بسم الله الرحمن الرحيم
مشاركاتي من خلال مساجلة شعرية لوصف حال المؤمن عندما يرى الكعبة أول مرة.
وكانت المساجلة على المتقارب بروي جديد لكل أربعة أبيات.
شاعر أمام البيت الحرام
د. ضياء الدين الجماس
كأني أمامَ العتيقِ ذَهولُ... وهذا الجلالُ بسِرِّي يجولُ
وما أنْ وقفت بِبَيْتِكَ عبداً ... رأيت الجمالَ لربي يؤولُ
وهذي المهابة دوماً بقلبي .... لكَعْبَةِ رَبِّي بروحي تَصُـولُ
هي الكونُ فيها تَجَلَّى عَظيماً .... وفي ثوبها ذاك سترٌ جليل
***
وقفت ببيت لربي الغَيورِ .... كأني بعرش الحميدِ الشكورِ
تذكرت يوماً ينادى لروحي ... وحالي ذُهولٌ كيومِ النشورِ
هو الكون في كعبة قد تجلى .... ومن حولها طائفٌ في حبورِ
شعوري وجسمي وقلبي غيابٌ.... وعيني شهود بدمعٍ جَسُورِ
***
إلهي لقد آلـمتني الجراحْ .... وبتُّ سقيماً أريدُ الفلاح
وليس لـها من دواء يشافي .... كما قيل لي في كلام صُراح
سوى العين تبكي بدمع هطول ... أمام العتيق فتشفى الجراح
وقفت طويلاً أناجيك ربـي .... ودمعي هطول لخدي استباحْ
***
سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَجِئْتُ أُلَبِّي .... بأرضِ الجُدودِ بـهذي الرحابْ
وقلتُ بِنْفسي وقَلْبِي شَفُوقٌ .... أيا دَمْعُ فاذْرِفِ فذا الحالُ طابْ
فَـقَلْبٌ خشوع بدمْعٍ هَطولٍ .... طـريق الجنانِ ودَرُّ السَّحَابْ
ألاصِقُ صدري ليَـطرقَ باباً ..... يُـجيبُ المُجيبُ ونِعْمَ الجَوَابْ
***
فيا طَيْرُ حَلِّق كما في الصلاة .... ويا زَهْرُ زَيِّنْ طريقَ السعاة
ويا نور نَوِّر قلوبَ حجيجٍ ..... ويا عِطْرُ عَطِّرْ وجوهَ الأباة
نعيمي وسعدي إذا ما التقـينا .... ببيت الإله وربِّ الدُّعاة
كأنِّـي بنورٍ يَشِعُّ ضياءً ....ملاكاً يطوفُ بقلبِ الـهُداة
***
وقفت سعيداً بباب التُّـراثْ .... أناجيك ربي ومنك الغِـياثْ
وأذَّنْتَ حَجَّاً فجاءتَ رجالٌ ... ومن كل فج أتتك الإناثْ
إليك التقربُ عَجَّاً وثَجَّاً .... وصارت رؤوسٌ بشَعْرٍ شُعاثْ
لعلك ترضى وتُدْنِي عِبَاداً .... أذَلّوا الدَّنَايا بدونِ اكْتِرَاثْ
****
دنوت قريباً بـموج انفراجْ .... وموج بقلبي عراه اهتياجْ
وقفتُ بباب الطبيبِ عليلاً... لقيتُ ارتياحاً ودون اختلاجْ
وجال الدواء بروحي لطيفاً .... فنعمَ الطبيبُ ونعمَ العلاجْ
وعدتُ معافى ودون سقام... وزالتْ كُروبٌ وطابَ المزاجْ
***
وقفت ألوذ بقلبي حِـمَاه .... وأرقى بذكر له في عُلاه
عروس بثوب جديد مهيب .... يزيد جمالاً بزهوٍ عَلاه
غدا الحب يزهو بقلبي منيراً .... لبيت جميل وها قد أتاه
يريد طوافاً ليرضي إلـهاً ..... ويسعى بسعي مريداً رضاه
****
جراحي تُنادي بِبَيْتٍ عَـتيق .... لربٍ كَريمٍ يُجيبُ الصَّريخْ
إذا ما استقمنا وجِئْنا بِتَوْبٍ .... نَصُوحٍ جَميلٍ وقبلَ المشيخْ
نباعدُ ذنباً صغيراً كبيراً.... كَلَحْمٍ يُباعِدُ عَظْمَ الفَـسيخْ
وهذي الجموعُ تَطوفُ بياضاً .... كأني بها من جَميلِ السَّبيخْ
***
لقد جاءَ جَمْعٌ يَرومُ المَلاذْ .... فكانَ حقيقاً يكونُ المُعاذْ
وكلٌّ يداري على أن يكون .... متينَ اللُّصوقِ شديدَ انْجِبَاذْ
إلى بيت ربٍّ كَريمٍ وَدُودٍ ... فنعمَ الكريمُ ونِعْمَ الملاذْ
يباركُ عبداً ويَحـميه حباً .... يَجُـذُّ ذنوباً لطيف الجَذاذْ
***
بُهرت بنور يعافي المريض ... له في القلوبِ ائتلاقُ وميضْ
ورُحْتُ أغوصُ بشتى البحور .... لأنـهل شعرَ دعاءٍ عَريض
وأدعو بقربٍ وحُبٍّ لربــي .... وحبُّ الرسول بنا مستفيضْ
ودمعي هطول وقلبي عطوف .... وروحي عن الجسم دوماً تفيض
****
تذكرت حلم الخليل مريعاً... يضحي بإبن لديه عزيز
بلطف يناجي صبياً مطيعاً .... لينْجِزَ نَحْراً بأمرِ العـزيز
فلما بدى منه صدق فريد .... وتل جبين الذبيح الحريز
أتاه النداء ببشرى التهاني .... بذبحٍ عظيمٍ لدينا تَـفوز
***
بنظرة حُبِّ وجلسة وِدٍّ .... أمامك كنت لِخير جليسْ
أمتع قلبي بشهد لذيذ .... عصارة ذكر لخير أنيسْ
وما إن رأيت ستارَ العتيقِ .... بقلبي هواهُ أسيرٌ حبيسْ
أوجه وجهي له بـحــياء .... كوجه العروس لوجه العريس
***
شددت الرحال أتوق اللقاء .... أواجه بيتاً وكلي إليك
الهي أعني أكون طهوراً .... لعلك ترضى وذاك عليك
تقبل دعائي فأنت رجائي .... لتمحو ذنوبي أنا مهتديك
تجاوز عثاري فأنت الغفور .... وأنت الرحيم أنا مرتجيك
***
وأذنْ لتأتي الرجالُ جموعاً .... وتأتي النساء بعالي العروش
يلبون رباً بصدق ووعد .... وقلب رؤوم ووجه بشوش
رِحَالٌ أتت من جميع الجهات .... ببحرٍ وجَوٍّ وهَدْيٍ هَشوش
تعود بفيض من الذكر يعلو.... وصدرٍ سليم وما من غَشوش
***
لبيت عتيق أحب إلينا.... فليس له في الدنا من شبيه
وبعد الطواف ونحن نلبي .... يجلجل ذكر بقلب نبيه
فيزداد نورٌ بوجه صبيحٍ .... ليرضى إلهي بوجه وجيه
وبعد الإفاضة يبقى منيراً .... يلبي بقلب بريءٍ نزيه
***
تلونا الكتاب بحبٍ فَساغْ .... وكان النداءُ بِـخَيْر بلاغ
وأذن فيأتوك من كل فجٍ .... عميقٍ شهوداً ودون المزاغ
تَجِدْهُم حشوداً كما في الحساب .... وفي الطوف جمعاً وما من فراغ
كأني بثلج يطوف ببيتٍ .... يلبي جهاراً ودون اللثاغ
***
وهذي المشاعر ترقى بقلب .... فيعلو بِكَوْنِ بـها قد عَلوه
ومن نالَ حظاً من المال حِلاًّ .... أتى البيت حجاً لربٍّ رجوه
فطوبى لرحل أتى من أقاصٍ .... يجر الـهدايا وقَلْبٍ جَلوه
بذكرٍ عظيم يلبُّـون رباً .... ويرجونَ عفواً لـما قَدْ عصوه
والحمد لله رب العالمين