مجرد ذكرى
كان صوت فيروز يدفئ أركان غرفتها في ذلك الجو البارد، بأغنيتها الشهيرة " حبّ بلا أمل " صبّت في كوبها البني، قهوة المساء الخمرية، و أخذت ترتشفها مستقبلة نافذتها المطلة على الشارع ـ مكانها المفضل للوقوف ـ كانت الأشجار تتمايل و تتمايد، على سيمفونية الرّياح، قطبت جبينها متذكرة حياة كلّها في ومضة، متذكرة أغنية وردة " في يوم و ليلة" بدا لها طيفه من وراء الزّجاج، و صوته يناديها متحديا كل العواصف:" صوتك شعر، بل أنت الشعر حبيبتي." رسمت ابتسامة و أغمضت عيناها بتنهيدة عميقة.
عندما فتحت عينيها لاحظت دموع زجاج نافذتها الضبابي، و كأنّها تعبّر عن دموع قلبها الصامتة، دموع قلب مقرور كطائر ضائع مكسور في يوم ممطر، منزو إلى ركن مظلم علّه يجد فيه بعض الدفء و يستر أنينه الصامت.
لا زال بخار القهوة ينبعث، و صوت فيروز منتش بدفئه في الجو البارد. أذكت دموع زجاج نافذتها الضبابي نشيجا، كانت تظن أنّها نسيته مع مرور الزمن، لم تكن تعلم أنّه احتلّ ركنا مظلما من قلبها الجريح.
و هي سائحة انتبهت إلى غياب صوتها المفضّل الدافئ، و برودة قهوتها، وصوت مذيع يعلن دقة العاشـــــ....
شتاء 2008