حكاية أبي ....
ترددت زينب في تلبية الدعوة صديقتها هبه لكنها وبعد تفكير قررت الذهاب، فهي لها فترة منقطعة عنهن.. وتدرك بأنها محور حديثهن هذه الأيام خاصة بعد ما حدث، لذلك يجب كسر صمتها وعزلتها بعد ماحدث معها، أن ماحدث لها شائع بين الناس، فأبيها لم يكن الأول ولن يكون الأخيروبالتالي سوف تسمع الكثير من الأحاديث المزعجه بهذا الخصوص ان كان من صديقاتها او غيرهن لهذا قررت الذهاب بعد فترة طويله من التفكيروالتدقيق خرجت من بيتها وهي مؤمنه بأنها ليست غريبه عن مجتمعها وهو ليس بغريب عليها فحياتها لم تكن ألا سلسلة من هذه الأحداث المتكررة للناس... وصلت زينب منزل هبه التي استقبلتها بوجه بشوش، وترحيبا حار.
كيف حالك يا زينب أين أنت لماذا لم نعد نراك ؟
ترد زينب الحمد الله بخير وانت كيف حالك لتأخذها هبه إلي غرفة الجلوس التي بها صديقاتها سلوى وسهام وصباح تحي كلا منهن فهي لم تأتي الي جلساتهن فى الفترة الاخيرة...
لتسألها سهام كيف حالك يازينب وحال أسرتك؟؟
بخير بخير ترد زينب. يسود الصمت للحظه لتكسره
صباح لا عليك يازينب فكلنا تأثرنا بما حدث فى بيتكم وهذا ليس شئ غريب عن مجتمعنا والله أن هذا الحق الذي يستغله الرجال بجهل ويسبب لنا ولهم المشاكل التي نعاني منها ألان.
لتقول لها زينب بشئ من المرارة أني أعلم ان هذا الأمر عادي ولا يحتاج كل هذا التعقيد فقد كنت منذ صغري أعيش بين أخوة وأخوات كثر وكنت أري كيف يعاملنا ابي وكثيرا ما شبهته بذلك الرجل في فيلم الأبيض والأسود ((سي السيد)) لسطوته وقوته الا أن أبي له غير أمي زوجتان هن أمهات أخوتي الكثر ومعاملة أبي لزوجاته هو والى وسط الحريم..عندما يدخل البيت يجد مكانه جاهز ومريح وفى ركن هادئ محبب اليه ..وملابسه جاهزة ونظيفة وطعامه فى موعده فهو نادراً ما كان يأكل معنا الا فى الأجازة والأعياد وهذا الشئ تقوم به كل واحدة من زوجات أبى فى يومها المحدد وأخوتى موزعين فى غرفهم لحظة وجود أبى بالبيت لدراسه ولغير الدراسة المهم لا ضوضاء فى وجود أبى وحتى فى مشاكلنا تحاول حلها زوجات أبى وأمى بعيداً عن أبى الا أن كان هناك ضرورة لإعلامه...كنت أحب دائما التعليق رغم أمىكانت تنهرنى عن ذلك أمام زوجات أبى لا يناقش ابدا فى أى شئ فهو يتعب ويتعب من أجلنا كنت أرى أبى وسط زوجاته شهريار النشوة والمتعه كنت أرى أبى شهريار الذى تشكل المرأة مجرد رقم فى سلسلة حريمه والذى لازال حتى الان لم تأسره شهرزاد بعد. هكذا كنت أراه كنت أرى أخوتى وأنا من بينهم نكبر فى وسط مزدحم وخوف وأنتظار فشقيقاتى تزوجن.منهن من أقتنعت بالزواج للاستقرار ومنهن من تزوجت للهروب فقط وللخروج من الضغط المفروص عليهن رغم أن أبى لم ينقصنا شئ من تعليم وتوفير كافة احتياجاتنا ولكننا كنا نبحث عن أبى. حتى وأن بعض الطلبات كان أخى فتحى يوفرها لنا فهو يعمل الان وأكثر حرية وقدرة على كسب أبى . كنت دائمة السؤال والخوف وأردد بينى وبين نفسى لن أرضى يوما فأ كون مثل أمى رغم كل ما فيها من طيبة وتسامح وحب وأنا لا أعنى هذا هذا الجانب الذى يأسرنى فيها إنما أقصد مشاركة نساء أخريات لى حياتى وزوجى ولأن أمى هى الزوجة الأولى لأبى فهى كانت دائما ترضيه حتى وأن أساء هو لها فهى تحبه حبا كبيرا فلم أجد أنثى مثل أمى تحب رجلا هكذا.. فأمي أراها امرأة خارجة من روايات الحب والوفاء وقصص العشق الأبدى المعطر بإخلاص حتى نهاية العمر مهما كان الأخر قاس يحمل بين اضلاعه قلبا يملأه الهوى وما يراه يريده نعم هكذا أبى يعشق النساء ويردد دائما بين معارفنا لم أعثر على امرأة بعد رغم زواجه من ثلاثه بما فيهن أمى..فالرجال لا لا يختلفون كثيرا فهم بقلوب متشابهة وعندما يملكون المال تصبح جيوبهم مثقوبه تسرب المال من أجل الملذات والشهوة بدون تفكير لحظتها.من أجل التمتع فقط.تصبح عقولهم صغيرة وأفكارهم محصورة فى جيوبهم لتكون زوجة واحدة لا تكفى..أجل أنى أخبركن بهذا لكونى أشعر بمرارة زمنها ليس بقصير منذ صغرى وأنا أرى أبى ذاك الرجل الذي لا يقهر أراه ذاك الرجل المتباهى بفحولته أمام أصدقائه والزوار الدائمين فى بيتنا والذين عن طريقهم وصل خبر رغبته بالزواج للمرة الرابعة. لتثور ثأرة الجميع وتتحول الطاعة لرفض ورفض.لتقف أمى فى وجهه للمرة الأولى وتطلب الطلاق فى حال تزوج الرابعة، وأنا أستغرب كل هذا لتكثر المناقشات فى بيتنا، وليصبح بيتنا المائدة المستديرة لأجتماع أخوتى وأخواتى لأسخر وأقول لهم يبدو أن مسلسل الحاج متولى جدد رغبة أبى وأحياها بداخله فهودائما يقول لهم هذا من حقى فالدين أعطه لى الله فلن يمنعه عنى أحد.فماذا يريد أبى بعد هذا العمر ؟؟ وبعد هذا الكم من الأولاد والأحفاد. .
هكذا تسترسل زينب فىإخبار صديقاتها بعد تلبية هذه الدعوة التى ترددت كثير فى قبولها وهى مدركة تماما بأنها حديثهن الذى لا ينتهى هذه الفترة ليكون ما بين تسلية أو ربما خوف وقلق عليها أولكونهن يدركن بأنها حساسه ووضع بيتها صعب.
لتقول لها سلوى نحن ياعزيزتى لم نكن نرغب فى الحديث عن هذا الموضوع ولكن أردنا ان نخرجك من زعلك وضيقك وعزلتك وبعدك عنا....
لكن زينب رغم قول سلوى ذلك لمحت كم التسأولات فى أعينهن، ولأنها تعى نوعية أ حاديثهن....
ترد عليها زينب لا عليك لا عليك أحببت بأن أعفيكن من التهرب من الحديث أمامي عن الزواج وخاصة أحاديث الزواج لأكثر من مرة. نعم أبى رجل كمثل الرجال وانا أن تحدثت عن ما يحدث فى بيتنا فهذا يشمل العديد من البيوت الا أن بيتنا أختلف منذ صغرى عن بيوت صديقاتى وقريباتى .كنت أشعر بالوحدة فى هذا العدد الهائل من الأخوة والأخوات أشعر بالغربة فيه رغم وجودى مع نساء امهات لى ّ. تنهدت وصمتت برهة عن الكلام لتسكب هبة الشاى وتقدمه لها .....تصمت عن الكلام الذى أصبح كالجوقة فى حلقها تتصارع مع طبول الألم والحزن فى لحظة الواقع التى تعيشها ...وتعاتب نفسها لماذا أتيت لماذا ؟؟فهى أمامهن حديث أعنيهن بالكلمات ومحور أصابهن فى الغياب ..تصمت لتقول نعم لم يأبى أبى بغضبنا وتدخل العديد من أهلنا ومعارفنا لمنع هذا الزواج ورمى كل ما قيل له عرض الحائط . تزوج وترك البيت لينتقل ويعيش معها، صحوت ذاك اليوم على صوت أمى تهدد لن أسمح له بالدخول الى هنا بعد الان وزوجات أبى ونحن معك أيضا..بينما أنا أصبحت أضحك في قلبي وأقول أه ياأمى لماذا كل هذا وأنت أول من سمح له بذلك فقد انهزمتى مرتين، كيف ياأمى يحدث هذا الان وتركت عمراً كان يحتاج لموقف مثل هذا حتى وأن كان أبى عنيدا ً مستبداً لا يأبه بأحد..لم يكن محالا أن تقفى وتقنعيه مثل ما تفعلين الان وتقولى له لن أرضى ،ولكن يا أمى ياأمى ....!!!!
وقد كررت ذلك أمام أمى وزوجات أبى وأخوتى ، وقلت الأنثى هى السبب فى كل ما يحدث لها فعلا انتن تدفعن ضريبة المسايرة والخوف والخضوع بدون إرادة وانتن شريكات ولستن جوارى انتن السبب فلا داعى لكل هذا الان .... تسألها هبة وماذا فعلن بعد ذلك ؟ سافر أبى لقضاء شهر العسل مع عروسه التى ألهبته فتنة ودلال ليركض وراءها وكأنه مراهق صغير بدون وعى ويترك بيته ينسى اولاده وأحفاده وهو الملك الذى يأمر فيهم فيطاع!!! .تضحك زينب قائلة فيفاجئنا أبى بدخوله علينا بعد عودته من شهر العسل ليقف الجميع ليس للحظة بل سرعان ما يهرعن زوجات أبى وبينهن أمى لتحيته وسؤاله عن أحواله وصحته ليرد عليهن وهو كالطاووس ينفش ريشه متباهيا وسطهن وكأن شيئا لم يحدث تضحك الصديقات وتقول هبة أيعقل هذا وماذا عن التهديد والوعيد؟؟ زينب لا كل ذلك كان لحظة الحدث ياعزيزتى فاأنا كنت متأكدة من ذلك .هناك أمور فى حياتنا ربما لا نستطيع تفسيرها رغم إننا نعيها وندركها حقيقة أنى مع هذا وقفت مستغربة ما يحدث فى بيتنا وأدركت حينها إن الواقع الذى تعودنا عليه لا يتغير الا بإرادتنا ولم تكن أمى إلا انثى ترى حياتها من زاوية واحدة ومنطق واحد لا يتغير وهى القناعة المطلقة فالرجل بالنسبة هو الظل الآمر فى الارض تخرج من بيت أبيها لتجد نفسها فى بيت زوجها الآمر الناهى أيضا..ربما تجدن قولى هذا غريب عنكن !!وهذا ليس الا لأنى أنثى ترفض الأنكسارات التى خلفتها بنات جنسها ورائها تنظر زينب لصديقاتها وتتوقف عن الكلام الا نظراتها اليهن تسألهن هل فهمتن ما أعنيه وهل لحديثى صدى لديكن ...فما كان من سلوى بعد صمت زينب تسأل صديقاتها اذا شاهدن برنامج فى إحدى القنوات بالامس يعرض جديد التجميل والموضة وأخر صيحاتها لينشغلن هبة وسهام مع سلوى .
وتدرك زينب أنها كلفت نفسها عناء الحديث وتشعر فى هذه اللحظة أنها ربما كررت هذا الحديث سابقا ربما مع أمها وزوجات أبيها فقررت الصمت والصمت بعد هذا الحديث الطويل فربما هى نقطة لحقيقة شاردة وغريبة أو جريئه فى زمن اللامبالاة.
بقلم / سالمين القذافى