لا أملك اليوم للماضي سوى رقعة من وفاء أثبتُّ عليها بعضا من حروف حزينة،وأختم بها عهدا من أوراق قديمة،سطرتُّ عليها يوما لغة إنشائية العقل خبرية القلب فالقلب ثابت على قطعية الخبر والعقل ينشيء بمعادلاته كمقاييس المختبِر ..وبين الإنشاء والخبر يمحو الله مايشاء ويثبت ،وها أنا عدت من رحلة السراب إليك –أديبتي-تتقدم بي عزيمة وتنأى بي ظنون ،عدت إليك وحدك فأنت هنا كنت المعرفة الأولى بين جمع النكرات ،وهنا على التحديد تخاصمنا يوما ،وتراضينا بعد فراق جمعتْ كفينا في كف واحدة حروف من إبداع قلمي ،وأنين مرًّ عليهم واستوقفك ،وحديث عبر الطريق عليهم وأمام اسمك وقف بأمر منك وحدك..وقف في محطة قلمك ليزكًّى بعد ذم الأيام ،ومن خلال عينيك يُقرأ كأحلى كلام.أولا تذكرين –أديبتي-يوم تتبعتْني عينُ عنايتك لتستفز مني شعلةَ غيرتي فاتقدتْ مصباحا أضاء لي الطريق ،وأحاطت بي نصيحتك كذراعي أم طوقت وليدها من وحش كاسر كاد يفتك به لولا عناية الخالق الرحيم..مازلت أذكر فهل تذكرين يوم قرأتُ في حروف قسوتك معنى الرحمة الغائب وأجلى آيات الحب الصافي النقي ! وما كانت حروفا قاسية لكنها الغيم الأحمر أصاب أرضا بورا فحولها خضراء ممرعة.
أديبتي..جئت اليوم تقودني حروف رسائلي التي أحبتك قبلي وأحبتك ساعة غيابي ،أحبتك يا دفء حضنها ،وياملاءة سترها ،نعم أحبتك يا أحلى عين قرأتها فازدادت بها جمالا،ويا أرحم كف صافحتها فغيرت بها أحوالا..هل أعود أدراجي ،أم أنت هنا نجدة الغائب تشتت به السبل؟ ،أأعود أدراجي لأنهم لم يفهموا مني ما فهمتِ أنت !أأعود لطي الأيام ومجاهلها وأنت نور دربي ونبض حرفي !انظري إلى رسائلي وقد أرهقتُها بالكنايات لعلمي أن المعنى المقصود قد فهمتِه أنتِ وبقيت الكناية لهم..وانظري كيف ورّيتُ وضمّنت وشبهتُ واستعرت ليهيموا في بريق الحرف وتعيشي أنت حقائق الحروف كلها..وهل من غرابة أن يكون الجسد لجلاسه والفؤاد لمحبوبه!!..ولاغرابة أن يضحك الحرف في عيونهم ويبكي شوقا في ناظريك ،ويمر ضيفا على عتبات خواطرهم ليستقر في إنسان عينك ،وسواءِ فكرك ،ومخزون ذاكرتك فتذكرينه مهما غيبته صفحات الأقلام ليعود إليك يسامر خلوتك ،ويحرك سكون همك .
أديبتي..صدقيني لو قلت لك سأستعذب البحرلو كان من يديك نزفه ،وسأتستبرد النار لو قلت لي إنها عتبة وصلك ،وسأحتضن الشمس لو كانت مهر قربك..فماذا بقي إلا انتظار التفاتة المتحكم في سير قلب أراده وأحبه.