|
قولي أحِبُّكَ قولي أسمعي الوجعا |
قد بُحّ صوتي بذاك الحرف مُذ صُرِعا |
لمْ يبق عنديَ غيمٌ يستظل به |
شوقٌ تفرّع من كفيكِ مُندفعا |
ما عدتُ أملك شطّاً تحتمين بهِ |
حزنُ الرحيل على جفْنيَّ قد دمعا |
أمضي ويلهبُ موجُ البحرِ أشرعتي |
خوفُ المرافئ ألقى في دمي الجزعا |
أمضي وتنزفُ ملء الأرض ذاكرتي |
ويحَ التوجس بالشطآن ما صنعا |
ما زلت أذكرُ كيف استسلمت جُزري |
حين التقيتكِ وانهالَ الندى وَلِعا |
لمّا ابتسمتِ أفاق العمرُ رابيةً |
شدَّ الرحالَ إلى الآمال وارتَفعا |
أوراقُ لطفكِ في غصنِ الهوى رفلتْ |
تنمو وتسكبُ في عينيّ منتجعا |
أشعلتِ صوتكِ في أصداء ذاكرتي |
يسقي الحقولَ شعاعاً بالمنى سطَعا |
كم كنتُ أشرب ضوءَ البوح منتشياً |
يهمي الحنينُ على كفيّ ما انقطعا |
يندى المساءُ على الأنسام منتعشاً |
يتلو النجومَ وهمسُ الليلِ قد خشعا |
كنتِ الرسالةَ للأزهار حَمَّلها |
وهجُ اللقاءِ إذا ما ضوءُه نصَعا |
فوح الروابي إذا ما انساب مبتهجاً |
رسماً تألقَ في ذهنِ الندى طُبِعا |
صاغ الأماني وألقى في مدائنها |
دفءَ التناغمِ عطراً في الربى رَتعا |
كنتِ الملامحَ في وجه المدى ابتسمتْ |
جفنَ التأمّلِ في الآفاق قد زُرِعا |
والآن يغْرقُ في المجهولِ رونقُنا |
أرنو إليهِ ذبيحاً مُثخَناً وقَعا |
الآن صارَ مجاديفاً مزيفةً |
ضوءاً تخبّأ خلْفَ الريحِ منْصدِعا |
أضغاثَ أمنيةٍ شعثاءَ مرهقةٍ |
قد مزَّقتْها شظايا حَيرتي قِطَعا |
سلّمتُ دفّةَ نبضي للنوى وغَدي |
قد صارَ مُعترَكاً فلترقبي الفزعا |
هذا الزمانُ أغارَ اليوم فاجأني |
بالجرحِ ينهشُ في الآفاقِ مُتّسِعا |
هذا الوداعُ أراهُ الآنَ ينظرُ من |
خلفِ التلالِ إلينا بالفراقِ سعى |
حاولتُ صدّهُ عن أسرارِ قِصّتنا |
لكن أراهُ عنيداً ليس مُقتنعا |
ضوءُ النجومِ تمادى في تنصّلهِ |
حاولتُ شدّهُ للإصغاءِ ما استمعا |
جرَّ المعالمَ نحو التيهِ يدفنها |
جرفٌ تساقط أجفانَ الرؤى انتَزَعا |
شملُ التوجسِ كمْ فرّقتُ صورتهُ |
ما إن تفّرقَ حتّى عاد مُجتمِعا |
تلكَ الروايةُ تاهت في مجاهلها |
فصلٌ يضيعُ وفصلٌ حِبرهُ امتُقعا |
الآنَ يركضُ ضوءُ الشمسِ مُنتَحِباً |
والحزنُ يطوي دروبي واثقاً سَرِعا |
تستمتعين بعطرٍ لا وجودَ لهُ |
تستنشقينَ هواءً بالجوى التَفَعا |
همٌ تغمّدَ كالطوفانِ مُنطلَقي |
هلّا وجدتِ لهذا القلبِ مرتفِعا |
ماتَ الرجوعُ وذابَ الرملُ آنستي |
ألقى الكثيبُ أمامي ثوبَهُ الورِعا |
الآن أحملُ في جنبيّ مُتّكَئاً |
للبردِ يُلهبُ جمرَ الثلجِ مضطجِعا |
نهرُ التفاؤلِ يجري وهو مرتبكٌ |
ألقى الضفافَ وناراً ماؤهُ اندلعا |
مدَّ الرحيلُ ذراعيهِ اقتفى أثري |
قضَّ انطواءَ أنينٍ كان قد هَجعا |
تنهالُ فوقيَ أمطارٌ محطمةٌ |
تسقي سهولي ونبْتي سمّها اجْتَرعا |
الآن يَقطعُ حدُّ اليأسِ أوردةَ الغصنِ |
البريء فيلقي في الربى هَلَعا |
ياللأحبُّكَ تذوي في مخارجِها |
تُبكي المسامعَ تكوي شاطِئاً هَرِعا |
يالِلأحِبُّكَ في الأوهامِ موغلةٌ |
ترجو التقاءَ مُضيٍّ بالنوى رجَعا |
ترمي مراكبَ عُمري في ترحُّلِها |
بين العواصفِ متنٌ عزمهُ اقتلعا |
يالِلأحِبُّكَ تهمي من لظى رِئةٍ |
مكسورةِ الهمس منها الدفءُ قد نُزِعا |
سرُّ الحكايةِ أفشى نفسهُ وبدا |
رغم الخمائلِ رغم الغابِ قد طَلَعا |
قولي أحبُكَ إن كانت ستسمعها |
تلك التلاعُ وجذعُ الشمسِ قد قُطِعا |