أسعد الله أوقاتك أستاذ أحمد
الشرح :
1- ما قصدت بشأو و رُغاً
بعد أن كنا ياشآم ذوو شأوٍ عظيم . وسابقون ومتفوقون على سائر الأمم بحضارتنا ومجدنا على مر التاريخ ....
الآن بعد هذا الإقتتال بين أبناء الوطن الواحد ، والدمار الذي حل بالبلاد والعباد ، والحضارة التي تُدمر بأيدي أبناء الوطن ،أين صار موقعنا بين الأمم ؟
فكل ماتبقى من تفوقنا وسبقنا ( هو رغاً – جمع رغوة ) ..أي لاقيمة لنا ! رغاً تماثل العدم ( العدم نقيض الوجود ) وهو توكيد على أن الرغا لاقيمة لها وهي كالعدم .أي لم يعد لنا أي اعتبار بين الأمم !
جميل جميل , أردت التأكد مما أتيتَ به , وعلى ذلك أقول لك إن " عدما " جاءت حشوا زائدا عن المعنى , و القاعدة تقول كل زيادة في المبنى يجب أن يرافقها زيادة في المعنى ... لذا أقترح عليك القول : رغا و دمى ... إن لم تكن قد استعملت دمى في مكان آخر .
((شَأو :
شَأو :-
1 - شَوْط ، مسافة :- جرى شأوًا بعيدًا .
2 - أمد ، غاية :- بلغ شأوًا عظيمًا :-
• بعيد الشَّأو : طموح , عظيم الهمَّة .
المعجم: اللغة العربية المعاصر ))
أبق اعتمادك على أمهات المعاجم , و لابأس أن نستأنس بالحديث منها , و في هذا الرابط ما يغنيك إلى حد ما :
الباحث العربي ( عدة قواميس )
http://www.baheth.info/
2- لاربح في وطنٍ الدمعُ فيه همى !
وطن الدمع .. فيه كسر لأنها تقرأ هكذا : وطنِنِدْدَمْعُ ////0/0/ .. لا يوجد في البسيط أربع حركات متوالية .
و كذلك المعنى مضطرب في هذا العجز .
وطنٍ ( بتنوين الكسرة ) وليس بالكسرة ، ووزن الشطر صحيح ، : /0/0//0 ///0 /0/0//0 ///0
وربما الخطأ في ثقل لفظ التنوين في نون وطنٍ وبعدها الدمع ..
نعم هي بتنوين الكسر و لم أقل بالكسرة , لكني كتبتها لك كتابة عروضية حتى يتضح لفظها لفظا عربيا سليما ,
لنعد إليها و نر : " لا ربح في وطنٍ الدمعُ " .. إلى الميزان :
لا ربح في * وطننْ * أدْدمع في * هِهمى
/0/0//0 * ///0 * /0/0//0 * ///0 ................ هكذا حسب قراءتك ليستقيم الوزن معك حيث جعلت همزة الوصل في " الدمع " همزة قطع " ألدّمع " و هذا خطأ لأنه ضرورة في غير محلها . أما القراءة الفصيحة السليمة فهي كالتالي :
لاربح في * وَطَـنِـنِ دْدَمْعُ في * هِهمى ..
/0/0//0 * ////0 /0//0 .... لماذا حركنا النون الثانية الساكنة أصلا بالكسر ؟ بسيطة .. للاتقاء الساكنين و هذا معروف لغة لا يلتقي ساكنان في اللغة العربية أثناء درج الكلام أحدهما في نهاية الكلمة الأولى و الآخر بداية الثانية .
أما في كلمة واحدة فيمكن أن يلتقي ساكنان , مثل الطامّة الضالّون .
أرجو أن تكون المعلومة وصلت , و إلا فأنا مستعد للتوضيح أكثر إن كان بقي لَبْسٌ فيها .
كذلك قلت لك المعنى مضطرب , لماذا ؟ ... إن الدمع إذا همى لا يكون دليلا على فاجعة , لكن لو قلت النواح أو النوح أو العويل لقبلنا منك المعنى .
ولكن بغض النظر عن ذلك ( سبحان الله .. فلقد استقبحتُ موسيقاه وشعرت بشذوذ اللحن – في القافية – رغم صحة الوزن ، منذ كتبته ، وعلى كل حال استبدلته بالشطر التالي :
صار العويل على الأبناء مفخرة
والحتف يمرح في الأرجاء مبتسما !
أرأيت كيف جاء هذا لبيت معبرا لا شطط فيه و لا ترهل و لا حشو , كل كلمة في مكانها و جئت بصور رائعة في العجز و معنى راق في الصدر .
3- في قاسيونك ثُلَّ العرش وانحطما
لا أدري لم أحس هنا أن المعنى غير سليم .. فهل العرش كائن في قاسيون , و لاتقل أنك تقصد دمشق أو الشام , لأنك ببساطة استخدمت هنا رمزا .و هل العرش تحطم و هلك فعلا ؟
لو تمعنت ياسيدي فيه مرة أخرى ربما ستجد المعنى سليما ، أشرحُ :
إن المعالم الأساسية – الجغرافية - للشام ، لمدينة دمشق ،منذ فجر التاريخ ، ثلاث :
غوطتها الغناء ( التي تغرق الآن – فعليا - بالدماء ) ، ونهر بردى ( يفيض الآن بدماء أبنائه ) ، وجبل قاسيون الذي عبّر عن شموخ المدينة وكبريائها عبر التاريخ ،
( قاسيون رمز لشموخ المدينة .. ، والعرش هنا يرمز طبعا للشموخ ) :
هرعت الغوطة المدمّاة إلى بردى الذي يفيض دما هو الآخر : قالت : يا بردى ..أنعي إليك شموخ قاسيون .. الشام ،
: الغوطة رمز العطاء ، وبردى رمز الخير ، وقاسيون رمز الشموخ .. فماذا بقي من دمشق !!!
-نعم ياسيدي .. العرش تحطم وهلك فعلا ، ومن رأى ليس كمن سمع – كما يقال – ،ولتعود دمشق التي نعرفها ، يعلم الله كم نحتاج لغسل قلوب أبنائها !
ربما أسهبت كثيرا ، فعذرا ، وأرجو أن أكون وُفقتُ بتوضيح فكرتي .
ليت هذا الكلام بهذا التصوير الرائع الذي ذكرته آنفا كان موجودا كما ذكرت في بيتيك لكانا بيتين رائعين رائعين و لكنك قلت :
السهلُ يبكيْ على خيرٍ تَوَسَّدهُ
دهراً ، فضيَّعتِ منه الخيرَ والنِعما
هنا أنت عرفت السهل ولا ندري ما يكون هذا السهل , ثم جئت إلى الغوطة و نكرتها , و الفعل يبكي هنا مضارع يحكي حال الحاضر , و في البيت الثني جئت بـ ندبت ماضيا و كأن الأمر انتهى , هذا جعل الترابط بينها ضبابيا .
وغوطةٌ نَدَبَتْ ، تنعيْ إلى بَردى :
في قاسيونك ثُلَّ العرش وانحطما
في ذهني اقتراح و لكني أريد أن أستفز قريحتك الجميلة لتأتي بتعديل يحاكي ما ذكرت و بجمال التصوير الحركي في البيت الثاني .
)
أنتظرك ..