موضوع "الحبّ والزّواج "يشغل كلّ الشّباب..ذكورا وإناثا..ويشكّل صورا قاتمة السّواد في أذهانهم بسبب جهلهم طرقه،ومشاربه..والعلاقة بينهما..
نحاول هنا أن نفسّر ما قدّرنا الله عليه..استجابة لطلبات بعضهم..
1ـ الزّواج رزق:
قال سبحانه وتعالى :"وإذْ أخذَ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذرِّيتَهُمْ وأشْهَدَهم على أنفُسِهِمْ أَلسْتُ بربِّكُمْ قالوا بلى شهِدْنا أن تقولوا إنّا كُنّا عن هذا غافلين."الأعراف ،الآية172.
ولمّا كنّا مجرّد تلاميذ لسادتنا العلماء الأجلاّء ،فقد تناول الآية الكريمة الشيخ الفاضل "متولّي شعراوي" في خواطره القيّمة التي جمعت في عنوان كتاب "معجزة القرآن"،وأبلغنا أنّ الله سبحانه وتعالى كان سلفا ـ في عالم الذّرّ ـ قد جمعنا في حضرته ،وأشهدنا على رؤيته ،ثمّ بعثنا ـ في مرحلة الابتلاء ـ إلى حياتنا الدّنيا ليرى المصلح من المفسد..
ولمّا كنت أنا وأنت ،وغيرنا من كلّ البشر،قد شاهدنا الله ـ سبحانه وتعالى ـ ..فهذه دلالة على أنّه كان يعرف آباءنا وأمّهاتنا ،ونحن مسيّرون بحيث لم نخترهما..
كذلك ـ إن كانت لك ذرّية ـ فهو يعرف من أمّها أو من أبوها ..وبالمنطق الفصيح فأنت مهما بحثت عن زوجتك في النّهاية لن تقع إلاّ على من قدّرت لك لتنجب منها أولئك الأبناء..وأنتِ أيتها الأنثى مهما انتظرت الزّوج ،وتدلّلت ،وبحثت عن أحسنهم فلن تختاري ـ في النّهاية ـ إلاّ من قدّر منه الأبناء ..من هنا صار الزّواج رزق كباقي الأرزاق التي هي مادّية كالمال ،ومعغنوية كالعلم ،ونسبة الذّكاء..و..

2ـ الزّواج سكن..مودّة..رحمة:
"ومن آياته أنْ خلَقَ لكم من أنفسكم أزواجا لتسْكنوا إليها ،وجعل بينكم مودّة ورحمةً ،إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون"الرّوم الآية:21.
أوّل من اشتاق إليه أبونا آدم ـ عليه السّلام ـ ،وحنّ إليه هو أنيس يؤنسه،وقريب يسمعه،وحبيب يسكنه،فكان أمر الله ـ سبحانه وتعالى ـ بخلق ثاني مخلوق على الإطلاق بعد آدم ،أمُّنا "حوّأء"،ولو شاء الله لخلقها مثله من طين ..ولكنّ خلْقها من ضلعه كانت فيه حكمة "من أنفسكم"للدّلالة على تنافذ الروحين في بعضهما لتشكّلان "زوجا"أي "إنسانا" هذا المثنّى الذي جاءت منه مفردة "إنس"..وكأنّ لقاء جنسين لا يقع إلاّ إذا تطابقت الصّفات ،والقيم،وتنافذت الرّوحان في بعضها..ليتحقّق "السّكن النّفسي"للطّرفين..وكأن الشّخص الواحد ناقص ،ولا يكمّله إلاّ الطّرف الآخر..
إنّ هذا الشّخص الذي يقضي المرء أيّامه الأولى يبحث عنه هو ما يصطلح عليه بـ"الرّوح الـتّوأم"..ولمّا كان "الجزاء من جنس العمل" فإنّ الإنسان بحسب عفّته وتقواه يحصل على مبتغاه هذا ..طبقا لقاعدة "نسبة الصّدق تحدّد نسبة النّجاح" ..إلى درجة أنّ من أحبّ قبل الزّواج عوقب بطرف يعيش معه بجسده ،ويغيب عنه بروحه لأنه سلّمها لآخر ..
إنّ هذا اللقاء يتمّ بتوفيق من الخالق..
وقد حثّنا مولانا على "التّفكّر" في سرّ الآية ،ليكتشف المتأمّل قوانين الزّواج ،فتكشف الآية عن منهجية كاملة ،من بدايتها إلى نهايتها في تناول النّفسية المؤمنة لمعاملة الطّرف الآخر..
ـ البحث عن الطّرف المناسب الذي نسكن إليه نفسيا .."إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكّرون".
3ـ الحبّ ثمرة حرمان وشوق:
"قد شغفها حبّأ"آية من سورة يوسف ،حينما يتعرّض لها العلاّمة الجليل "سيد قطب "يجزم أنّ لفظة"حبّ"وقعت هنا موقع الزّنا،وأنّها الآية الوحيد التي تحدّثت عن علاقة الرّجل بالمرأة من بين 70آية ذكرت فيها كلمة"حبّ"..وقد وجدت أحسن تعريف على الإطق عند هذا العلاّمة حيث يعرّف "الحبّ" بأنّه ثمرة"حرمان وشوق"لأنّه حينما يوضع أمامك من تختار من طرف آخر للعشرة الزّوجية لا تعود محروما لذا يترجم إلى سكينة نفس ،ومودّة ورحمة..
هذا الحنين والشّوق يكون عند الحرمان .أمّا حينما يلتقي الطّرفان فيذوبان لتمتد روح المعاشرة إلى "مودّة" في المعاملة،و"رحمة"في توزيع الأدوار ..
لهذه الأسباب حرّم الشّرع الحبّ قبل الزّواج لأنه قد يحبّ المرء ثم لا يحصل مراده في الزّواج بمن أحبّ فتنقلب سعادته إلى تعاسة أبدية..
الحب الحقيقي لله ولرسوله..
4ـ الإنجاب والعُقم بيد الله:
"لله ملك السّموات والأرض،يخلق ما يشاء،يهب لمن يشاءإناثا ،ويهب لمن يشاء الذّكورا49.أو يزوّجهم ذكرنا وإناثا،ويجعل من يشاء عقيما،إنّه عليم قدير50.الآيتين:49ـ 50.سورة الشّورى..

ـ ـ ـ ـ
من كتاب"الحب بين الهداية والضلال" بتصرف
1ـ طبعة دار الأديب ـ وهران 2008..
2ـ طبعة 02في دار الكتاب الجامعي 2010:دولة الإماراتالمتحدة الشقيقة ،وزع على الجامعات ،وبيع في السوق ..حصل على معدل 12من 20أثناء تقييمه من 20قارئا ..
3ـ طبعة03في نفس المطبعة وتوزيعه ورقيا في العربية السعودية الشقيقة..
04ـ تتنافس أكثر من أربع مكتبات إلكترونية على بيعه ..برقم تسلسل عالمي في مكتبة نون بوكس .