ستؤوبُ حتماً أيها القمر المسافرْ
ونؤوب حتماً إيْ وربّي نلتقيكَ فلا تغادرْ
ستجيء مشتاقا ، وتبتهج الحناجرْ
وترق أفئدةٌ أهان شغافَها الزمن المعاصرْ
وتطيب جنّاتُ الهوى وتفيض روضاتُ المشاعرْ
تحكي أمانينا تقلب بالدفاترْ
تتذكر النفحات تحنانا فلا تنسى الأواصرْ
لتقول للأزمان عدنا نحتسي كأس الأكابرْ
عدنا إلى بغداد مَعْ زمر الحمائم والبصائرْ
ستؤوب حتماً ، يا حبيبي فأنتظر في الباب شاعرْ
ما كان يفعل في النوى غير البكاء على المنابرْ
أو ينظم الدرّ الذي لولاك كان بلا جواهرْ
وينيل وجدان الأثير مدائحاً عن طيب خاطرْ
ستؤوب يومًا أيّها القمرُ السعيدْ
تتملك الومضاتْ تدني كل أسلوب جديدْ
أوَ لست أنتَ مجدّد الأشواق ترياق الجدودْ ؟
حتى ورثت روائع الأفكار والخلق التليدْ
حتى ارتقيت إلى العلالي راجيا نور المجيدْ
ونظرت أزهار الجِنان وأنت في حرم السجودْ
يا سيدي : وأنا الموثق في أنينٍ لي وقيدْ
أطلق سراحي ، ثم أعتقني بوصل لا يحيدْ
أو عُـدْ إلينا يا حبيبي إنه عَوْد حميدْ
فالقلب نادى والعواطف والمشاعرْ
ستؤوبُ حتماً أيّها القمر المسافرْ
فحمامتي ظلّت تنوح جوار زاهدْ
أقبل على نجواي لا تنس المواردْ ...
لا تنس إنك محض عائدْ
تحدو على الأطلال تغتنم المقاصدْ
أقبل لقد ضاءت إشارات المعاهدْ
أقبل علينا لا تباعدْ
لن تنتفي هذي الموائدْ
لن ينتهي شعر الجرائدْ !!
وزهور قلبي حولها النسرين ذائدْ
أقبل وسلْ : أين المجاهدْ ؟
أين الهوى أين المقاصدْ ؟
عطرٌ خفيّ في الحنايا ساحرُ ؟
أم تلك لبنى قد دعاها شاعرُ ؟
أم أنّها ذكرى المشاهدْ ؟
يوم غنىّ فوقها طيرُ الأماجدْ
بوشاحٍ ذوقه زادُ المساجدْ
وضعِ النقاط على الحروف أُخيّا
متأمّـــــلاً تهوى النجوم نـقـيــّا
فالقلبُ يوحي بالجمال كأنه
بدرٌ تمايل في الفضاء عشيّا
وعبير حبي لا يزال وفـيّــا
عَرْفاً يغازل بالشعوب زكــيّـا
سُقيا وصالٍ للقلوب زلالها
فاشربْ وكن في العاشقين ذكيّا
ما كنت تأبـى حسنها متأخّـراً
حتى يصيح الخلُّ قربك : هـيّــا
حتى ترق نسائم الحب التي
تركت فؤادي في الحياة نجـيّــا
أقبلْ ، فكم أفتى بقطع الوصل ناقــدْ !
والنقد فَـهْـمٌ ثم ذوقٌ ثـمّ تمييزٌ مُشاهَدْ
كلٌّ يحب لقُرصِه نار المواقــدْ !
هذا لـــه رأي المعانـــدْ
هذا لهُ قلبٌ ، له وصف الجلامدْ
وهناك ماردْ ..
يستخرب الأفكارَ ظلّ شقيا
يلهو يغامر بالحيا غربيّا
يلهو يجاهر بالحماقه نافثا
في كلّ وادٍ سُمّه عنديّـا
أخلاقــه "الحمراء" شاع سقامها
لـكـنّـه لـمّـا يـزلْ ورديّـا !
سبحان من سوّى النفوس نفائساً
يهب النعيم لمن غدا شرقـيّــا
يا قلبُ مالك لم تبادرْ ؟ وإلى متى في الغيّ سادرْ ؟
ها قد مضى أهل الهوى هاموا على درب الأكابرْ
واسَّابقت أشواقهم ودموعهم بعد البصائرْ
وبقيت وحدك حائراً تبكي تقلب بالدفاترْ
تركوا قصيدك إنّــه في مدرج الأرواح قاصرْ
ساروا وأنتَ مصفّـدٌ بذنوب نفسك والكبائرْ
أضناك همّك والنوى فرحلتَ تلتمس الخواطرْ
وظننت أنك لاحقٌ أنْ قيل يوماً عنك شاعر !
بالأمس تسخر بالردى ، واليوم تتعبك الصغائرْ
يا قلبُ مالك لم تبادر ؟
قد كنت تسأل ما الهوى ؟ ، وتقول انّ الحب عابر!
حتى فقدت جماله .. وغرقت في وحل المخاطرْ
والحب دومًا لطفه في جنّــة العشاق نادرْ
يا قلب مالك لم تبادر ؟
بادرْ إلى أحبابنا وافتح لهم كلّ المعابرْ
عرّج على أنظارهم واغرقْ بها للبين غادرْ
واذكرْ أريج هواهمُ واحملْ نداه بكل خاطرْ
قلبي كفاك مثوبة أبداً لك المحبوب ناظرْ
واعلمْ بأنّ حبائبي سألوا المتيّم والمكابرْ
أين المحبّ أديـبُنـا ؟ أين الفتى أين المشاعرْ ؟
وعلام غاب حديثه ومكانه في الرحل شاغر ؟!
هل كان حقاً حائراً يبكي يقلب بالدفاتر ؟
يا قلبُ هـيّا قلتُ بادرْ