يثور فى نفس نور فجأة هذا التساؤل :-
" ماذا يحدث لو قدر لكِ القدر يا نور أن ترى أبو النور ؟ "
توجهت نور إلى بيتها وعقدت مجلساً فى غرفة نومها ، تخيلت أن أبو النور قد نفذ عبر الزمن ، وجلس يحاورها ويتغزل فى مفاتنها .
عندئذ اتخذت نور هيئة ليلى ، فأدركت نور اللقاء الحميم ، وقالت :-
- " خدعتنى يا أبو النور ... انتظرتك كثيراً ، ولكننى كنت ألاقى صدى غيابك يطاردنى حتى فى المنام ... كنت أفزع من كابوس رحيلك ، إلى أن تحررت من غربتك وأصبحت رجلاً حراً طليقاً ... فمنذ أن فرقتنا الأيام ... شعرت بضرورة لقاءنا مرة ثانية ... فكم تبقى من العمر حتى نعاتب أنفسنا ... فالماضى مات ... وما علينا إلا أن نظل معاً إلى الأبد ... أبو النور ... لا تتركنى أبداً ... فلا وداع ولا دموع بعدما جمعتنا الأيام مرة أخرى " .
أصبحت نور مستمتعة غاية المتعة بتلك الجلسة ، وبرؤية أبو النور ، يبتسمان ويتناجيان .
ومازال يطاردها نفس السؤال ، ويلح عليها :-
" ماذا يحدث لو قدر لكِ القدر يا نور أن ترى أبو النور ؟ "
- " انتهت جلستنا يا أبو النور دون إرادتنا .. وتغير المكان وتغيرت الساعات ... وأصبحت قطرة فى محيطك الواسع . كان حلماً جميلاً ... فما حياتى كلها إلا أحلام ... فيصبح الحلم واقع أعيش فيه أكثر من واقع لم أعشه ... فما أكاد أصبح فى قلب البيت إلا وتصيبنى الحيرة والذهول ... وأقيم الجدران للبيت ... وأعيش وأتحرك فيه ... ثم سرعان ما يتهاوى على رأسى وأفنى ... وأحيى من جديد فى حياة جديدة فى حلم جديد . بدأ يخطر فى بالى أن حياتى وسنوات عمرى لا يمكن أن تكون كلها حلماً ... وبحثت عن طريق آخر للنجاة ... فوجدته متمثلاً فيك للأبد ... أبو النور ... أصبحت لا أؤمن كثيراً بالأحلام ... فلا الحلم حقق لى ما أتمناه ... ولا الواقع هيئ لى فرصة اللقاء المنتظر " .
أتاها رنين جرس باب البيت ونقرات خفيفة تداعب زجاجه ، فنظرت صوب مرآتها باستغراب ودهشة :-
- " من الذى يمكن أن يطرق الباب فى هذا الوقت المتأخر من الليل ؟! "
اقشعر جسدها ، وتصبب العرق وكسى ملامح وجهها :-
- " آتية إليك يا أبو النور " .
جاءها صوت هادئ عذب جميل من خلف الأبواب :-
- " أمى ... افتحى الباب ... أنا ضياء " .
" ماذا يحدث لو قدر لكِ القدر يا نور أن ترى أبو النور ؟ "