قوارير تشتكي الاهتزاز

ذات يوم تحركت العربة
وبها قوارير زجاجية
الطريق غير ممهد وغير مستوٍ
والعربة تهتز بقوة تارة وبتؤدة تارة أخرى
والقوارير تصطك ببعضها مرة بعنف ومرة بتؤدة حسب حالة الطريق
وقائد المركبة يسير بطريقه ، وبجسده المترهل الممتليء وبكرشه المتراقص أمامه ، وبذقنه النصف محلوق الأشيب ،و العصى بيده يضرب بها حماره المنهك .
تشتكي القوارير كثرة تراقصها واصطكاكها بعنف ببعضها وهي لاتملك لنفسها شيئا سوى أنها تصطك في كل مرة يصطفون فيها في هذه العربة .
قد تتكسر بعضها فترمى وقد لوثت مكانها ومكان غيرها .
يتأفف صاحب العربة من كثرة هذه الحوادث التي تحصل للقوارير التي ينقلها فهي تلوث عربته الخشبية وتجبره على تنظيفها كل مرة ، وثقل القوارير الزجاجية يعجل بهلاك عربته ، وهلاك حيوانه الأليف الذي يعتمد عليه بعد الله في رزقه وقوته
ويتمنى لو استبدلت تلك القوارير الزجاجية بقوارير بلاستيكية اكثر أمانا وخفيفة الوزن وتحتفظ بما فيها ولا تصدر ضجيجا عنيفا كالزجاجية .. وتذهب الأمنيات أدراج الرياح .
--- ذكرتني هذه الصورة بسائق الحافلة الصفراء وهو ينقل إناثا من بيوتهن إلى المدرسة نفس الحركة ونفس الفكرة وباختلاف المضمون فقواريرنا هنا إناث فالرفق بهن كالرفق بالزجاج خشية أن تنكسر إحداهن فتلوث ما حولها ونخسرها .
ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم : " رفقا بالقوارير يا أنجشه"
فقد كان يحدو بصوت خلاب جميل في القافلة لتتنشط الإبل وتتحرك ومن حلاوة صوته ونعومته وجماله خشي النبي صلى الله عليه وسلم من تكسر قلوب الإناث من جراء حلاوة صوته وجمال رنيمه
فالأنثى روحها ونفسها يسحرها الكلام الخلاب والرنين الجميل للصوت الحسن كما يشترك معها كل ما يسمع الصوت ويحن له ويستريح لسماعه ويتعافى من الصوت المناسب وقد يمرض منه
الصوت الحسن من المزامير الجميلة فقد أمتدح نبينا مزامير آل داود ووصف النبي أحد الصحابة بأنه يملك مزمارا من مزامير آل داود وقد أثنى على صوت أسيد بن الحضير رضي الله عنه وأن الملائكة تستمع له وقد نهى الله عن صوت كصوت الحمير في رفع الصوت وفحشه وبذاءته
الصوت الذي تصدره القوارير نتيجة وعورة الطريق واصطفافها له دلالات واضحة لمن أراد أن يتعامل بصورة حسنة .
القوارير والنساء يحتجن لمن يتعامل معهن بتؤدة وتصرف غير أرعن وغير مندفع ، لتسلم الحياة كما ينبغي أو سنفسد أكثر مما نصلح .
في نهاية المطاف : رفقا بالقوارير فإننا لا ندري متى تتكسر.