سباني اللحظ وارتجفت جنابي عشية قيل حيَّ إلى ذهابِ
فويحك إنني أخشى فراقاً به أحيي بكائي وانتحابي
ولست أطيق أن أحيا وحيداً وأحبابي بعيدٌ في غيابِ
غراب البين غنّى للرحيل فأُفِّ للرحيل وللغرابِ
أعامانِ اللذانِ قضينَ فينا أم استرقا الخطى مرَّ السحابِ
نمى الأحباب في قلبي صغاراً كما الآرام تكبر في الهضابِ
سأبقى أذكر الأيامَ تترا ولا أنسى اللُّقَيَّا والتصابي
وأعرِشُ في حشاء القلب نصباً عليه حفرتُ رسمكَ للإيابِ
فيبقى إسمكم حياً بصدري إلى أبدٍ ،، إلى يوم الحسابِ
فلا يقوى العذيلُ عتاب نفسي وأعذلكم فأقوى في عتابي
أبعد دنُوِّكم وخلوِّ قلبي لكم بنتم وضيقتم رحابي
فلا تذروا سليباً شاب نفساً ويخرج طيفكم وإلى تبابِ
بربك هل بكيتَ بمثل دمعي مواطئكم رواها بانتحابِ
صروف الدهر تقتلني بجهلٍ عذابٌ في عذابٍ في عذابِ
مصاب الناس عُبِّئَ نازلاتٍ ولكن لن يفيضَ كما مُصابي
أدنيا كالحُمَيْرِ على عُصَيْفٍ يدور فلا تدوم على صوابِ
يطيبُ لها عراكُ أُولي المعالي وتفرح للمتيم في صلابِ
خطت خطوي وخاطت فوق خطبي فصار كما الجنيبُ على جنابي
أجيبي ، ما جنيتُ لتلفظيني جهولٌ أم عصيٌّ أم مسابي
رأيتكِ قد طوى جمعاً ظباكِ وبدَّدَهم فهم كرؤى السرابِ
أعاقبةُ الأحبة أن فراقٌ يطيحُ بمن يحبُّ ومن يحابي
أعاقبة الأحبةِ أن ظلامٌ سيخبي نورهم مثل الشِّهابِ
بلا سيدومُ وصلٌ منك فينا ويجمعنا الوئامُ بلا حجابِ
أنا منكم أنا فيكم وحسبي بذا شرفٌ وفي ذاك انتسابي
قرأتُ بنفسكم كلِماً وعلماً تكابر أن أجده لدى كتابي
سأحفظ عهدكم ويظل قلبي لكم حضناً ولي مأوى العذابِ
ولنْ أرضى بغيركمُ وهلاّ تُبَادَلُ أنجُمٌ بحشا ترابِ
فكُلُّ الأرض بعدكمُ مضيقٌ وأجملها خرابٌ في خرابِ
أتحسبُ بالقصيدِ مدحتُ صحبي؟؟ بلا مدَحَ القصيدَ غلا صحابي
وكان الشعرُ منساباً بثغري ولكن فيك عزَّ عن انسيابِ
فأطرقت القوافي مخجَلاتٍ غداةَ رأتكمُ أسمى الرِّقابِ
بهذي الدارِ أولُ ما التقينا ولقيانا المُرجَّى في ارتقابِ
وسار الركب وارتجفت قلوبٌ تراوَدُ بالأسنةِ والحرابِ
أقول لكم وداعاً بل سلاماً وأرجو أن نعودَ من اغترابِ
فلو ضجرت بثينةُ من جميلٍ ولو ملَّ ابن بردٍ من ربابِ
سأبقى أتبع النفس هواها ومنك السُّمُّ أطيبُ من شرابِ
فليسوا وحدهم يجدون وَجداً وجدَتُ وجُدْتُ بالصحبِ العِذابِ
من الناس المديحَ أراهُ ذمَّاً ومنكَ الذّمُّ فيَّ بمستطابِ
سلامٌ سلَّ سرَّاً من سناهُ يسامرُ من سباهُ من السبابِ
سلاماً يا أُهيْلَ الحيِّ إني لِعَوْدٍ للأحبةِ في ارتقابِ