جلسا هو وهى يحتسيان مشروبا ساخنا أعدته هى فقد جلسا على ملاءة مفروشة على بساط أخضر نبت وسط حديقة ، تحيطهما الأزهار من كل جانب وكأنهما يجلسان فى أحضان جزيرة أرضها خضراء وماؤها الأزهار والأشجار من كل جانب يشعران معا وكأن مشاعرهما واحدة إنقسمت قسمين فى جسديهما، يرى فى عينيها الدنيا الخضراء وفى إبتسامتها وكأن الدنيا داعبته فينسى كل شئ ولا يذكر سوى أنها معه فيرى الدنيا ضاحكة مستبشرة عندما ترفع إليه وجهها المتبسم وعيناها التى تحمل إليه ألف رسالة حب وإشتياق فيداعبها من أن لأخر متعمدا بكلمات تفرحها وتضحكها فتكشف برهة عن نواجزها فيطير قلبه فرحا وإشتياقا إلى إبتسامتها أكثر وأكثر، فقد كان يشعر أنه لا حاجة له بالدنيا دون حبيبته، يتمنى أن يوقف الزمن الذى لم يكن يشعر به وهو فى أحضان لقائها يتمنى أن تقف دقات الزمن كى لا يأتى موعد الفراق وكأنهما إختلسا جزءاً من الزمن معا، يود أن يضمها إليه فتخترق أضلاعه إلى قلبه بجسدها كما إخترق حبها قلبه، ويتمنى أن تذوب الأجساد فتنفذ إلى قلبه بقلبها فيتعانق القلبان معا، سبح كثيرا فى بحور هذه الأفكار والمشاعر وغيرها الكثير ما تعجز الأقلام والكلمات عن وصفه ولكنه توقف فجأة حينما توقفت هى عن ضحكتها وتوقفت الطيور عن غنائها فغاب الربيع بعضا من الوقت، وأدلت هى برأسها فى حزن موجع إنفطر له قلبه فيسألها بعينين حائرتين محاولا إخفاء لهفته لكن ،هيهات ، فتجيبه بصوت ذبيح “نحن لن نكون دوما معا..” أطلقت تلك السهام ثم حنت رأسها فى حزن بالغ فوقعت تلك الكلمات وكأنها سهام نافذه بها سم ناقع إخترقت خاطره فأسكتت لسانه برهة من الوقت ثم مد يده رافعا رأسها بأطراف أصابعة التى بردت فجأة لعله يرى بعينيها كذب لسانها ولكن ذهب سعيه سدى ،
نظر فى عينيها وقال بصوت ذو نبرة عرفتها وأحستها ،نبرة ضمت اللوم والألم قال لها “كيف أطاعك لسانك أن تنطقى بهذه الكلمات رغم معرفة قلبك بمدى حبى لك أوتعلمين أنك بذلك تقتليننى؟؟؟؟”
فلم تحتمل نظراته الأليمة وخفضت رأسها مجيبة: حبى لك أيضا ألم قلبى قبل أن أنطق بها.
هو: إذا فلم نطق لسانك بها؟؟
هى: بل واقعنا هو الناطق.
هو: ولكننا قد نغير واقعنا ولا نستسلم له فيغيرنا.
هى: لن نستطيع.
هو: تملك منك اليأس؟؟
هى: بل الواقع.
هو: إذا كان الأمر كما ترين فكل ما أرجوه منك ألا تحرميننى من أن أراك فأنت تعرفين من أنت إلى قلبى.
سمعت تلك الكلمات وكأنها النار تتملك من فؤادها فلملمت أشياءها الصغيرة وأنصرفت مهرولة دون أن تنظر إلى عينيه اللتان إمتلئتا حزنا ولكنها كانت تشعر دوما بنظراته الأليمة تلاحقها وتستعطفها- نظرات جمعت بين الألم لما وصلا إليه والأمل فى أن تعود إليه.
ومرت دقائق وهو يكاد لا يرى سوى دنيا أظلمت وكيف يرى نور الدنيا وجمالها وهو مسلوب الفؤاد وكأنها أخذت قلبه وولت
جلس بلا حراك يراقب حبيبته التى رحلت والتى حملته ذنب لم يرتكبه ولا إرادة له فى تغييره فقد كان يحلم أن يغير الدنيا بأسرها من صورتها التى هى عليها إلى صورة ترتضيها حبيبته.
أغمض عينيه برهة وإستعاد أحلاما قد نسجوها معا مرت تلك الأحلام أمام عينيه وكأنها فيلما سينمائيا وإنتهى وخرج كل منهما إلى دنياه
ويساءل نفسه هل نسيت تلك الأحلام التى وضع كل منا لبنة فى صرحها؟؟؟؟؟
يكاد الحزن يخطف روحه ولكن الأمل فى عودتها ما زال يحيى فيه رفات ما قتله الألم فما أخرجه من ألمه إلا يدا لمست يداه فأعادت إلي قلبه حياته المسلوبه فقد أحس بتلك الأيدى وعرفها قلبه قبل أن يفتح عينيه وحين إنتبه وجدها هى صرخ قلبه نعم هى …..
نظرت إليه بنظرات معاتبة نفسها ساخطة على ضعفها والذى كاد أن يودى بحياة حبها.
قالت معك سنغير الواقع كما نشاء سمع تلك الكلمات وكأنها سحر سقط على أذنيه فلم يستطع أن يقول بلسانه شئ ولكن عيناه قالت أشياء لخصتها فى دمعة إنهمرت مع إبتسامة بريشة وألوان الأمل أرتسمت.
ود فى تلك اللحظة أن يطير بها إلى السماء ولكنه سرعان ما تذكر أنهما بلا أجنحه.
رأى فى عينيها صرح أحلامها مشيد شامخ لا يميل مع عواصف صحراء الدنيا.
وقفا وقد عانقت يده يداها ينظران معا صوب الشمس الغاربة ملوحة إليهم …. وداعا لــألام يوم ولى ومرحبا بأمال يوم أت.