ــ
أن تكتب دون أن تُحلّق في رأسك فكرة ..فكأنك تصيح ولاتُفهم ,صوت بلا كلمات ولا معاني ولا لغةُ أيٌ من البشر, لكنها لغةٌ لكل البشر في الوقت ذاته , إن زادت حدة الأنين على وتره , وعلا وجهه الحزن حتى تبيض عيناه , سيعرفك الكل برنة صوتك , بنشيجك ,كم البكاء حار؟ وكم صوت صياحك يُخبث وجه الفرح ؟ وأما اللغة في جوفك لازالت تنتظر هلول إشراقةَ فكرة, تتدفئ تحت أشعتها , لن تتقدم خطوة إلى فهم واعٍ دونها , كاأغنام المرج هيّ , تزج ُ مسؤولية البحث عن طعامها عليها , ستموت حتما إن لم تمنعها جوعها هذا .
لست هنا أدور حول حمى الحرف ولكنيّ أسبغ على نفسي بعضا من سقم يومٍ , تطير من على حافته الأفكار مهاجرة , ولا اتمكن من صيد واحدٍ منها ,وليس هو الخذلان بقدر ما أن تفقد الصور التي تحرك مياهك الــــ بلا موج . ابتعدتُ كثيرا عن الصخب , وعن دفع الناس لي بأكتافهم , لا أفهم متى يضحكون, ولا كيف , أصبح لي معاييري الخاصة , وليس من الآن ولكن منذ أن وعيتُ فـ صنعت كهفا لي , ولازلت أواريه عن عيون الناس , كم بعيدة أنا ؟!
ولا ألوي حالياً على اقترابٍ من ضجيجهم ...ولا حتى إلتفاتات عيونهم , لن ينالني سوى التساؤلات , وأنا ملولة منها ..مع أن في حياتهم كشف لي وحياة تُضيّع بقية من جهلي اللامحدود, لكن هي التناقضات ما بين لابتي روحي هذه .
ــــــــ خلود : ليه جوالك يا أماني مقطوع عن الخدمة .
= سئمت من دفع الفواتير لشركة الإتصالات على خدمات لا تفيدني, أو هو حالة انزياح تحل بي عن كل ما يدور في حلقة الناس ,
أمممم .. حقيقةً لا أريد الحديث مع الواقع ...فحسب .
ليس ثمة خوف في قلبي بقدر ما أن لا يسألني أحدهم عمّا انجزته ؟
سؤال عميق , يحدد قيمة الفشل بعددٍ , والأعداد قميئة, حادة , قاتلة, لاترتكب خطأ الفلسفة البلا معيار , حقيقة الرقم كنجم السوبرنوفا أوضح ما في النجوم كلها ..لمّاع لن تطاله يدُ لتُنكره أو تُغشي ضوءه , قصيرٌ حده , وكبيرٌ معناه , قيمته متجهة لمعنى الخسارة أو الكسب إما هذا أو ذا ..لاوسط بينهما مطلقا مطلقا , وعلى هذا فإن موعد النتائج مخيفٌ جدا, ويقف الترقب واجفا مرتعدا على بابه ..حتى يعلم ما تحّصل عليه .
واتسأل عني أنا ,هل انجزتُ؟! وأكرر ..هل انجزت ؟!
فيصبح السؤال في روحي دوامة إعصارٍ ثقيل , سريع , خاطف لكل ما يعترضه يُجلّي كل سطح ويحيله مرآة ينعكس عنها وجه الفشل , كالتورنادو ..نعم كالتورنادو هوَ....لاينفك عن إقتلاع كل ما يمر بدربه.. حتى ظننت أنه سيأخذ روحي .
هذا ليس سؤالٌ بل ملف عاطل لاتستقبله أدراج كل الأعمال ,و الواقع موظف فاسد يعمل لصالح جيبه لايدعك قط تعبره إلا ودفّعك ثمن مرور إجابته , وجيبك خالي الوفاض .
عني أنا قد بذلت وتعبت , فكرهت السؤال يقف على باب فشلي ليسأله عما فعلت في يومي ؟ عما فعلته للدنيا او للآخرة كلاهما مُدرعان بضدية كل مغانط الأرض, تجهّلتْ بوصلتي ...فكم هو مؤلم ضياع الإتجاهات؟!
هي الخيبة والغصة إذن .. إن طرقت الجدران بحثا عن باب ولم تجد سوى أعمدة خرسانية مُثقلةٌ بالفولاذ عصيةٌعلى الكسر, والطي والإنحناء ولا الإجتثاث يُجدي , جذورها قد تعمقتْ , والواقع بشع , خسيس يبهرج ويعلن عن خدماته وعن مميزاته التي لاتنقطع كل حين ,لتتزايد حاجتك محاذاة لمعاناتك , وأنا الفواتير قد ثقلتْ موازينها عليّ , لذا تجاهلت كل الإنذرات بالقطع للخدمة , ليس في يدي حيلة الدفع , والعزلة كفتني المؤونة , أقساطها مريحة جدا , لاتدفع لها إلا متى رغبتَ في بكاءٍ , وتلهفٍ لما خلف الأبواب المغلقة ..وو قتها أحاول عدم التفكير إلا في التلهّي ..نعم التلهّي وسيلة خادعة ,هي لاشك حياة البائسين هذه, و خالية من أجهزة استقبال تبثْ عبرها طاعون الخيبات , والناس يكرهون ما يذكرهم بذلك, هروبا , ليس من أحد يريد سوى التمني والحلم بما ليس في أيديهم , هكذا عودتنا أسقامنا أن نعيش لنطلب مزيدا من ماليس في الإمكان, ونظل نركض خلفه , كلعبة تسالي لانهاية لها , حتى يدقنا الموت في خواصرنا ليركلنا في حفرة عزلى من الحياة .
أنا اليوم انتظر غروب شمس عزلتي , ولست متاكدة من مروري بالقرب من ظاهرتي الحيوية /دوافعي / كوامني / شيء ما قريب من مفهوم هرمون الادرينالين متربع في دواخلنا , شيء ينطح الكسل ,ويشج رأس الوقوف ... شيء ما يجعلك كافر بكل تقاليد اجراءات الواقع الخاذلة لك كل آنها , أو زوبعة تعتمل في الروح , نبوءة تنبئ عن قدراتنا التي نجهل , ولكنها همستْ في أذني ..أن أكون أنا والصبر كهاتين ( وأشارت بالسبابة والوسطى وألصقتهما ببعضهما ).
ولازالت الفكرة تجفل كلما اقتربتُ منها , لكني جلستُ حتى تأمن لي وتستريح , أغريتها بكومة من عشب الإجابات , يبدو أنها تفكر الآن بلاقتراب رغم التردد الذي يعلوها , ستقترب حتما فلإجابة طعمها مغري جدا .
الله ,
ربٌ يحمينا , فعلاما ننفق أفكارنا في كيف التخلص من غبار الواقع ,..
هذه المرة تفككتُ حقا من كل ما يقع في خانة الــ ما بين أيديّ الناس لأحصل على ما أريد , حقا تفككتُ منه بكل ما أقدر عليه , واتجهتُ للذي خلق كل شيء . ما أغباني هل يعقل أن يتمسك شخص بما عند الناس ويترك باب الذي فطر السماء والأرض, خلقني , خلق الإنس ,والجن خلق الشياطين والمردة والكافرين والكذابين والملاحدة , ورزقني , وهو الذي يُميتني ...خلق كل شيء ..خلق كل شيء ؟! فعلا ما أغباني.
ليس ثمة خوف هذه المرة ...أقسم بالله أني بصحة جيدة , ولا أخاف من قطيع الفاسدين , فليفعلوا ما شاءوا وإن الله مع الصابرين .
.