُولٍ وَمُنْتَظَرِ |
وَذَا أَبُونَا كَريِمٌ ذِكرُهُ قَبَسٌ |
وَصَفحَةٌ مِن عُيُونِ المَجدِ فِي السِّيَرِ |
سَمَا عَلَى زُخرُفِ الدُّنيَا، فإنْ ذَرَفَتْ |
عَينُ البَهَاءِ أَسَاهَا بَاحَ بِالعِبَرِ |
لَم يَقضِهَا تَرَفًا أَغوَى وَلا شَظَفًا |
وَلا أَتَى شَرَفًا مِنهَا عَلَى حَذَرِ |
فِي طَاعَةٍ لَم يَزَلْ حَتَّى تَغَمَّدَهُ |
رَبِّي بِرَحمَتِهِ فِي خَاتِمٍ عَطِرٍ |
وَجَاءَهُ المَوتُ لَمَّا عَافَهَا فَعَفَتْ |
وَحَالُ أَهلِ الإِبَاءِ اليَومَ فِي خَوَرِ |
وَلِلأَعَادِي تُسَاقُ النَّاسُ خَانِعَةً |
فِي الهُونِ تَلقَى عَذَابَ القَلبِ بالسَّدَرِ |
أَعيَا الحَبِيبَ احْتِضَارًا مَا أَلَمَّ بِنَا |
بِأُمَّةٍ -غَفلَةً- سِيقَتْ إِلَى الصَّغَرِ |
وَمَا كَبِيرٌ بِهَا إِلا وَضَرَّجَهُ |
مَآلُها مِن مَعَالِي المَجدِ لِلحُفَرِ |
حَتَّى غَدا المَوتُ خَيرًا وَالحَياةُ أَسًى |
مَن يُعفِهِ اللهُ مِنهَا انْسَلَّ مِنْ كَدَرِ |
وَاختَارَ رَبِّي لَهُ مِنْ كَربِنَا فَرَجًا |
فَرَدَّهُ لا كَمَا شَيخٌ بِلا وَطَرِ |
وِإنَّمَا سَيِّدٌ فِي أَهلِهِ مَلِكٌ |
يَمضِي لِمَولاهُ طُهرًا قُدَّ مِنْ دُرَرِ |
مَرَاكِبُ الذِّكرِ بِالأَسحَارِ تَحمِلُهُ |
مُسافِرًا سَارَ سَمحَ الوَجهِ كالقَمَرِ |
كَأَنَّ مَوكِبَهُ مِن فَرْطِ هَيْبَتِهِ |
شَمسٌ تُودِّعُهَا الأَفلاكُ بِالخُمُرِ |
وَذِكرُهُ بِكُمُ بَاقٍ وَإِنْ خَفَتَتْ |
مَلامِحُ الذِّكرِ فِي الأَخبَارِ وَالصُّوَرِ |
فَوَدِّعِ الحِبَّ، إِنَّ اللهَ جَامِعُنَا |
وَادْعُ الإِلَهَ بِأَنْ نَلتَذَّ بِالظَّفَرِ |
وَاصْبِرِ أَخِي إِنَّ أَمرَ اللهِ رَحمَتُهُ |
نَلقَاهُ بالحَمدِ لَا نَلقَاهُ بِالضَّجَرِ |