|
وَغَابَتْ كَطَيْفِ النُّورِ شَفَّافَةُ النَّفْسِ |
فَغَطَّى ظَلَامُ الْبَيْنِ فِي فَقْدِهَا إِنْسِي |
وَمَا وَدَّعَتْنِي كَيْ أُلاَمِسَ نَبْضَهَا |
فَإِنِّي الْتَقَيْتُ الْمَوْتَ فِي رِعْشَةِ اللَّمْسِ |
أَمَلْتُ بِوَصْلِي لِلشَّقِيقَةِ نَظْرَةً |
فَشَقَّ وِصَالَ الرُّوحِ مِنْ رُؤِيَتِي يَأْسِي |
وَلَوْ لَمْحَةٌ قَابَلْتُ قَبْلَ وَفَاتِهَا |
أَنَارَتْ عُيُونِي..لَافْتَرَقْنَا بِلاَ خَلْسِ |
يَطُولُ نَهَارٌ وَالدُّجَى لَيْسَ يَنْتَهِي |
وَيَبْقَى اعْتِصَارُ الْقَلْبِ فِي يَوْمِهِ الْمَنْسِي |
وَلَكِنَّنِي رُغْمَ الْغِيَابِ أَضُمُّهَا |
كَلَيْلٍ يَضُمُّ الْبَدْرَ فِي غُرْبَةِ القَوْسِ |
أَرَى ذِكْرَيَاتٍ قَدْ مَضْتْ كَمُلاَءَةٍ |
تُدَثِّرُ عُمْقَ الْوَجْدِ فِي مُقْلَةِ الأَمْسِ |
فَأُمْسِي بِلاَ دَمْعٍ يُبَلِّلُ صَحْوَتِي |
وَأَصْحُو بِلا نَوْمٍ عَلَى فَرْشَتِي يُمْسِي |
فَإِنَّ الرُّؤَى لِلْأُخْتِ فِيِهَا حِكَايَةٌ |
تُزَيِّنُ دُنْيَا الْوَرْدِ فِي جَنَّةِ الهَمْسِ |
فَهَلْ أَرْتَجِي مِمَّنْ تَوَارَتْ عَبِيرَهَا ؟ |
وَقَدْ ذَبَلَتْ فِي قَبْرِهَا نَشْوَةُ الغَمْسِ ؟! |
وَإِنَّ وَفَاةَ الْمَرْءِ حَصْدُ حَيَاتِهِ |
وَلَكِنْ ثِمَارُ الْخَيْرِ مِنْ صَفْوَةِ الْغَرْسِ |
فَيَارَبُّ هَذِي الأُخْتُ كَانَتْ حَبِيِبَةً |
وَمَا غَرَسَتْ فِي الرُّوحِ إِلاَّ هُدَى النَّفْسِ |
إِلَهِي فَخُذْهَا لِلْخُلُودِ بِجَنَّةٍ |
وَطَيِّبْ ثَرَاهَا بِالرَّيَاحِيِنِ وَالأُنْسِ |
فَطُوبَى لِمَنْ صَانَتْ أَمَانَةِ رَبِّهَا |
بِذَا الْخُلْدِ مِنْ حَرْسٍ تَعِيِشُ إِلَى حَرْسِ |
لَعَلِّي أَرَى مَرْضِيَّتِي بِحَدَائِقٍ |
تُسَافِرُ لِلْغَيْدَاءِ فِي غَابَةِ الطَّمْسِ |
إِلَهِي فَزِدْنِي مِنْ نَسِيمِ شَقِيقَتِي |
إِذَا مَا شَمِمْتُ الطِّيِبَ مِنْ ذِكْرِهَا المَلْسِي |
فَإِنِّي بِلاَ مَرْضِيَّةِ الطُّهْرِ وَرْدَةٌ |
مُمَزَّقَةُ الْأَوْرَاقِ مِنْ شِدَّةِ اليَبْسِ |
وَيَشْتَدُّ حُزْنِي فِي دَوَامِ رَحِيِلِهَا |
فَأَرْحَلُ فِي دُوَّامَةِ الصَّبْرِ مِنْ بُؤْسِي |
وَلَيْسَ تَذُوقُ الرُّوحُ إِلَّا مُرَارَةً |
وَإِنِي بِطَعْمِ الآهِ فَيَّاضَةٌ كَأْسِي |
وَلِي مِنْ تَبَارِيِحِ الْفُرَاقِ مَشَارِبٌ |
عَلَىَ غَيْمَةِ الآهَاتِ أَوْ حُفْرَةِ التَّعْسِ |
كَأَنِّي غَرِيِبٌ فِي مَنَازِلِ هَاجِسِي |
وَتَسْكُنُ ذِكْرَى الْأُخْتِ فِي حُجْرَةِ الْوَجْسِ |
فَأَرْسمُهَا فِي مُقْلَتِي دُونَ لَوْحَةٍ |
إِذَا غَمَّ دَمْعُ الْفَقْدِ وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ |
وَلَسْتُ أَرَاهَا بَلْ أَحسُّ بِوَجْدِهَا |
كَمَنْ يَحْتَمِي بِالظِّلِّ مِنْ حُرْقَةِ الشَّمْسِ |
أُفَتِّشُ عَنْهَا قَدْ أُلاَقِي خَيَالَهَا |
يُشَفْشِفُنِي بِالْحَمْدِ إِمَّا الْتَقَتْ حَدْسِي |