الفنــدق

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
في رحلة استجمام خمسة أيام إلى القاهرة ذات شتاء بعد توقيع عقد عمل مؤثر، عندما كنت اجلس في صالة استقبال الفندق الذي وجهت إليه سائق سيارة الأجرة، لفت نظري امرأتان وطفلة تتبادلان الحديث ونادل الفندق يناقشهم في طلباتهم، إحداهم وهي الأصغر بين وقت وأخر تلوح بهاتفها الجوال وبعد ما يقارب نصف الساعة جاء رجل ومعه شابين انظما للمجموعة النسائية فتلهيت بشرب القهوة متريثا تحرك المجموعة 0
ركزت نظري بعض الشيء على ملامحهم محاولا استراق السمع لتحديد هويتهم جاء احد موظفي الاستقبال يدعوني للغرفة التي تم حجزها لي طلبت منه إحضار حقيبتي من السيارة ونقدت السائق أجرته وهو يعلن استعداده للبقاء في خدمتي 0
في هذه اللحظة نهض النسوة ومرافقيهم عند حضور أخر عرفت من نادل الفندق انه دليلهم الذي معه تتم أعمالهم، نست الفتاة هاتفها على الطاولة بسبب استعجال الآخرين واختلاط إشاراتهم التي توضح عمق المشكلة التي يناقشونها، قمت وأخذته مقلبا أرقامه وخطر لي الاتصال على هاتفي منه لمعرفة رقمه تركته مفتوحا لثواني مستقبلا إرساله ثم أغلقته واتصلت عليه في شغب مجنون وتركته بارزا على طاولتي، وإذا بالفتاة تعود للبحث عن هاتفها تركتها قلقه ثم لوحت به لها أخذته مبتسمة 0
صعدت لغرفتي ورتبت ملابسي وقضيت بعض الوقت في مطعم الفندق ثم عدت متأخرا لغرفتي ونمت ليوقظني من النوم رنين الهاتف كانت العاشرة صباحا سألتني عن اسمي وكيف وصل رقمي لها أخبرتها إنني الذي تركت جوالها له حتى يتعرف عليها كما أخبرتها إنني لم افطر وباسترخاء وسذاجة قلت:إن الوقت مبكرا عرفت إن والدها مع زوجها يكملان تسجيل أخيها في الجامعة وأمها وأختها الصغرى في مطعم الفندق وأنها أيضا لم تتناول إفطارها 0
حضرت لغرفتي سألتها عن نوع إفطارها وأنا ألوح بلائحة خدمات الغرف فتحت ثلاجة الغرفة وتناولت قارورة الو سكي التي لم افتحها ضحكت وجلست على المقعد المقابل حول طاولة الغرفة وسكبت قليلا من القارورة في كأس تجرعته بسرعة عرفت أنها تذوقت المشروب عندما كانت طالبه في الجامعة من خلال زميله أمها فرنسية تتباها بأن في منزلهم الكبير جناح خاص بالضيوف خزنته بها مشروبات منوعه تفتح في المناسبات 0
سألتني هل تصب لي وهي تلوح بكأسها هززت رأسي وخاطر يقول ( إنني احتاج فقط إلى الهدوء ودفن ذاتي بعد ليلة قضيتها مسهدا ) موافقا؛ فسكبت قليلا في كأسها وقدمته لي جاء الإفطار وبين الموسيقى الصادرة من التلفزيون الذي فتحته والأكل البطيء عرفت إنها سوف تبقى أطول وقت ممكن 0
ونحن نشرب الشاي شعرت إنها تدفعني للعبث ولما انتشت أخذت تهتز على أغنية أجنبية يبثها التلفزيون متفحصة ما حولها لفعل الصواب بينما كنت أتمتع بظرفها وحراكها المرح لبعث لذة جديدة في شراييني، ثم جلست على طرف الكرسي الذي اجلس عليه 0
في ثرثرة تتجاوز حدود طاقتها لكي تصب شكواها أدركت إن ذلك سوف يكلفني صفاء رحلتي؛ هدأ من استرسالها انفراج البرنس الذي ارتدية على ملابسي الداخلية أصابع كفها البضة بترف تلامس ركبتي عندها انتصبت واقفا منكرا حقيقة الموقف وخافقي يصطفق ريبة، أطبقت جفنيها ولأنني اعرف الوجوه ( رأيت وجها تحت طلاوته الظاهرة حزن عميق ) فصيرت قلبي الميت عطوفا وكما يطوي البحر جدولا منحدرنا إليه طويتها 0
طلبنا شاي آخر وبقينا نتحدث حتى الثانية ظهرا ليرن هاتفها كان والدها يخبرها بعودتهم تمهلته بعض الوقت وفي الرابعة عصرا غادرت الغرفة شعرت بالخجل قاومت نوبة بكاء رددت وأنا امسح دمعة انفطرت عنوة ( لكن هي الحياة العمياء ووقائعها غير المحتملة ) أخذت غفوة ثم دخلت الحمام وبقيت في المغطس طويلا استعيد نشاطي مفكرا في أمري فمع كل ما كنت عليه من فقدان للقدرة كنت أواصل السير بلا نهاية في مشاريعي التجارية وقد نسيت لغة العالم الذي أتيت منه ( فانا ذات معطلة اجلس بين النهايتين البداية المعطلة والنهاية المعروفة والمحددة ) وفي التاسعة ليلا امن لي الفندق سائق وسيارة للتجوال حسب برنامج سياحي أعده مكتب السفريات الذي جدول رحلتي، ولما عدت في الصباح وجدت عدد من الاتصالات على هاتفي الذي تركته في الغرفة 0
بقيت يومين اشغل نفسي بالتجول والتسوق ليلا والنوم نهارا، فأنا اعرف يوم موتي فأحببت كأبتي اجتاحتني الهواجس فأخذت أحدث نفسي كمن تلبسه السحر وبلا حيلة وفي ذهول شعرت إنني لا امتلك شيء وقررت البحث عن من يشاركني ما تبقى من رحلتي فقادني تفكيري إلى ممثلة سينمائية مشهورة وجدتها في مطعم الفندق تتابع مع فريق عمل تصوير مشاهد فلمها الجديد الداخلية في الفندق 0
في الرابعة عصرا وأنا أعيد تفحص أوراقي منتظرا اتصالا من احد موظفي الفندق عرف رغبتي إذا بباب الغرفة يقرع كانت الفتاة، دخلت ولسوء الحظ عرفت إن سفرها بعد ساعات طوقتها بذراعي وأنا على وشك البكاء تجاوزنا لحظة البوح في أتون تقارب لم يكن في الحسبان وهي مودعة طبعت قبلة على جبيني ولما اختفت قلت وأنا أحدق في وجهي المقطب المرسوم أمامي في مرآت الغرفة؛ امن الممكن أن يبلغ بي الضعف هذا الحد 0
وأنا ابحث عن منشفة حمام حتى أدس جسدي في المغطس تحت وابل الماء متخلصا مما علق بي من حزن وكدر وجدت وشاحها المرصع بالخرز الملون على الأرض أخذته ودسسته في درج الكومدينو وغفوة في نوم عميق 0
رن جرس هاتف الفندق اخبرني الموظف إن الممثلة التي أنهت تصوير بعض اللقطات تنتظرني في مقهى الفندق جاء ترحيبها مزعجا ولكن تفاصيل جسدها الممتليء جعلني أتحمل هدرها وبعد تجرعها كأس المشروب الذي احضره النادل نهضت أمسكت بكفها وسحبتها خلفي في المصعد طوقتها بذراعي كانت تقاوم بقسوة ( غير أني رغم إن الخوف ينبض في جسدي كنت أراهن على فتح مغاليقها ) استمررت العبث فلامسة صدرها المكتنز 0
في الغرفة لوحت لها بقارورة الخمر تناولتها وتجرعت من فمها جرعات عطشى، اعرف إنها في مقابلاتها الصحفية تدعي إنها عذراء وتبحث عن زوج مناسب وان قطار الزواج لم يتجاوزها إنما لم اترك مكانا في كيانها لم اجتاحه شبقها ومطالب بدنها توافق مع رغبتي في امتلاكها لننهي نشوتنا بعشاء متأخر احضره نادل الغرف 0
تناولنا الطعام ثم اتصلت بهاتفها أخرجت من محفظتي مبلغا كنت قد عزلته في مظروف من مغلفات الفندق حسب طلب الموظف ودسسته في حقيبتها اليدوية في الثانية ظهرا اخبرني موظف العلاقات العامة أن موعد مغادرتي أزف ولم يبقى على رحلتي بالطائرة الكثير جهزت حقيبتي ودفنت وشاح الفتاه في احد أدراجها، وأنا انتظر السائق في صالة الجلوس وجدت الممثلة وفريق العمل يرتبون للقطة جديدة جلست في كادر المشهد بجوار الممثلة أثرثر بكلام غير مفهوم، ولما انتهى التصوير الذي لم يتجاوز دقائق لمحت موظف الفندق يدفع عربة حقيبتي نحو باب الفندق الذي تقف في فتحته سيارة الأجرة لحقت به وأنا أردد بصوت منخفض؛ من قتل الأوراق سوف يحفر قبري فأنا انتزع بعنف لقمة اللحظة الأخيرة متجاوزا حواجز الزمان حتى اركض في فضاء المكان 0&


27 / 9 / 1427 هـ