اللون الأبيض يظهر بوضوح في الشعر الجاهلي ويقترن كثيراً بجلال الرجل وجمال المرأة
ومضاء السيوف ونقاء الدروع في الحروب، وتدور معانيه في سياق الشرف والرفعة
ومعاني الخير؛ فهذا زهير بن أبي سلمى يمدح رجلاً
:أشمُ أبيضُ فيّاضُ يفكك عن
أيدي العناةِ وعن أعناقِها الرّبقا
وجاء اللون الأبيض في شعر طَرَفة بن العبد بهذا المعنى حيث يقول:
أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم
لؤماً وأبيضهم سربـالَ طبّاخ
تحييهم بيضُ الولائد بينـهم
وأكسية الإضريجِ فوقَ المشاجب
يصونون أجساداً قديماً نعيمها
بخالصةِ الأردانِ خضر المناكب
وهذا لبيد بن ربيعة يمدح قومه بلعب القمار:
وبيضٌ على النيران في كل شتوةٍ
سراة العشاء يزجرون المسابلا
وتغزّل الشعراء الجاهليون بالمرأة البيضاء وهم لا يريدون مجرد اللون، إنما يذهبون به إلى معاني العفة والشرف والكرامة
يقول عمرو بن كلثوم:
على آثارنا بيضٌ حسانٌ
نحاذرُ أن تقسمَ أو تهونَ
ونجد هذا المعنى عن امرئ القيس حيث يقول متغزلاً:
مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ
ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل
كَبِكْرِ المُقَانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْرَة
غَذَاهَا نَمِيْرُ المَــاءِ غَيْرُ مُحَلَّلِ
وبلغ من تفائلهم باللون الأبيض أن وصفوا حتى الناقة به، يقول أحدهم:
كتب البياضُ لها وبورك لونُها
فعيونُها حتى الحواجب سودُ
ويرى عنترة أن سواد البشرة لا يعيق دون ظهر بياض الأفعال والكرم والشجاعة:
تُعيّرني العدا بسوادِ جلدي
وبيضُ خَصَائلي تمحو السَوادا
تحياتي لك ولمواضيعك الجميلة.


