|
عِقْدانِ مَرَّا ، جَنَاني عَاقَرَ المُرّا |
عَانَى الأمرَّيْنَ شَهْرًا يَقْتَفي شَهْرا |
فكيفَ بالرُّوحِ تَسْتسني وفي يدها |
خَمْسونَ سَوْطًا يُماهي عُسْرُها اليُسْرا |
مَا شَامَ من نُهُرِ الوُرَّادِ بارقةً |
وعندَ أعتابهِ أهلُ الهَوى أسرى |
شَوطُ الهُمومِ بَطينٌ ملءَ أوردتي |
ما كنت أنكرُهُ ، لم ألتمسْ عُذرا |
لكنْ رَجوتُ دِلاءَ الحور غاديةً |
تؤوبُ تنشرُ تِلقاءَ الحَشا البِشْرا |
يا طيرُ مَهْلاً أنِلْ عينيَّ مَذهبها |
من عَيْنِكَ الرِّزقُ واسى لوعتي قَطْرا |
إذا شممْتَ رحيقًا من مَعاطِسِنا |
فالزَمْ حمى التينِ والليمونِ والمسْرى |
فالأهلُ ما جهلوا ، بل شرّدوا زَمَني |
وبايعوا القحْطَ ، والثالوثَ ، والشِّمْرا |
عِقْدانِ مَرَّا وما رنّتْ هواتفُهم |
أرنو إليها صَداها ينفثُ الكبْرا |
تنعى الوصالَ كثيراتٌ معاثرُها |
كي تملأَ الكأسَ بالإكسير من عِزرا |
ليتَ الزَّمانَ يردُّ البانَ مزدهرًا |
عسى لِذكْراه تأتي أمّنا الزَّهْرا |
هناك أُخبرُها عن كلَّ ذي مِقةٍ |
أحنتْ لياليهِ شكوى المهجةِ الحرّى |
ها هم بنوكِ عن الأقداسِ قد غفلوا |
أعدى عدوٍّ أتاهم يزعم البشرى |
فسايروه ، وجلَّ الخطبُ ، ما فقهوا |
مغزى الحَضاراتِ ، حتى شيّعوا النَّصْرا |
عِقْدانِ يا أمّنا والليلُ معتكرٌ |
وَبَيْدرُ الفتنِ العمياءِ كم أثرى |
فلا فلسطينُ عادت لا مُحمَّرةٌ |
ولا العراقُ عراقٌ ، لا ولا بُصرى |
والشام مُزَّقَ ، واهتزّت سَما يمنٍ |
والأنسُ من عمرِ المختار قد فرّا |
نشتاق نبكي فلا دمعٌ ولا أثرٌ ولا بساط حنينٍ يرفع الذكـرا |
أمّاه : غالَ ربيع العمر ساسته |
نهوي على الحرْفِ علَّ الحرف يُنجدنا |
نروّحُ الفِكْرَ والتأريخَ والبَدرا |
أو نرتقي من عيون الشعر رابيةً |
ماسيّةَ الوعْدِ تزجي الشَّهْدَ والتبْرا |
كي نسْفعنَّ ثعالي الجهل قاطبةً |
باسم المحبَّة نمضي نسكبُ العِطرا |
فاستقبلي همّة الأبناء داعيةً |
عسى بهم نبتني للمنحنى جسرا |
وثلّة نذروا للضاد أفئدةً |
لم يهتكوا لبني أعمامهم سِترا |
فَأسَّسُوا لسنا العِرفانِ أروقةً |
في بَوْحِهم للمعاني غازلوا الفَجْرا |
بل فَتَّحُوا للنهى أغلاقَ مَنْبَهةٍ |
كرامةً أصّلوا في الواحةِ المَجرى |
لكلّ ذي شَغَفٍ بالذَّوقِ ملتحفٍ |
تُعنى رؤاهُ بمغنى الراحة الكبرى |
عسى تلمُّ شتاتَ القومِ قافيةٌ |
تهدهد الأملَ الموعود والتبرا |
قد تُسلب الهممُ الكبرى بلا سببٍ |
قد تنهب المقل الخجلى ، وقد تعرى |
لكنّ غيثك في الآفاق ، خالدةٌ |
دروبه ، واحتفى عشاقه طرّا |