أَتَدَللُ موتا

يا ساقية الحانة
صبي لي قدحا من إِمساءِِ ثَمِلِ
السهدُ سقاني ألحانه
ومضى يعصر قطر العين
فشربت النخب على عجلِ
كي يُنسيني
كي يُخبيني
كي يُنجيني من تيه السبلِ
أمطرت رجاء فوق غَدي
فغدا ينبت بالألم
طوَّفت بكل الأبواب
أتسول صبرا
أستوهب جبرا
فحصدت الصفر بملىء يدي
ورجعت بكامل ظلي
أستجدي قبرا
أودعه حُلْمي
فيُشيحُ الموت بِمِنْجَله
أن ليس الآن يموجُ دمي
يا بائعة الخمرةِ
هاتي صمتاََ
قلبي ظَمِيءٌ
عَطِشٌ
لا يرويه الشَّدو على أغصانِ الذكرى
أو تُنشِيه الشَهوة سُكْراً
أَلْجَأتُ ضياعي للأملِ
فغدا صوتاً
يجرح هَدأةَ قلبي
وغدا سوطاً
يجلد ستر الحُجُبِ
وتجلى ضعفي مشنقةً
تتدلى من فوق السحبِ
يا نَادِلةَ المَسْقى
صُبِّي غَسَقَا
علَّ الكُحْل إذا ما أَسْقَى
يَجمع شَعْثِي الآبقَ نَسَقَا
قالت مهلا
كلُ كُؤسِكَ لا زالت مَلأى
قلت حرام أن أتجرع خمرا
صبي لي مُرّا
واسقي لي عِبَرَا
إني أتحين نبأ
إني أرتقب الموت
إن يغمرني ينمو وردا
تهديه امرأة لحبيب أوغل بُعدا
يطرح حلوى
ترجع ضحك صغار الشام
يثمر سلوى
تحضن أما في بغداد بكف غمام
إن الموت إذا عانقني أضحى قمرا
يرسم للسمار الخَطوا
ويغني للقدس نشيد العود
يتفجر في بيروت بحارا من ألحان
وفي صنعاء فَرَاديسا من ألوان
إني أشرب وقتا
حتى أَرْدَى مَيْتَا
فالناس تُحب الموتى
الناس تُقدس موتاها
الناس تُدلل موتاها
وتُعَلق موتاها في الليل نجوما
ماذا لو يَنْقُشُني في حُب فتاة قلبا
يَنْشُرُني فوق بُحُور الشِّعْر غُيوما
يَتْلوني سطرا سطرا
حرفا حرفا
حُبا حُبا
يحفرني في صدر الأيام رسوما
قالت حاذر خلفَك موتُك
موتُك خلفك
قلت الآن الآن سأرقى
لملم يا موت شتاتي المِزَقَ
وارفعني نجما
كي أحضن كل الموتى
نجما نجما