تعجب عزيزى القارئ إذا علمت أن الأسباب التى من أجلها يعيش الناس ومن أجلها يضحى الشرفاء ، ومن أجلها دخل الأحرار السجون وبها تنهض الأوطان – هذه الأسباب – هى التى جعلت ما يسمى بلجنة الأحزاب فى مجلس الشورى تنتفض وتصول وتجول وتفتق ذهنها العجيب والعبقرى ولم تجد مشكلة فى مصر قبل أربع سنوات تقريبا إلا حزب العمل وجريدة الشعب فرأت لجنة الأحزاب بالاتفاق مع حزب الحكومة وبعض المرتشين من الذين عينتهم الحكومة فى مجلس الشورى وربما يكون بتوجيهات خارجية ، اتفقوا جميعا على أن حجم البطالة فى مصر ليس بسبب فشل الحكومات المصرية المتعاقبة فى ظل حكم الرئيس مبارك ولكن بسبب حزب العمل وجريدة الشعب ولأن حزب الحكومة هو حزب وطنى فرأى من أولويات وطنيته أن يقضى على أسباب هذه البطالة فكان لزاما عليه أن يجمد ويحاصر حزب العمل وجريدة الشعب من أجل إيجاد وتوفير فرص العمل للمصريين ، كما اتفقوا أيضا وهم الذين لا ينافسهم أحد فى الوطنية والفناء فى خدمة الوطن على أن انهيار الجنيه المصرى وتخريب الاقتصاد فى مصر كان بسبب برنامج حزب العمل فهل يجوز أن تسمح الحكومة بوجود حزب يعمل على تخريب الاقتصاد المصرى وإهانة السيد الجنيه ، بالطبع هذا لا يجوز وليس بخاف على أحد تقلص الرقعة الزراعية فى مصر وعندما أرادت حكومة مصر الوطنية .. والوطنية جدا أن تحدد من هو المسئول عن تقلص الرقعة الزراعية فاجتمعوا على رأى واحد وهو أنه بمجرد اختفاء حزب العمل من الشارع المصرى ستزداد الرقعة الزراعية وليس هذا فحسب بل ستعود إلى مصر ريادتها الزراعية وستعود مصر كسابق عهدها يوم أن كان يضرب المثل بالقطن المصرى ، وأظن أن لجنة الأحزاب فكرت مليا فى مشكلة التعليم فى مصر الذى انحدر بطريقة لم يسبق لها مثيل على المستويين الأخلافى والتعليمى أضف إلى ذلك الدروس الخصوصية التى أصبحت مدارس خاصة غير مرخصة ومستنزفة لجيوب المصريين الغلابة ، وعندما أرادت لجنة الأحزاب الوطنية أن تضع خطة للحكومة من أجل القضاء على مشاكل التعليم فلم تجد أى مشاكل لولا هذه العثرة التى تحول بين إصلاح التعليم ألا وهى عثرة حزب العمل فكان لزاما على لجنة الأحزاب الوطنية أن توصى بشطب حزب العمل من الخريطة السياسية حتى يعود للتعليم رونقه وللمعلم كرامته وهيبته ، وكثيرا هى المفاسد الحكومية التى لولا وجود حزب العمل لأصبحت مصر من الدول المتقدمة ، وأظن أن برنامج حزب العمل فى حاجة إلى تغيير حقيقى يتماشى مع سياسة الحكومة الرشيدة ففى الفقرة الأولى من برنامج حزب العمل هو الإيمان بالله قوام الأسرة والفرد والمجتمع وظنى أن حكومتنا الرشيدة تعتبر هذا الكلام ردة ورجعية ولو أن الحزب شطب هذه الفقرة واستبدلها بأن الإيمان بأمريكا وقوتها والرضوخ لأومراها والتسبيح بحمدها ، ولا يجوز مهاجمتها أومهاجمة مايسمى بدولة إسرائيل ومن ثم نقبل بالغزو الأمريكى للعراق ونقبل بانتهاك أعراض النساء فى الفلوجة ونقبل أيضا برفرفة العلم اليهودى على أرض مصر وأن قتل ثلاث جنود مصريين برصاص إسرائيلى هو من أجل السلام وأن الحديث عن الوحدة الإسلامية ومساندة المقاومة هو إرهاب ، وما نرى إلا ما تراه أمريكا ، أظن لو أننا فعلنا هذا التغيير البسيط فى البرنامج أعتقد أن حكومتنا الوطنية جدا ستجمد كل الأحزاب ولم يبق إلا حزب العمل ولربما تنضم إليه قيادات عليا وعليا جدا افهموها بقى ، ثم يأتى البند الثانى فى برنامج حزب العمل والمتعلق بموضوع الإعلام والثقافة للمطالبة بتوظيف الإعلام لتنشئة المواطن المؤمن المتدين ، فمثل هذا الكلام ينشئ لنا جيلا متطرفا يحافظ على الصلاة والصوم ولا يقبل الرشوة والمجاملات لا لا لا . أقترح أن يكون ضمن برنامج حزب العمل فى هذه القضية أن نزايد على وزارة إعلام الحزب الوطنى بصفته حزب الحكومة وأن يكون الإعلام أكثر خلاعة وأ ن يتم عرض فيلم بورنو يوميا باعتبار أن المجتمع المصرى غير مثقف جنسيا ولا يجوز أن يكون المواطن المصرى أقل تحضرا من المواطن الأمريكى باعتبار الأخير هو الأنموذج الذى يحتذى به ، أيضا فى هذه الفقرة المتعلقة بالثقافة مطلوب من الحزب أن يضع فى برنامجه فقرة اعتذار لمولانا المعز لدين الله فاروق حسنى لأن الحزب مرغه فى التراب بسبب طبع ونشر رواية ( وليمة لأعشاب البحر ) مع المطالبة بمحاكمة الدكتور محمد عباس ونبش قبر عادل حسين واعتبارهما مارقين ومنع مجدى حسين من مزاولة العمل السياسى ، ومن الأشياء التى يتميز بها برنامج حزب العمل هو اهتمامه بقضية التعليم فى المدارس والجامعات ولمّا كان لهذا الأمر من خطورة على النظام الحاكم فهو يهتم بقضية محو أمية المواطن المصرى من الجنسين ، وأن يكون التعليم مجانيا بحق ، وأن يعود للأزهر شموخه وبالتالى هذا الأمر سيفتح العيون على حكومة مصر الوطنية جدا ونظامه السياسى لذا أرى أن نرفع شعار ( نحو الأمية ) وهذا هو المصطلح الدارج لدى قطاع كثير من الشعب وخاصة فى الأرياف وجنوب مصر ثم هذه هى سياسة الحكومة ( سياسة نحو الأمية ) فهل يريد حزب العمل أن يمحو أمية المواطن حتى لا يضلله الحزب الوطنى بالتزوير فى الانتخابات ومن ثم يختار ما يريد هو وليس ما تريده أمريكا أو عملاء أمريكا هل هذا برنامج هذه مؤامرة ضد النظام تستوجب التأديب بل لم يكتف حزب العمل بهذه المؤامرة بل راح يحشر نفسه فى الأزهر ويريد أن يكون للأزهر كلمة فإذا تحرك الأزهر تحرك خلفه الشارع المصرى والعربى والإسلامى وهذا هو لب الخلاف بين ما يريده حزب العمل وما يريده النظام المصرى فحزب العمل يريد من الأزهر أن يتصدى لتجاوزات النظام الحاكم ده كلام يا حزب العمل ولهذا اقترح أن يغير حزب العمل هذه النقطة ويطالب بأن شيخ الأزهر لا بد له وأن يسافر إلى إسرائيل ويقف أمام حائط البكى ويلبس طاقية الحاخامات ويدوس على قبر صلاح الدين ويهتف بأعلى صوته طظ طظ فى المقدسات هذه هى البرامج وإلا فلا ، ما سبق من برنامج لحزب العمل ربما لا يكون شيئا إذا ما قورن بهذه الفقرة من البرنامج وهى الفقرة المتعلقة بالحرية والشورى ودستور جديد وهذه هى مشكلة المشاكل ومعضلة المعاضل أو المعضلات لأن من برامج الحزب ضرورة الاهتمام باللغة العربية ولأن المسؤلين عندنا لا يفهمون من اللغة إلا اسمها فلن أتمسك بصحيح اللغة باعتباره تغييرا فى برنامج الحزب فلربما تلمحها لجنة شئون الأحزاب لتعلم أننا فى طريقنا إلى تغيير برنامج الحزب لعلها تتكرم علينا لعودة الحزب والجريدة ! ، ولنعد إلى قضية الحرية والشورى ودستور جديد يا خبر اسود يا حزب العمل انت كده دخلت فى الممنوع بمعنى أدق يريد حزب العمل مثلا أن يتم تعديل الدستور بحيث يسمح لأن يتقدم مواطن صعلوك مثلى للترشيح لرئاسة الجمهورية ضد البهوات والأكابر هل هذا معقول ؟! ومن ثم أقترح على حزب العمل أن ينص فى برنامجه على أن يكون السيد رئيس الجمهورية مدى الحياة وأن يكون ضمن برنامج الحزب ورد يومى للدعاء للسيد الرئيس أن يطيل الله فى أجله لموت آخر رجل فى مصر وإن مات قبل هذه الفترة لا قدر الله فلا يجوز لأحد أن يحل محله إلا بعد أن يأتى المرحوم إلى الرئيس الأمريكى فى المنام ويسمى له من يكون حاكما لمصر ، وأن المقصود بالشورى أن تتشاور الأمة على أن هل نطلق على الحاكم أمير المؤمنين أم الحاكم بأمر الله ، والمقصود بالحرية هو حرية الاختيار بين الحاكم وابنه . لن أخوض فى باقى برنامج الحزب الذى يتحدث عن جيش وطنى قوى أو الوحدة العربية الإسلامية ، إذن هذا هو البرنامج المراد وضعه حتى يرضى عنا السيد الحاكم أو السيد رئيس مجلس الشورى الذى أخبر عن نفسه بأنه من نسل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم واللى هييجى عليه مش هيكسب وقالوا قديما إذ لم تستح فاصنع ماشئت والنظام فى مصر لا يستحى وبالتالى فهو يصنع ما يشاء فلا حرمة لديه لقانون أو مواطن ولا يهمه أن يعود حزب العمل أو صحيفة الشعب كل الذى يهمه أن يؤمن نفسه ضد مخاطر التغيير وأقوى هذه المخاطر هى عودة حزب العمل وجريدة الشعب لمخاطبة الشارع المصرى وأصدقكم القول : لو أن هذه الأربع سنوات التى تم فيها إبعاد حزب العمل وجريدة الشعب لم تكن لترنح نظام الحكم فى مصر ، وإلا فليقل لى أحدكم يا جهابذة الدولة لماذا الإصرار على هذا الموقف الغريب والعجيب فى الوقت الذى تسمحون فيه بالموافقة على أحزاب لا يعرفها ولا يسمع بها أحد اللهم إلا القليل ودون مواقف تذكر لها ، ولحزب العمل أن يفخر بأنه كسر حاجز الخوف لدى كثير من أبناء الشعب المصرى وخاصة لدى طبقة المثقفين الذين كانوا يخشون انتقاد ضابط فى أمن الدولة نجد بعضهم الآن وهم يزايدون على حزب العمل فى حجم الانتقادات لقيادات سياسية عليا ما كان لها أن تسمع بمثل هذه الانتقادات لولا أن جعل الله رجالا فى مصر يحملون على عاتقهم أمر هذا الوطن فمنهم من قضى نحبه أمثال الدكتور حلمى مراد رحمه الله وعادل حسين ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا وليس أدل على هذا إلا ما يقوم به قيادات حزب العمل فى الأزهر الشريف كل يوم جمعة وعلى رأس هذه القيادات هو مجدى حسين الأمين العام للحزب إضافة إلى تحركات الحزب الجماهيرية فى كثير من محافظات مصر ، ومواقف حزب العمل بعد الحظر والتجميد أكثر من أن تحصى وعلى رأس هذه المواقف هو موقفه الرافض للتوريث بل كان أول من فتح باب المعارضة للتوريث الأمر الذى جعل رئيس الدولة يخرج على التلفزيون المصرى لينفى نفيا قاطعا لقضية التوريث ومواقف الحزب ليست فى حاجة إلى قرار أو أمر أو التحريك عن بعد فصاحب الموقف والمبدأ لم ولن ينتظر قرارات من أنظمة غير شرعية بل إنى أرى أن هذه الأنظمة باتت أيامها معدودة وعليها أن تعد العدة لمواجهة ما هو قادم فالقادم أدهى وأمر .


أبوالمعالى فائق