خالف تعرف والإبداع
تذكرت اليوم المقولة الجميلة " خالف تعرف " و كذلك الإبتسامة التي علت وجه من وجهها إلي قبل أكثر من عشرة سنوات، وكان ذلك لأني قمت بعمل في غير وقته وهذا مالم يعتد الناس عليه، وعندما شرحت أن ذلك لسبب يتعلق بعلم التسويق، ولم يكن عملي من باب " خالف تعرف " صمت محدثي، وعادة ما يواجه المبدعون ما هو أشد قسوة وبأسلوب أكثر استخفافاً من تلك الكلمات، و هذا طبيعي عندما تصدر الأعمال الإبداعية داخل المجمتع الذي لم يتعرف على المبدع ولم يعتد على الأعمال المميزة منه.
هناك كلف كبيرة للإنجازات الكبيرة يدفعها من حقق تلك الإنجازات، لأن البيئة عادة لا تتقبل ما هو جديد كما لا تتقبل التغيير بسهولة، على المبدع أن يكون مستعداً لتحمل تلك النتائج، وخصوصا إذا كان العمل بصمت ولفترة طويلة جدا قبل أن يخرج ما هو واضح وجلي للناس من الأعمال في مجال الإبداع" أي الأعمال التي لا تحتاج لشرح " وبذلك ستختلف مقاومة التغيير لتصبح بشكل خفي عند الكثيرين، وإن كانت الأعمال لمصلحتهم أولا ثم المجتمع الذي يقيم فيه المبدع وقد تصل لمستوى تخدم العالم أجمع.
سعي المبدعين ومن هم على طريق الإبداع يتطلب والوقت والجهد والمال دائما، والوقت يعني الإنغلاق لمصلحة البحث والدراسة والكتابة وهذا قد يكون لسنوات طويلة، ثم مشكلة مواجهة المجتمع بالنتائج وحتى على مستوى الأسرة الواحدة ولدينا في قصة الخليل بن أحمد الفراهيدي وابنه خير دليل، ( مما يعني أن محاربة المبدع قد تكون من الأسرة ذاتها أولا)، وبالطبع هناك المجتمع الذي اعتاد على مكانة مريحة للمبدع " قبل خروج الإبداع منه وبعد الإبداع فإن موقع المبدع داخل المجمع الذي يعيش فيه قد تغيير، وبكل تأكيد التغيير لن يرضي الكثيرين.
أدت تصرفات المجتمع تلك عبر التاريخ إلى الإضرار بالمبدعين والعباقرة والحكماء بشكل كبير جداً، لأنهم لم يستطيعوا أن يجتازوا العقبات التي وضعتها مجتمعاتهم في طريقهم، و القصص في التاريخ معروفة، ولازلنا حتى عصرنا هذا حيث كتب أحد علماء النفس والباحث في الإبداع بأسلوب " منفر جداً " و أعاد عبارته المنفرة من الإبداع مرتين في كتابة " * لذلك أصبح من الضروري السعي للتوضيح بأن المبدعون هم خادمون مخلصون لمجتمعاتهم، وليس العكس، و أتمنى أن تتغير نظرة المجتمع للمبدعين لعل ذلك يساهم في زيادة الأعمال الإبداعية وأعداد المبدعين.
باسم سعيد خورما
• الجملة المنفرة سأذكرها واسم الكتاب واسم الدكتور الباحث في المستقبل القريب إن شاء الله.