الحب حب لله ورسوله وسائر المؤمنين وهو الحب النافع المطلوب
ويقابله حب شركي كحب الآلهة من دون الله وحب المشركين وأعداء الدين
وهناك حب فطري كحب الابوين والزوجة وغيرها من ذوي الارحام وحب غير ذوي الارحام من الاصحاب والجيران وغيرهم
و القصد هنا هو الحب الناشئ بين الرجل والمرأة والمقيد بشهوة
كما هو معلوم هذا الحب يصلح ان يكون بين الرجل وزوجته -وجعل بينكم مودة ورحمه- وهو يتميز بالاستقرار والطمأنينة ويقوي اركان البيت ويزيد في قوته لمجابهة مختلف الاعاصير, لكنه لا يكفي وتجب معه الرحمة فكم من رجل يحب زوجته وهو يظلمها ويضربها ثم يعود فيعتذر لها باسم الحب!
أما الحب المزعوم بين الرجل والمرأة الأجنبية فهو ما سماه ابن القيم عشق الصور وهو حب الاوهام يصوره الشيطان ولا يمكن ان يخفى بأن نواته شهوة متأججة ولو عزلنا هذا الجانب لما عاد في النفس شيء للمحبوب. فلو فرضنا ان الرجل قد يخبر بان محبوبته لا شهوة لديها او انها لا تملك وسائلها اطلاقا او العكس فسيزول اثر الحب سريعا.
وهو يورث القلق والاضطراب النفسي ولو خفي, فالعاشق لا يملك معشوقه باي حال من الاحوال -لا عقد ولا دليل يحكمه-
وهو حري بأن يزول في أول هزة وهذا هو سر الاضطراب, ضف الى انه معصية اذا تجاوز صاحبه الى طلب الوصال. وسرعان ما يزول بعد الزواج ان حدث وتظهر الحقائق ويغيب اثر تصوير الشيطان فهو الآن يريد التفريق وليس الجمع وهذا هو احد اسباب عدم نجاح العلاقات غير الشرعية.
واذا لم يحدث زواج فالمصيبة كبيرة ولا يسهل تجاوزها
وفي هاته الحال يمكن ان نعرف الحب على انه العشق وهو كما يقال نسبته الى نبات شائك يعلق بما يحيط به فالعشق هنا حال يتمكن من القلب ويلتصق به كالعلقة التي ان بقيت تؤذي وان ذهبت تؤلم ومادته صورة المحبوب -وليس جوهره- التي تتصل وتخالط القلب في اعماقه وفي اسباب تفكيره-القلب- فيضطرب وتشوش عليه اموره فلا يفكر الا والصور تصاحب تفكيره فتنطلق الافكار -مهما كان نوعها- الا ومعها نسخ من الصور المخزنة فتظهر الفاظه وفعاله غريبة فيها اثر العشق وقد تطغى ولايصبح للعاشق من افكار سوى ما تنسخه هاته الصور وهو اشد انواع العشق.
وهو ما يشبه الحرارة والشعلة في قلب الانسان ممتزجة بشيء من المادة الحلوة التي يستطعمها القلب وشيء من الرائحة العطرة والبخور والطيب كعطر الورد العبق والمذهب لجزء من حضور العقل فتطرب لها الروح وينفتح لها الصدر وينشرح ويتخدر القلب وتتلون جدرانه بصور المحبوب فلا يملك لنفسه امرا الا الاستسلام فقد اوتي من جانب العقل باسباب متعددة متنوعة تصب كلها في منبع واحد مزيج من العطر الأخاذ والحلاوة المذيبة والصور الماتعة والشهوة المتأججة فانى له المقاومة, وهذا هو سر استعمال الفاظ تتعلق بالحلاوة والعسل والعطر والازهار عند العاشقين وكلها تعبر عن عشقهم, ولكن العاشق لا يميز هاته الاصناف كونها ممتزجة فيما بينها ولا يتذوق الا هذا المزيج ولا يعرف له سببا ولا يعرف سببه الا حاذق. تنبعث هاته الاصناف كلها عند رؤية المحبوب فتطابق صورته الصور المخزنة في قلبة قيستبشر القلب ويتهلل الوجة و ينفتح القلب وتتصدر الجوارح ويغيب العقل ويذهل صاحبه وربما يركع لمحبوبه. ولا جرم ان هاذا كله من عمل الشيطان ووساوسه.
واذا غاب المحبوب او شعر العاشق بخطر فقده ابتعثت مشاعر الاضطراب والقلق ممتزجة برائحة الخوف والدخان وطعم الحريق وحرارة النار فيصبح القلب كالحديد المحمى يؤذي سائر البدن.
واذا تيقن المحب من زوال المحبوب احترق قلبه وطغى دخان الاسى وانكسرت صور المعشوق وذاق طعما كالحنضلة فيظهر ذلك في عبوس وجهه واندهاش عقله وبكاء الجوارح وفقد الهمة وقد تؤذي هاته العناصر بدنه فتفسده او بعضا منه وقد يموت صاحبه وقد ينتقم من معشوقه وهذا ما يشهد له حال العاشقين.
ويصدق هذا في سائر انواع الحب حتى العبادة الم ترى الى قوله تعالى:
"وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون "
والاشمئزاز : شدة الكراهية والنفور ، أي كرهت ذلك قلوبهم ومداركهم .
والاستبشار : شدة الفرح حتى يظهر أثر ذلك على بشرة الوجه ، وتقدم في قوله ( وجاء أهل المدينة يستبشرون ) في سورة الحجر . تفسير منقول.
والطريق الى الخلاص من ذلك كله هو البعد عن اسباب العشق عموما وعن اسباب هذا العشق خصوصا باجتناب المحبوب وصوره واثره بل السفر الى مكان لا يعلم فيه شيئا عن محبوبه مع صدق الالتجاء لله تعالى فيما ينقل عن شيخ لاسلام ابن تيمية رحمه الله ان صح العزو.
هذا والله أعلم
وددنا لو اننا نذكر اكثر من هذا ولكن دخل داخل فتراجعت الافكار وضعفت الهمة و اقصر القلم.