( سطور في مهب الفكر)
بقلم/ احمد قائد البريد
1ــأبحث عن إنسان:

يحكى أن فيلسوفا خرج من منزله نهارا وفي يده مصباح ولما سئل عن أسباب ذلك أجاب قائلا : أبحث عن إنسان.
ولعل هذا الجواب أدق تعبيرعن فقدان مجتمع الفيلسوف وعصره للماهيات الإنسانية بما تحويه من العواطف والمبادىء والقيم وغيرها من المعاني، حيث وأن الفيلسوف في جملته أبحث عن إنسان لم يكن يقصد إنسانا بذاته وإنما أراد بها الإنسانية سلوكا لا يخرج عن نطاق تلك المفاهيم وفي اعتقادي أننا لوكنا نشكل المجتمع الذي عاش فيه فيلسوف عصره لخرج إلينا في أوضح النهار وبيده مئات المصابيح ولأجاب قبل أن نسأل عن أسباب جنونه.

2ــ الحرية:

قال جبران خليل جبران:( يقولون لي إذا رأيت عبدا نائما فلا تنبهه لعله يحلم بحريته وأقول لهم إذا رأيت عبدا نائما نبهته وحدثته عن الحرية).
عزيزي القارىء بالرغم أن هذه العبارة الجبرانية لا تنطبق على واقعناكوننا في مجتمع لا تكون فيه العبودية إلا لله سبحانه وتعالى إلا أن مفهوم العبارة يستوقفنا متسائلين : ونحن نعيش في هذا العصر هب أن هناك لا سمح الله من يقف موقف النائم وانتبه على صوت المتحدث عن الحرية فهل سيعي ما يقال له؟.
أعتقد أن الجواب إلى النفي أقرب منه إلى الإثبات كوننا في مجتمع بلا طموحات وبلا رؤى وربما كان الجواب على عكس الإعتقاد كون الإنتباه لم يكن إلا على صوت المتحدث عن الحرية.
ثم هب أن هناك من يقف موقف المتحدث عن الحرية فماذا سيقول عنها في ظل هذه الحياة؟.
أعتقد أنه لن يقول عنها شيئا وإذا قال ربما يقلب المعنى رأسا على عقب كونه في مجتمع يستحيله عبدا لمطامعه القائمة على تسويق الضمير وما عليه إلا أن يتحرر من أهواء نفسه حتى يستطيع أن يقول شيئا ولن يكون ذلك إلا بشيىء إسمه الإرادة.

3ــرب إنسان:

رب متحدث يستهوينا فيه حلاوة الحديث والمنطق غير أنا لو استطعنا النفوذ إلى نفسه لما وجدنا مكانا للمعاني التي ينطق بها لسانه
وله نقول ليس الحديث وحده كافيا لتحقيق التوازن والإنسجام النفسي.
ورب امرىء يقوم بأعمال قد تبدو لنا مستحسنة، لكنا إذا أمعنا النظر إلى ما ورائها من غايات فسيتحول الإستحسان إلى استقباح متذمر.
وله نقول : ليس كل عمل مستحسن نبيلا إلا إذا كان غاية في حد ذاته وليس وسيلة لتحقيق غايات أخرى.
ورب كاتب يزرع بذور قلبه في تربة قاحلة فيجني صدودا إما أن تستغمره فيستسلم وإما أن تكون له حافزا فيصر أن تكون بذوره ثمارا يانعه يرويها الإبداع.
وله نقول: ليس له ما يتمنى إلا بمواجهة الواقع والصبر على الشدائد وبحسن اختيار التربة التي يزرع فيها بذور قلبه، ومهما كانت النتائج سلبية في الحاضر إلا أنها لن تكون كذلك في المستقبل.

4ــ إعارة العيون

قد ترى في حياتك رجلا تستعظم فيه كل شيء ويستصغر فيك كل شيء حتى استعظامك له، وقد ترى رجلا تستصغر فيه كل شيء ويستعظم فيك كل شيء حتى استصغارك له .
فإذا كان ذلك فاعلم أن كلا من الرجلين قد أعارك عينالترى نفسك في هاوية الجهل، وليعلم الرجلان أنك قد أعرت كلا منهما عينا ليرا نفسيهما في زاوية التزييف ولتعلم حقائق المعرفة أن لا حياة لها إلا بفقء عيونكم إن لم تعلموا.
5ــ تلوث الروح

جميل هو الإهتمام بمكافحة تلوث البيئة وقاية من الأوبئة والأمراض، غير أن هناك تلوثا آخر أشد خطرا على الإنسان وعلى المجتمع إنه تلوث الروح الذي من الصعب مكافحته والقضاء على مصادره بعيدا عن معرفة الله والرجوع إليه.