قراءة خارج نطاق التغطية : لإرسال حاملات الطائرات لمضيق هرمز كأدوات ابتزاز ولإعادة تشكيل التوازن الإقليمي وحماية إمدادات النفط ؟

صباح البغدادي
* الحرب النفسية التي بدأها الرئيس ترامب اليوم وما كتبه من على
منصة “تروث سوشل” بانه يعلم اين يختبئ خامنئي " بالطبع لا يعرف الرئيس ترامب ولكن مجرد بث الخوف والرعب لمن حول الخامنئي ولكن الخوف اكثر من سوف يقوم ويحاول اغتياله لغرض انهاء المعاناة التي لحقت بالمواطن الايراني طوال العقود الماضية ؟.

في دهاليز اورقة عالم السياسة والدبلوماسية، حيث المصالح المادية والاقتصادية تطغى على العلاقات العامة والشخصية ، تنعكس صورة اخرى تتمثل في سردية ” لا مكان للصداقات أو العداوات الدائمة” وانما المصالح الاقتصادية والسيطرة على مصادر الطاقة، شريان الحياة للاقتصاد العالمي، هي الهدف الأسمى الذي يحرك الدول الكبرى والإقليمية على مسرح خوض الحروب والصراعات. وفي هذا السياق، يبرز إرسال خلال الساعات الماضية وبسرعة عاجلة وحتى بدون موافقات الكونغرس ولا مجلس الشيوخ أرسلت على وجه السرعة حاملة الطائرات الأمريكية “نيميتز” إلى مياه الخليج العربي وبحر العرب، للانضمام إلى حاملة “يو إس إس كارل فينسون”، كمناورة استراتيجية دقيقة تهدف إلى تأمين مضيق هرمز، أحد أهم الممرات النفطية في العالم، وسط تهديدات إيرانية علانية بإغلاقه. وفي سياق هذا المقال سوف نحاول قدر المستطاع لكشف عن خفايا هذه التحركات، ومستندًا إلى تحليل معمق للأهداف الاقتصادية والجيوسياسية، وسوف نستعرض كيف تُستخدم سياسة “العصا والجزرة” لإجبار إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات.
أن إرسال حاملة الطائرات “نيميتز” لم يكن قرارًا أمريكيًا منفردًا، بل جاء بناءً على طلب عاجل من السعودية وقطر والإمارات، الدول التي ترى في إغلاق مضيق هرمز تهديدًا وجوديًا لاقتصاداتها المعتمدة على تصدير النفط. هذا الطلب لم يأتِ من فراغ، بل كان مدعومًا بالاستثمارات الخليجية الضخمة التي بلغت 5.1 تريليون دولار، والتي لم تكن مجرد مساعدات اقتصادية، بل صفقة استراتيجية تضمن حماية أمريكية فورية في حالة التصعيد العسكري. ووجود حاملتي طائرات في المنطقة، مدعومتين بقوات بحرية وجوية متطورة، يعكس استعدادًا أمريكيًا لمواجهة عسكرية محتملة مع إيران. مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي 20% من إمدادات النفط العالمية، يُعد النقطة الأكثر حساسية في هذا الصراع. تهديدات إيران بإغلاقه، التي ألمح إليها قادة الحرس الثوري خلال الساعات الماضية، دفعت الولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين إلى رفع مستوى التأهب لضمان استمرار تدفق النفط. ولان حاملات الطائرات ليست مجرد أدوات عسكرية، بل رمز للقوة السياسية. إرسال “نيميتز” يحمل رسالة واضحة لطهران: أي محاولة لإغلاق مضيق هرمز ستواجه برد أمريكي ساحق. في الوقت نفسه، يُطمئن هذا التحرك دول الخليج بأن استثماراتها التريليونية قد أثمرت، وأن الولايات المتحدة ملتزمة بحماية مصالحها.
ولذا سوف تحاول امريكا استخدام سياسة العصا والجزرة في مواجهة إيران:
*العصا: ومن خلال الضغط العسكري: وجود حاملتي طائرات، إلى جانب أنظمة دفاع جوي وبحري متقدمة، يُشكل تهديدًا مباشرًا لإيران، التي تعاني من ضعف اقتصادي وعسكري مقارنة بالقوة الأمريكية. هذا الضغط يهدف إلى إجبار إيران على قبول شروط وقف إطلاق النار، خاصة بعد الضربات الإسرائيلية المفترضة التي استهدفت منشآتها النووية والعسكرية وكذلك الضغط السياسي: العقوبات الاقتصادية المشددة، التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تضعف قدرة إيران على تحمل حرب طويلة الأمد. هذه العقوبات تستهدف قطاعات النفط والبنوك، مما يزيد من الضغط الداخلي على النظام الإيراني.
*الجزرة: في مقابل الضغط، تقدم الولايات المتحدة “جزرة” دبلوماسية تتمثل في تخفيف العقوبات بشكل غير معلن، خاصة فيما يتعلق بتصدير النفط الإيراني. هذا التخفيف قد يُسمح به بشكل مؤقت لتخفيف الضغط الاقتصادي على طهران، بهدف دفعها نحو مفاوضات جديدة حول برنامجها النووي. هذه الاستراتيجية تُعد جزءًا من محاولة أمريكية لدمج إيران تدريجيًا في النظام الاقتصادي الدولي، ولكن بشروط تضمن الحد من طموحاتها النووية والإقليمية.
سياسة “العصا والجزرة” ليست جديدة، لكن توقيتها الحالي يعكس حسابات دقيقة. الولايات المتحدة تدرك أن إيران، بعد خسائرها العسكرية والاقتصادية، في موقف ضعف يجعلها أكثر استعدادًا للتفاوض. في الوقت نفسه، ترغب واشنطن في تجنب حرب شاملة قد تُعطل إمدادات النفط العالمية وتُؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.
أن صفقة الـ5.1 تريليون دولار والاستثمارات الخليجية، التي أُبرمت خلال زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية وقطر والإمارات، لم تكن مجرد دعم اقتصادي، بل كانت بمثابة “تأمين” استراتيجي. هذه الأموال، التي استهدفت إنعاش الصناعات الأمريكية (خاصة صناعة الأسلحة والقطاعات الخدمية)، جاءت مقابل ضمان حماية مصالح الخليج في مواجهة إيران. إرسال “نيميتز” هو تجسيد لهذا الالتزام وكذلك اعادة شريان الحياة للمصانع الانتاجية التي قاربت على إعلان إفلاسها وتم ارسال طوق النجاة لها .
والسيطرة على مصادر الطاقة والخليج العربي يُنتج حوالي 30% من النفط العالمي، ومضيق هرمز هو الشريان الرئيسي لتصديره. أي تهديد لهذا المضيق يُشكل خطرًا على الاقتصاد العالمي، وبالتالي فإن الاستثمارات الخليجية كانت موجهة لضمان استمرار السيطرة الغربية على هذا الممر الحيوي. هذا يُفسر لماذا استجابت الولايات المتحدة بسرعة لطلب الخليج بإرسال قواتها.
وما نستطيع أن نوضحه ونراها بان هناك سر غير معلن من خلال التنسيق الخليجي-الأمريكي وراء الكواليس، هناك تنسيق دبلوماسي وعسكري وثيق بين الخليج والولايات المتحدة، يشمل تبادل معلومات استخباراتية حول التحركات الإيرانية. هذا التنسيق يُعد جزءًا من استراتيجية أوسع لإضعاف إيران وتأمين هيمنة الخليج على سوق الطاقة.ان تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز قد يكون تكتيكًا لتحسين موقفها التفاوضي، وليس نية حقيقية للتصعيد. إغلاق المضيق سيضر بإيران نفسها، التي تعتمد على تصدير النفط لتمويل اقتصادها المتعثر. ومع ذلك، هذه التهديدات تُظهر رغبة طهران في إثبات أنها لا تزال لاعبًا إقليميًا لا يُمكن تجاهله.وبعد الضربات الإسرائيلية المفترضة، والعقوبات الاقتصادية المشددة، تواجه إيران ضغوطًا داخلية وخارجية تجعلها أقل قدرة على تحمل حرب طويلة الأمد. التضخم الذي يتجاوز 40%، وانخفاض قيمة الريال الإيراني، ونقص السلع الأساسية، كلها عوامل تُضعف النظام وتدفعه نحو التفاوض.
أن الجزرة الأمريكية، المتمثلة في تخفيف العقوبات وغض الطرف عن تصدير النفط، قد تكون كافية لإقناع إيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات. هذه المفاوضات قد تُركز على حل شامل للبرنامج النووي، يشمل تفتيشًا دوليًا مشددًا مقابل رفع تدريجي للعقوبات. هذا السيناريو يُعد انتصارًا دبلوماسيًا للولايات المتحدة وحلفائها الخليجيين.أن تداعيات المناورة على التوازن الإقليمي ومن خلال تعزيز النفوذ الخليجي وضمان نجاح الولايات المتحدة في تأمين مضيق هرمز سيُعزز ثقة دول الخليج في الشراكة مع واشنطن، مما يُعمق نفوذها الإقليمي. السعودية، على وجه الخصوص، تسعى لتكريس دورها كقائدة للعالم السني، مع تعزيز التعاون مع إسرائيل بشكل غير معلن. أما من ناحية تراجع إيران بشروط وقف إطلاق النار، فإن نفوذها الإقليمي سيتراجع بشكل كبير. حلفاءها في “محور المقاومة والممانعة” (مثل حزب الله والحوثيين والفصائل الولائية المسلحة العراقية ) سيواجهون نقصًا في التمويل والسلاح، مما يُضعف قدرتهم على التدخل في الصراعات الإقليمية.
أما من ناحية الخفايا الجيوسياسية والمتمثل في دور الصين وروسيا سيكون من خلال أن الصين كأكبر مشترٍ للنفط الإيراني، وقد تدفع نحو تسوية دبلوماسية وتدخل مؤثر لدى إيران لتجنب اضطراب إمدادات الطاقة. لكنها ستتردد في مواجهة الولايات المتحدة مباشرة خوفًا من العقوبات وروسيا بدورها قد تحاول دعم إيران عسكريًا أو دبلوماسيًا، لكن انشغالها في أوكرانيا يحد من قدرتها على التدخل بصورة أكثر تأثيرا من قبل .أما عن السيناريوهات المستقبلية التي نتوقعها فإنها تتمثل بالنقاط التالية :
سيناريو التسوية الدبلوماسية: إذا قبلت إيران شروط وقف إطلاق النار وتخفيف العقوبات، فقد تبدأ مفاوضات جديدة حول برنامجها النووي، مما يُعيد دمجها تدريجيًا في النظام الدولي.
سيناريو التصعيد العسكري: إذا حاولت إيران إغلاق مضيق هرمز، فقد تُواجه ضربات أمريكية وإسرائيلية مدمرة، مما يُطيل الصراع ويُعمق أزمتها الاقتصادية.
سيناريو الفوضى الإقليمية: إذا فشلت التسوية وتصاعد الصراع، فقد تُشعل إيران حربًا غير تقليدية (مثل هجمات بالوكالة على منشآت نفطية خليجية)، مما يُعطل إمدادات الطاقة ويُؤثر على الاقتصاد العالمي.
وأخيرآ وليس أخرآ أن خفايا حقيقة إرسال حاملة الطائرات “نيميتز” إلى الخليج ليس مجرد تحرك عسكري، بل مناورة استراتيجية تُجسد فن السياسة والدبلوماسية، والاهم والمهم بالنسبة لنا حاليآ كذلك رؤيتنا وتوقعنا الشخصي ومتابعته عن كثب لهذه الاحداث والتحليل الاستباقي فإننا نكاد نكون نجزم نجزم بعبور غواصات إسرائيلية هجومية بصورة سرية وخفية وحسب ما نتوقعه وهو امر غير مستبعد مطلقا بل أنه نعتقده انه اكيد وقد حدث قبل ايام ومنذ اليوم الأول للهجوم فجر الساعة الرابعة من يوم الجمعة الماضية إن لم نكن نبالغ في الأمر وعبر قناة السويس وميناء العقبة، لتتموضع قرب الموانئ الإيرانية ومحطات تصدير النفط. هذه التحركات تأتي استعدادًا لتداعيات محتملة للصراع الإيراني-الإسرائيلي، الذي قد ينزلق إلى حرب شاملة خلال الساعات القادمة او الايام ، اذ لم يتم التوصل الى اتفاق حقيقي ومما يهدد إمدادات الطاقة العالمية ويُنذر بأزمة إقليمية غير وحيث تتقاطع المصالح الخليجية والأمريكية لتأمين مضيق هرمز والسيطرة على مصادر الطاقة. سياسة “العصا والجزرة”، التي تُمارسها الولايات المتحدة، تهدف إلى إجبار إيران على التفاوض، بينما تُؤكد دول الخليج نفوذها عبر استثماراتها التريليونية. في النهاية، يُثبت هذا الصراع أن الطاقة هي قلب الاقتصاد العالمي، والسيطرة عليها هي مفتاح الهيمنة الإقليمية والدولية. المشهد الإقليمي يقف على مفترق طرق، حيث ستحدد المناورات القادمة شكل التوازن الجيوسياسي لعقود قادمة.