إلى مغنية

1 - سرى الليل في الدنيا فضاءت مجاليها
و ماست خطاها في وشاح مغانيهــا
2 - مشت مشي أنسام بضوضاء روحنـــــــــــا
فهامت بمشيها شغاف تناديهـــــــــــــا
3 – دنت تحتسي إعصار روح ومهجـــــــــــــة
فنمّقت الأنوارُ مرحى لتهديهـــــــــــا
4 – وألقت بنظرة تحيّي رموشُهـــــــــــــــــــــا
عطاش الجوى هاموا بغيثِ معانيها
5 – وهبّت حنايا الركح ترنو لشدوهـــــــــــا
تضمّ إلى الأحضان نارا تُروّيهــــــــــا
6 – وتدنو من الأرواح والصّوتُ مخصـــبٌ
تصفّي شذى الألحان لما ترقّيهـــــا
7 – وتلقَى لظى الظمآن طلاّّ مثلجـــــــــــــــا
وتسكبُ ألحانا بدلّ تغذّيهـــــــــــــــا
8 – وتمسي على الأخشاب بدرا مجنّحـــــــا
فنشقى بتلويع الشّجا من أغانيهــــا
9 – نُسيمة أسحار تهبّ الصّبا بهــــــــــــــــــا
سلافا فتسقي الروح شهدا وتحييهــا
10 – فكم نامت الأكوانُ من حولهــا ولا
يقضّ الكرى غنج السّها أو يغشيهــــا
11 – تلوّت مع الأنغام كالغصن حانية
ومالت فما أبهى دلال تلوّيــــــــــــها
12– وصبّت من العناب لحنا مصنّفـــــــــا
لتسقي من الأنغام خمرا نرجّيهـــــــا
13 – ودارت كؤوس بين سمّار حفلهــــا
فإذْ هم كعهن تحت أقدام ساقيهـــا
14 – وشفّت فجادت من نواها بنغمـــــة
يردّ الصّدى إيقاعها إذ يناغيهــــــــــــا
15 - ألا غرّدي فالقلب جهمٌ مــــــــزاره
وضمي لك الدّنيا جميعا بما فيــــــها
16 - ولفّي بأشجان الهوى كلّ ساهــــرٍ
تجرّحه الذكرى فيقضي يناجيهـــــا
17 - وصبّي ندى الألحان فوق جراحنا
فتطرى وقد جفّتْ لدهر دواليهـــــــا
18 - وقومي إلى عيني أقضّي مواتهــــا
فذي أدمعي ناءت بهنّ مآقيهــــــــــــا
19 - وذي الأذن أصدى من جفاف سماعها
وذي الروح منحطّ بقحطٍ تساميهــــا
20 - فيا نجمة الليل البهيم تسلّقــــــــي
خيوط السنا فالشمس تصحو روابيها
21 – وغيبي كما حلْم بهوج دمــــــــائنا
ونقّي من الأدران جرح مجاريهــــا
22 – دعينا فنغفو في رحاب ترنّــــــــــــم
ففي الأفق دنيانا تسنُّ مآسيهـــــــــــا
23 – سنصحو قريبا حين تصحو همومنا
فنحني رؤوسنا لقسْر أماليهــــــــــــــــا