أشاحت بوجهها بعيداً عنى ... وتوجهت بجسدها خارج الغرفة ... وغلقت باب الشقة ، إيذاناً بإنتهاء الموعد المحدد للقاء الرئيس ... ليلقى بياناً هاماً فى الجلسة الختامية لصالح نفوذنا داخل الشقة وخارجها أيضاً ... أدارت جسدها وتوجهت تجاه الرئيس ... وقد لاحظت كم هو عظيم بجبروته الخفى عن الأعضاء الحاضرين معى .
المكتب الضخم ... والكرسى الدائرى ... فرحاً بما عليه ... وقد ارتسمت على جبهته علامات التقوى والإيمان ... قد كان ذلك قبل أن يلقى بيانه الإفتتاحى الهام ... وما أن بدأ يتلو حتى صمت الجميع صمت من هم أموات فى المقابر ... حتى ينهى بيانه ويتم مناقشته :-
- على كل واحد منا أن .....
كنت جالساً أمام صورة الرئيس غير مبالٍ لما يقال ... فقد مللت من بياناته .
" قد أرسلتها له ليلة البارحة عندما دعانى على العشاء وأعطانى عربون "
انطلق قلبى كانطلاق صاروخ خارج من مجاله الأرضى محلقاً فى فضاء روح عذبة وإلى وجه ذو كبرياء ... فمنذ أن سمعت رنين صوتها الذى ينم عن شخصية مركبة تركيباً كيميائياً ... عناصر ممتزجة مكونةً ملاكاً شفافاً ... وعناصر أخرى ممتزجة مكونةً مارداً متكبراً ... صرت كائناً هلامياً قابلاً أن تتحكم فيه وتسيطر عليه فى أى وقت شاءت وفى أى مكانٍ كان .
تذكرت ذلك عند أول لقاء بها داخل الشقة مرحبة بى ... وتدعونى أن نتحدث معاً ... ولكن بحذر .
وشربنا معاً وتواعدنا على اللقاء مرةً ثانية .. أنا وهى فقط .
واليوم تجمعنا الأيام فى الجلسة الختامية ... تتجاهلنى وأعلم مكنونات نفسها ... هى تحبنى ... أعلم ذلك .
- خذوا حذركم من ....
كيف أثبت لها أنها تحبنى أنا دون هؤلاء الأعضاء الهامشيين .
أحسست بحرارة جسدها الملامس لجسدى ... تجلس فى كبرياء ... أنا بجوارها لا شئ ... بل أدنى من الكرسى الملامس لزميله .
- يجب أن يعرف كل منكم واجباته وحقوقه وأن ......
همست فى أذنها :-
- أحبك ... أحبك ... فلا داعِ للعناد والترفع .
أدرت وجهى حين قذفت صراحتى لتواجهها ... وقد تبدل لون وجهها من اللون الأبيض الناصع إلى اللون الأحمر ... كأنى إشارة مرور أرغمت كل السائقين على الوقوف الجبرى .
- من هنا أيها السادة نبدأ المسير .. والسلام عليكم ورحمة الله .
انطلقت الرحى تصفق تصفيقاً حاراً ... ينظر كل منا إلى الآخر فى حالة فرح عم على الكل بعد انتهاء البيان .
رأيتها تتحسس نفسها ... أحسست فى النصف ساعة الماضية بالغرق فى بحور العشق ... لم تساعدنى لإنقاذ حياتى ... بيدها أن تريحنى ... وتخلع نقاب كبرياءها أو أن ترحل بى إلى دموع العاشقين النكسرين ... التائهين .
" كل يبحث عن رفيق حياته "
الساعة تقترب من العاشرة مساءً ... ومازال الصمت يخيم على المكان .
وفجأة انفجر البركان ... وحانت ساعة مناقشة البيان ... وتصاعدت واختلطت الأصوات ... كل يسمع صوته فقط :-
- أوافق على ما جاء فى البيان ... ولكن ........
- أتمانع أن نتحد ونصبح قوة .......
- أرجوا الهدوء .
- مازال أمامنا الوقت كى ......
- ماذا تقول ؟!
- كيف هذا ؟!
- لا أوافق .
- لى سؤال هام ... لماذا نحن مجتموعون هكذا اليوم ؟!
- عندك حق .
- ماذا ؟!
- لما ؟!
- لا .... لا ....
- يعيش ويحيا ....
- كلنا هنا من أجل .....
- أحبك ... سأظل أقولها للأبد .
- أمازلتم فى ثباتكم ... العدو الأول من الخارج ... وليس من الداخل .
- أقول الصدق دائماً .
- من أنت كى تحبنى ؟!
- أحبكِ ولكن ...
- أتعرف حقيقة من بالداخل أولاً لتعرف حقيقة من بالخارج ؟!
- إنسان ذو كيان وإحساس ونبض قلب ... وروح اختارت روح لتشاركها لذة الصمت الكائن فى أعماقنا !
- أنت عدو لنا .
- أوافق .
- أحبك ... أنتِ تدرين ذلك ... إذن متى المصارحة !
- المصارحة الــ ...... لا لن تتحقق إلا إذا ......!
- لا أقدر على مصارحتك ... فحبك أقوى من حبى لك .
" لامست يدها وتوهجت النيران داخلنا ... ولن تطفئ أبداً "
( تمت )
سامح عبد البديع الشبة