|
أيّ سرٍّ في ضميري يا سعادْ |
كامنٍ فيه مقامُ النبلاءْ ؟ |
لم يزلْ عهدي بهِ في كلِّ نادْ |
وندى عينيك يا قلبي الدَّواءْ |
يوم كنّا نحمل القِـدّاح زادْ |
وشفاهُ الحبّ تروي السعداءْ |
يوم كنّا وهوانا والرشادْ |
أيكـــةً يهفـو إليها الأدبــاءْ |
فإذا ولّى زماني والودادْ |
رحتُ أحدو مسمعا أهل الصفاءْ : |
صفةُ القلوب بأن تكون جميلة |
بل أن يطولَ مع الحبيب بقاؤها |
أن تستغيث بكلِّ غيثٍ ضاحكٍ |
حتى تبلّ أزاهري نَعماؤها |
وتذوب في شيم الوصال أصيلة |
الذوقُ منها والوفاءُ لواؤها |
تهب العيونَ الزاكيات أريجها |
ليشعّ في لبّ الوجودِ سناؤها |
من أعينِ الماضي تـدفّـق نورُها |
وعلى مسافاتِ الطَّريف بهاؤها |
أنا عطرُها ، والشعر بعض سماتها |
وأنا الأديب وفي هواي غناؤها |
أيّـامُ سُعدى عانـقـتها ، فالمدى |
طربٌ ، ومن دفء الجنان رُواؤها |
صفةُ القلوب ، جمالُها وجلالها |
يـتعـانـقـان وللدموع سخاؤها |
طويتْ صفحتي وشتّ الغرابُ |
يا ترى هل بُعيد هذا إيابُ ..؟ |
وانطوينا لنحتسي ذكرياتٍ |
عندها من صدى الخلودِ جوابُ |
واسألوا بهجةَ الحدائق عنها |
والسؤالُ العقيمُ : أين الربابُ ؟ |
أين روحي وفكرتي وسلافٌ |
طافَ منه على الزمان حبابُ ؟ |
أين ثـغـرٌ بـــه تطيب الحنايا |
وقوافٍ لها يحـنّ اللبابُ ؟ |
وانعطافٌ إلى الخدود اللواتي |
رقّ فيها الهيامُ والأصطحابُ |
طويتْ صفحةُ الحبائبِ حتى |
قـد ظننّا أنّ العُذيب عذابُ |
أنّ سِرّ الفؤادِ دون سرورِ |
حيـنـما غافص الرحيلَ سرابُ |
يا نديمي قُـمْ تـفـكّـر بالربيعْ |
ورياحٍ ملء هذا الزمكانْ |
وورودٍ هزّها طفلٌ رضيعْ |
تـتـباهى بحديث الأقحوانْ |
لا صديقٌ قـد رآها لا شفيعْ |
مُـذ تخلّتْ عن مدارات الحنانْ |
ليت شعري كيف ينجاب الصقيع؟ |
وشموس المجد أخفاها الهوانْ |
يا نديمي أنت مثلي في البديعْ |
إنّـمـا زاد الحيارى في الجُمانْ |
فـإذا ولّـى زمـانـي والودادْ |
رحت أحدو مسمعا أهل الصفاءْ |
حُلمُ اليقين على رؤى الأسحارِ |
فاحلمْ لتصدق رؤية الأبصارِ |
خطبٌ جليلٌ أن تروح مغفلاً |
حتى تجـــيء مكلّلاً بالغارِ |
والشكُّ داهية تـنوء بحملها |
إن عشتَ تلعق ريبة التذكارِ |
فالذاكرون سوى الحقائق لم يروا |
ولــذاك قالوا روضةُ الأذكارِ |
ومثالبُ الدنيا مخالب أنفسٍ |
لمّا تـزلْ غربيّة الأطوارِ |
فانزعْ إلى شرق الحياة مغرداً |
كيما تراك عوارفُ الأنوارِ |
ترتاد حائطها بقلبٍ شاعرٍ |
وقتَ الغرام ، ومدمـعٍ زخّارِ |
حُلمُ اليقين أخا المشاعر ثروة |
فانهضْ تأمّـلْ صحوة الأشعارِ |
سَوْرةُ العشق فناء العاشقينْ |
كالثريّا في سمواتِ النضالْ |
تلك من هذي فطوبى للذينْ |
ثـوّروا الأحوال فازوا بالجمالْ |
واستماتوا قرب ليلى وبُـثـيـنْ |
أصّلوا الحكمة تيجان الرجالْ |
يا رعاك الله ركب الوالهينْ |
أينما سرتَ وحيّـتـك النصالْ |
فــإذا ماجئتَ دار الطيبينْ |
فاذكرنّي سائلاً هذا السؤالْ |
أين المحبُّ الذي ريّاه في الزَّهَـرِ ؟ |
وهل لكم مخلص وافاه بالفِكَرِ ؟ |
ذاك الذي ودّكم من غير تــقـدمةٍ |
لكي يلوذ بكم في شِـدّة العُـصرِ |
قـد عاش يحمل عنكم كل مكرمة |
وكم تغنّى بها شوقاً إلى الأثرِ |
هلاّ ذكرْتم ؟ وهل في الأفق بارقة |
تنبيه أنّ قلوب القوم لم تـذرِ |
وإنّ كل مودّات الحمى معه |
تشتاقه وهي تحكي عنه بالعبرِ |
يامن بنيتم من الأ خلاق أروقة |
حتى ارتقى في سماكم كل مفتقرِ |
أين المتـيّـم حاديكم وجيرتـه ؟ |
أين المحب الذي ريّـاه في الزهَـرِ ؟؟ |
أيّها النائي على مرأى السفنْ |
بأبي أنتَ وأمّي من أديبْ |
جرحك الفاغرُ من جرح الوطنْ |
كلنا يلهج عن هذا الحبيبْ |
فاصطبرْ إنّ المعالي رزق مَنْ |
قـدّس الأرض ولم ينسَ الرقيبْ |
هي دنيا مالها غير الكـفـنْ |
إنّـما الأخرى خلود ونسيبْ |