( اللقاءُ العجيبُ )
هذه قصيدة عثرتُ عليها مصادفة وأنا أبحثُ عن ترجمة ناجي الطنطاوي ، أخي العالم الجليل والأديب والداعية علي الطنطاوي – رحمهما الله تعالى - . وقد فوجئتُ بشاعريّته الفذّة المتمثّلة بترجمته لهذه القصيدة . وقلّما تجد ترجمة لشعر حافظت على روحه الأصلي بلغته التي كُتب بها .
عنوان القصيدة: " اللقاء العجيب "للشاعر الفرنسي " أندريه شينيه " ، وهي تصوّر الشاعر العاشق وصاحبتَه تائهَين في الغاب, كلٌّ يطلب الآخر ولا يجده ويبحث عنه ولا يصل إليه, فتقول :
هي :
أيها الغابُ, هل رأيتَ حبيبي * قُربَ ماءِ الغديرِ عندَ الغــروب؟
كمْ صباحٍ أتاكَ بلْ كم مساءٍ *عندَ همسِ الصَّبا وشدوِ الجنوبِ؟
سوفَ أُصغي لكلِّ صوتٍ بعيدٍ * فلعلّي أحظــى بـهِ مِــن قريــبِ
ويقول هو (وهو في الجهة الأخرى من الغاب, لا يراها ولا يعرف مكانها ) :
إيهِ يا موجةَ الغديــــرِ ســلامًا * يا عروسَ الماءِ النّميرِ السَّكوبِ
اِحمِلي لي حبيبتي فهْيَ عندي * زهرةُ الحبِّ, فَوقَ غُصنٍ رطيبِ
كمْ لثمتُ العشبَ الذي وطئَتهُ * قدماها في الغابِ دونَ رقيــــــــبِ
هي:
آهِ لو يعلَمُ الحبيبُ بشـــــوقي *وحنيني وحُرْقتي وشُحوبي
هلْ أراهُ في الغابِ؟ إنّ خيالي * لَيراهُ في ذا المكانِ الرّحيبِ
سوفَ أدعوهُ بابتسامٍ وعطفٍ * فعساهُ يكونُ يومًا مُجيبــي
هو:
رَبِّ هبْ لي رُحماكَ صبرًا جميلاً * إنّما الصبرُ جنّةُ المَكْروبٍ
هلْ أتاها أنّي لَيخفِقُ قلبي * لِسَماعِ اسمها الجميلِ الطَّروبِ؟
سأنادي دومًا بصوتٍ حنونٍ * علّها أن تُجيبَ صوتَ الحبيبِ
هي:
آهِ إني لمَحتُــه فأعِنّـــي * يا لساني في ذا اللقاءِ الرهيــبِ
أهُنا أنتَ؟ إنّ ذا لعجيبٌ * أنا وحدي في ذا المكانِ الرحيبِ
لم أفكّرْ في أن أراكَ ولكنْ * جُزتُهُ نحوَ بيتِــيَ المحبــــوبِ
هو:
أنا ألهو برؤيةِ الموجِ وحدي * وذُرى الزَّيْزَفونِ تجلو كُروبي
لم أفكّرْ في أن أراكِ أمامي * لم أفكّر في ذا "اللقاءِ العجـيبِ"