في الأفق شيء يلوّح، وسلة غذاء الوطن العربي تستغيث وتستجدي من يغذيها!!
أرض النيلين، بخصوبتها المترامية الأطراف، كانت أمل الكثيرين - منها تخرج الغذاء والكساء والدواء - أرضٌ بموقعها الاستراتيجي عبرت اللغة العربية إلى سائر بلاد أفريقيا، فيها تتوحد الإثنيات والقبليات تحت مظلة العروبة والاسلام، فيها ومنها انتشرت المحبة والسلام والإخاء بين العالمين.. بل انتشر الاسلام فيها دون عقبات وعثرات لأن انسانها مسلم بالفطرة قبل انبثاق نور الاسلام.

ماذا يحدث في بلاد النيلين؟! وما وراء هذه الحرب الطاحنة والدائرة فيها (ومن الذي يقاتل من ومن أجل ماذا؟؟!!) قبل الإجابة على هذه الأسئلة لابد لنا من وقفة متفحصة.

الوقفة الأولى: دار الوثائق - ما علاقة هذه المؤسسة التي تحفظ أرشيفاً كاملاً عن الوطن وعن أوطان أخرى، بالحرب؟! لمَ الأطراف المتحاربة -تعمدت- تدمير هذه المؤسسة والتي تحميها كل القوانين والأعراف العالمية ؟؟!!
الوقفة الثانية: دار النشر - قيل القاهرة تؤلف وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ - لماذا امتدت يد المتحاربين إلى هذه المؤسسة التي لا علاقة لها بالحرب وكان من الأجدر على القوتين حمايتها!!
الوقفة الثالثة: أرشيف الإذاعة والتلفزيون: من المعلوم بأن السودان يأتي في مقدمة الدول العربية التي أولت لهذا الجانب على مر التاريخ اهتماماً كبيراً ودفعت بمبالغ طائلة وقام بتأهيل آلاف الكوادر للحفاظ على التراث والتاريخ والثقافة.
الوقفة الرابعة: معاشيو القوات المسلحة: تتعمد المتمردون في إذلالهم وإفقارهم وفي بعض الأحيان قتلهم - ويجردونهم من ممتلكاتهم وطردهم من بيوتهم (المعاشيون يعتبرون أرشيفاً)
الوقفة الخامسة: ظهرت الكثير من حالات الزواج القسري والإجباري - وحالات اغتصاب

الوقفة السادسة: تهجير - بل إجبار ساكني العاصمة الخرطوم بمغادرتها تاركين وراءهم كل ما يمتلكون.
الوقفة السابعة: افراغ البنوك من الأرصدة التي فيها، وسرقة أجهزتها.
الوقفة الثامنة: تدمير (سيرفر) وزارة الطاقة - السيرفر الذي به كل الدراسات والخطط والمعلومات عن المعادن ودراسات طرق التنقيب واستخراجها (أليس هذا يعتبر أرشيفاً؟!).
الوقفة التاسعة: متحف السودان القومي - بين طياته تاريخ وحضارات وثقافات - طالته يد الطائشين.

كيف لنا أن نحلل هذه التصرفات - التمرد يدمر وقوات الوطن تشاهد ولا تحمي، غير العارفين بأمور السودان يقولون: هناك تمرد يقاتل الحكومة - بما فيهم الإعلام العربي وغير العربي - يتناقلون الأحداث كعادتهم، ولكن دعنا نضع علامة استفهام كبيرة هنا ونقول ( لماذا تتعمد المتمرد بتدمير الأرشيف والحكومة لا تحمي هذه المؤسسات التي تحمل تاريخ أمة؟؟!)

علماً أن حماية ما ذكرته أعلاه ليس بحاجة إلى أموال وقوات خاصة - من السهل حماية هذه المؤسسات - بأقل تكلفة.

العرف في الحروب - حماية مواطن التراث والثقافة والحضارة والتاريخ - وحين نرى تدميراً لها وعدم حمايتها - يجعلنا ننظر إلى هذه الحرب حرباً ما يريدون منها إلاّ تغيير واجهة الدولة السودانية (الإسلامية والأفروعربية ) إلى واجهة أخرى.. والمحير في الأمر (الحكومة لا تحمي رغم قدرتها على ذلك) ..

ما ذكرته أعلاه ليس الحصر، لكن اثباتاً على أن هذه الحرب وراءها شيء خفي لا نعلمه، وغداً لناظره قريب.

اللهم آمن أوطاننا.