الحجج فى الإسلام
الحجج فى القرآن :
لله الحجة البالغة:
طلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :لله الحجة البالغة أى لله الوحى الكامل وهو الدين العادل مصداق لقوله بسورة الزمر"ألا لله الدين الخالص" فلو شاء هداكم أجمعين والمراد فلو أراد أرشدكم كلكم وهذا يعنى أن الله لو أراد لآمن كل من فى الأرض مصداق لقوله بسورة يونس"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا"
وفى هذا قال تعالى :
"قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين"
الرسل هم الحجة بعد الله :
بين الله لنبيه(ص)أنه أرسل الرسل وهم الأنبياء(ص)لجميع الأقوام مبشرين أى مخبرين أى منذرين أى مبلغين للوحى وهو حكم الله والسبب فى إبلاغهم حكم الله هو ألا يكون للناس حجة على الله والمراد ألا يصبح للخلق برهان عند الله ينقذهم من العذاب بعد إبلاغ الرسل(ص)حكم الله لهم ويبين له أنه عزيز أى قوى ينصر من يطيعه حكيم أى قاضى يحكم بالعدل وفى هذا قال تعالى :
"رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما"
الحجة والظلمة :
طلب الله من رسوله (ص)ومن المؤمنين أن يولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام والمراد أن يتجهوا بأنظارهم وهى مقدمات أجسامهم إلى اتجاه البيت الحرام ،وقوله "لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا فلا تخشوهم واخشون " بين الله فيه لرسوله (ص)والمؤمنين أن السبب فى وجوب اتجاههم للكعبة فى الصلاة هو ألا يكون للكفار عليهم حجة أى برهان باتفاقهم معهم فى القبلة ويبين لهم أنهم لا يجب عليهم أن يخشوا أى يخافوا من أذى الذين ظلموا أى كفروا بوحى الله والواجب عليهم أن يخشوا الله أى يخافوا من عذاب الله فيطيعوه،وقوله "ولأتم نعمتى عليكم " بين الله فيه لرسوله (ص)والمؤمنين أنه سيتم نعمته عليهم أى سيكمل لهم دينهم ،وقوله "ولعلكم تهتدون "يعنى ولعلكم تسلمون أى تطيعون فتثابون
وفى هذا قال تعالى :
"ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشون ولأتم نعمتى عليكم ولعلكم تهتدون"
لا حجة بين الناس :
بين الله لنبيه (ص)أن لذلك وهو الكتاب عليه أن يدعو أى يبلغ أى ينادى لإتباعه وأن يستقيم كما أمر والمراد وأن يطيع حكم الله كما أوصى وهذا يعنى أن يعبد الله وحده مصدماق لقوله بسورة الرعد"إنما أمرت أن أعبد الله "ولا تتبع أهوائهم والمراد ولا تطيع وساوسهم وهى خطوات الشيطان أى سبيل المفسدين مصداق لقوله بسورة النور "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"وقوله بسورة الأعراف"ولا تتبع سبيل المفسدين " وطلب منه أن يقول :آمنت بما أنزل الله من كتاب والمراد صدقت بالذى أوحى الله من حكم وأمرت لأعدل بينكم والمراد وأوصيت أن أحكم بينكم بالقسط مصداق لقوله بسورة المائدة"وإن حكمت بينهم فاحكم بينهم بالقسط"،الله ربنا وربكم والمراد الرب إلهنا وإلهكم ،لنا أعمالنا أى لنا أحكامنا التى نطيعها ولكم أعمالكم والمراد ولكم أحكامكم التى تطيعونها ،لا حجة بيننا وبينكم والمراد لا قاضى بيننا وبينكم فى الدنيا ما دمتم لا تعقلون ،الله يجمع بيننا والمراد الله يبعثنا كلنا ليفصل بيننا وإليه المصير والمراد وإلى جزاء الله المرجع مصداق لقوله بسورة المائدة "إلى الله مرجعكم " وفى هذا قال تعالى :
"فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير "
حجة إبراهيم(ص) المأتية :
بين الله لنبيه (ص)أن تلك وهى حكم الله هى حجة الله وهى وحى الرب أتاها إبراهيم على قومه والمراد اختص الله بها إبراهيم(ص)من وسط شعبه وهذا يعنى أنه الله اختار إبراهيم(ص)رسولا من وسط قومه فأنزل عليه الوحى ،ويبين له أنه يرفع درجات من يشاء والمراد يزيد عطايا من يريد من خلقه أى ينزل الآيات إلى من يشاء من عباده مصداق لقوله بسورة النحل"ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده "،ويبين له أن ربه وهو خالقه حكيم أى قاضى بالحق عليم أى خبير بكل شىء .
وفى هذا قال تعالى :
"وتلك حجتنا أتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم "
التحاجج بلا علم :
بين الله لأهل الكتاب أنهم حاجوا فى ما لهم به علم والمراد أنهم جادلوا المسلمين فى الذى لديهم فيه وحى وهو أمر عيسى (ص)حيث عندهم الإنجيل ويسألهم :فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والمراد فلماذا تجادلون فى الذى ليس لديكم فيه وحى منزل وهو أمر إبراهيم(ص)والغرض من السؤال هو إثبات جهل القوم وقولهم دون وجود وحى منزل عليهم فى أمر إبراهيم(ص) ،ويبين الله لهم أنه يعلم أى يعرف كل شىء وهو لا يعلمون أى يجهلون والمراد لا يتبعون وحى الله.
وفى هذا قال تعالى :
"ها أنتم حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"
محاجاة قوم إبراهيم(ص):
بين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم (ص)حاجه قومه والمراد جادله شعبه بالباطل فقال لهم أتحاجون فى الله والمراد أتجادلوننى فى دين الله أى تكذبون حكم الله وقد هدان أى علمنى حكمه الحق؟وهذا يعنى أنه يقول لهم أن جدالهم باطل،وقال ولا أخاف مما تشركون به والمراد ولا أخشى من الذى تعبدون مع الله أذى إلا أن يشاء ربى شيئا والمراد إلا أن يريد خالقى خوفا يحدث منى وهذا يعنى أنه لا يخاف من الأرباب المزعومة أى أذى إلا ما أراد الله أن يقع منه من خوف الأرباب المزعومين،وسع ربى كل شىء علما والمراد أحاط إلهى بكل أمرا معرفة أى "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين"كما قال بسورة يونس فهو لا يغيب شىء عن علمه ،أفلا تتذكرون أى "أفلا تعقلون"كما قال بسورة الصافات والغرض من السؤال إخبارهم بوجوب التعقل وهو الإيمان بالإسلام وفى هذا قال تعالى :
"وحاجه قومه قال أتحاجونى فى الله وقد هدان ولا أخاف مما تشركون به إلا أن يشاء ربى شيئا وسع ربى كل شىء علما أفلا تتذكرون"
تحاجج الكفار في النار:
بين الله لنبيه (ص)أن القوم يتحاجون والمراد يتجادلون أى يتخاصمون بالأقوال فى النار وتفسير بقية الآية الله قد حكم بين العباد والمراد إن الرب قد قضى بين الخلق بالعدل وهذا يعنى أنكم مستحقون للعقاب الذى أنتم فيه .
وفى هذا قال تعالى:
"إذ يتحاجون فى النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد"
التحاجج في الله :
طلب الله من نبيه (ص)أن يخبر أهل الكتاب أن حجاجهم فى الله وهو تكذيبهم بدين الله ليس له أساس لأن الله هو ربهم وربنا وهو إله واحد ويبين لهم أن حساب أعمالهم عليهم وحساب أعمال المسلمين عليهم والمسلمون مخلصون أى مطيعون لدين الله
وفى هذا قال تعالى:
"قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون"
المحاجة في إبراهيم (ص):
سأل الله أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى :لم تحاجون أى تجادلون فى أمر إبراهيم(ص)فتزعمون أنه يهودى أو نصرانى والغرض من السؤال ليس أن يجيب القوم ولكن الغرض منه إثبات كذبهم ويبين لهم أن التوراة وهى كتاب اليهود كما يزعمون والإنجيل وهو كتاب النصارى كما يزعمون ما أنزلوا إلا من بعده والمراد ما أوحاهم الله لموسى(ص)وعيسى(ص)إلا من بعد وفاة إبراهيم (ص)بسنوات طوال ،ويسألهم :أفلا تعقلون أى تفهمون؟والغرض من السؤال هو إثبات جنونهم أى عدم عقلهم
وفى هذا قال تعالى:
"يا أهل الكتاب لم تحاجون فى إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون "
الحجة في الأحاديث :
من أحاديث الاحتجاج ورد بعض قليل أشهرهم :
3409 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الجَنَّةِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى مَرَّتَيْنِ» رواه البخارى ومسلم
والخطأ وجود محاجاة أى جدال فى الجنة بين الرجلين ويخالف هذا أن الجنة ليس بها لغو أى جدال أى باطل وفى هذا قال تعالى بسورة الواقعة "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما"
وقال بسورة الغاشية :
"فى جنة عالية لا تسمع فيها لاغية ".
34 - (2846) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " احْتَجَّتِ النَّارُ، وَالْجَنَّةُ، فَقَالَتْ: هَذِهِ يَدْخُلُنِي الْجَبَّارُونَ، وَالْمُتَكَبِّرُونَ، وَقَالَتْ: هَذِهِ يَدْخُلُنِي الضُّعَفَاءُ، وَالْمَسَاكِينُ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ: أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَرُبَّمَا قَالَ: أُصِيبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ - وَقَالَ لِهَذِهِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا " رواه مسلم والخطأ الأول هو احتجاج الجنة والنار وهو ما يخالف أن الجنة لا يسمع منها أى لغو أى كلام باطل مصداق لقوله تعالى بسورة الواقعة :
"لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما "
والخطأ الأخر هو أن الجنة يدخلها الضعفاء والمساكين ويخالف هذا أن الله وصف المسلمين بالشدة فقال بسورة الفتح:
"محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار "
فأهل الإسلام هنا أقوياء ذوى بأس

رد مع اقتباس