..
فقلت معقبا على عشقها المتهافت ....
-------------------------------------------------
أعلم جيدا أن الادب بطبيعته لايربو ولا يزكو إلا إذا اجتلبت له الكلمات الفضفاضة والمعاني المتماهية ..
وقد يعمد الأديب إلى انتقاء الكلمة الحمالة ، ليلقى في روع المتلقى معاني متعددة ، يختار الأخير منها لذائقته ما يروقه ويلهيه ..
ولا ضير .. فذلك سبيل من رام بالكلمات بوحا تتعدد عطاءاته ويطيب مساغه ويحلو في منظر العين رونقه وبهجته وألقه ...
ولكن الأدب الذي ينبغي أن يعكس صورتنا لابد له من جدار عازل يفصل بين الجد والهزل
وبين الشطط والتوسط
وبين الانفلات والانتظام ..
إن من البؤس على القلب الأصيل أن يتناول ما يُطرح من عشق ليعيد قراءته وفق منظومة النجاة التي تحددت سلفا على هويةٍ بيضاء طُبعت في قلوبنا ،واستقرت مفاهيمها في عقولنا وتميزنا بها عن غيرنا ......
فأرى - بصفة شخصية ومصطحبا فهمي - ان مساحة الحب العريضة هذه ، حين تستولي من المرأة على قلبها ولبها ؛ فلن تترك لغير معشوقها مساحة أخرى ...
ذلك لأن القلب إنما خلقه الله كي تتجاور فيه انوع ُمن المحاب .. كلٌ في دائرته التي تحدد حجمه ومقداره ، وذلك لئلا يزاحم بعضه بعضا ويطغي بعضه على بعض ،
ومتى اتسعت دائرة من دوائر هذه المحاب على غير ما ينبغي لها ؛ كان ذلك إيذانا بانكماش دائرة أخرى عن حجمها الذي ينبغي أن يكون لها ..
فيميل القلب عند ذلك ميلة تذهله عن فطرته وتعرقله عن سعيه وتكدر من بياض صفحته ....
وعشقٌ كهذا الذي تبثين لحبيبك الذي لا شريك له في قلبك ، أراه قد ملك زمام صاحبته وتخلل روح من ابتليت به ، ونخر في لحمها وعظامها ، حتى صيرها خلقا ً آخر منفلتاً من كل جاذبية إلا جاذبية معشوقها ... عبدته وانحنت له .. إذا العبادة في جوهر معناها هي كمال الحب مع كمال الخضوع ... وما جاوز عشق هذه المرآة الذي عنيتِ هذا المعنى قيد أنملة .
فرفقا بالقلوب .. وبالقوارير ...