كانت هذه أبياتا في مطلع الثورة الشعبية في سورية، عندما اقتحمت الدبابات بانياس بعد درعا، فتصدى لها نساء بانياس.. وشباب بانياس.. واستمرت الملحمة إلى اليوم وقد مضى على انطلاقتها تسعة شهور
يا أهلَ سوريّةَ الشّماءِ في القممِ
يا مركبَ المجدِ.. مجدِ العُرْبِ والعجمِ
يا رايةَ الحقّ والأحرارُ نبضتُهُ
هاماتُهم في سماءِ العزّ كالعلمِ
لبّيكِ درعا وفي قلبي مواجعُها
دماً يُراقُ على الكثبانِ والأكمِ
من أضلعٍ نزفتْ والحقدُ يقذفُها
في المسجدِ العمريِّ اليومَ بالحممِ
إرثٌ قديمٌ لحقدٍ غيرِ منقطعٍ
فَسَلْ دمشقَ عنِ الأحقادِ والرّجمِ
ذكرى بمسجدِها لمْ تندملْ أبداً
هيهاتَ هيهاتَ والأحقادُ لمْ تنمِ
فإذْ دمشقُ تنادي الأهلَ في حلبٍ
وإذ حماةُ شبابٌ صادقُ الهممِ
واللاذقيّةُ هبّتْ دونَما وَجَلٍ
وهبَّ في حمصَ ذو بأسٍ وذو قدمِ
كردٌ وعُرْبٌ على الإسلامِ يجمعُهم
معَ الكنائسِ في سهلٍ وفي علمِ
قدْ وحدّ الوطنُ المعطاءُ خطوتَهم
على التّآخي برغمِ الشكّ والتهمِ
هلْ فرّقَ الأهلَ إلاّ حقدُ طاغيةٍ
كي يستبدَّ على الأهلينَ والتّخمِ
لمْ ينجُ شيخٌ من الإجرامٍ مستعراً
لم ينجُ طفلٌ منَ الأصفادِ والنّقمِ
و"طلُّ" تشهدُ.. والقضبانُ شاهدةٌ
وهامُ "هيثمَ".. والتنكيلُ بالقلمِ
بئسَ الرجولةُ.. لا وجدانَ يعرفُهُ
حكمُ العصاباتِ إثماً غيرَ منبهمِ
إنَّ الرجولةَ في بانْياسَ موطنُها
حيثُ الشبابُ جدارٌ غيرُ منثلمِ
يحمونَ بانْياسَ أجساداً ممدّدةً
صدّوا بها رَتْلَ دبّاباتِ مقتحمِ
إنّ الرجولة في بانْياس موطنُها
وليسَ في جوقةِ الأتباعِ والخدمِ
مُعربدينَ بلا عقلٍ ولا خُلُقٍ
في مجلسٍ أتقنَ التصفيقَ للصنمِ
فدعْ رجولةَ أشباهِ الرجالِ لمنْ
يحاصرُ الأهلَ في بانْياسَ بالرجمِ
وانظرْ حرائرَ بانياسَ التي انتفضتْ
واسمعْ لصوتٍ تحدّى إثمَ ذي صَمَمِ
أَنا الأبيّةُ من بانياسَ يعرفُني
شعبٌ يدوسُ خطامَ البغيِ بالقدمِ
هيهاتَ تقهرُ بالطغيانَ الحرائرَ إنّـ
ـي "حرّةٌ.. حرّةٌ".. يا فاقدَ الذممِ
نيرو وفرعونُ والنمرودُ ما بلغوا
تلكَ الحماقةَ إجراماً بلا ندمِ
وحشٌ يعذّبُ أطفالاً بمعتقلٍ
ودمعةُ الأمّ تُبكي الوحشَ في الأجمِ
قدْ أتقنَ الوارثُ السفّاحُ سفكَ دمٍ
وضحكةَ الأبلهِ بغياً غيرَ محتشمِ
منذا يقهقهُ منْ نزفِ الدماءِ على
وقعِ الأنينِ سوى المعتوهِ ذي الوصمِ
أحاكمٌ أنتَ.. والأحرارُ في رسفٍ
أحاكمٌ أنتَ.. والأعوانُ كالبهمِ
يا منْ ترونَ إباءَ الشعبِ منقصةً
والقتلَ مأثرةً والشرَّ في القيمِ
غوروا.. فقد سئمَ الأحرارُ مشهدَكمْ
ولا بقاءَ لوكرِ الظلمِ والظلمِ
البغيُ صنعتكمْ والفتكُ ديدنُكمْ
والبطشُ إرثكمُ عنْ فاسدٍ وخِمِ
وتنسجونَ أساطيراً ملفّقةً
حتى غَدوتمْ بها أضحوكةَ الأممِ
فترسلونَ "عصاباتٍ مسلّحةً"
وتَتْهمونَ بها شعباً غير متّهمِ
"شبّيحةُ البعثِ والزعرانِ" نعرفُها
فبشّرِ الشرَّ والأشرارَ بالعدمِ
وكمْ زعمتمْ ثباتاً في "ممانعةٍ"
وما حفظتمْ سوى الكرسيِّ والوصمِ
لتنهبوا ثرواتِ الشعبِ في دَأَبٍ
وتدفنوا صرخةَ الجولانِ منْ ألمِ
تأبى العروبةُ طغياناً بلا نسبٍ
والظلمُ للعُربِ عارٌ غير محتشمِ
يأبى المقاومُ تجّاراً برايتِهِ
لمْ يطلقوا غيرَ أطنانٍ من الكَلِمِ
تأبى فلسطينُ خنّاساً يساومُها
وفاجراً يرتدي أثوابَ معتصمِ
ما حرّرَ الأرضَ طاغوتٌ بطغمتِهِ
أو حرّرَ الأرضَ إفسادٌ بلا شممِ
فأسمعِ القدسَ أصداءً تردّدُها
ثوراتُ حقٍّ بأرضِ العربِ كلّهمِ
قدْ أطلقتْ سوريةُ الأمجادِ ثورتَها
والكونُ يشهدُ والطاغوتُ في رَغَمِ
سوريةُ اليومَ أحرارٌ وألويةٌ
فارحلْ.. كما رحلوا أَوْ فَابْقَ تَنْهزِمِ
واخضعْ لحكمِ قضاءِ الشعبِ ممتثلاً
بالعدلِ يا مَنْ وأدتَ العدلَ في الرممِ
سوريةُ اليومَ في العلياء شامخةٌ
بالحقِ والعدلِ والإحسانِ والقيمِ