قبضات من طين بلادى
د. أحمد سعد الدين أبورحاب
------------
ياطين الأرض
يا دمع النهر المسفوح على الشطآن
يا طين الكرم المعصور بدنّ الموت
كى اصنع منك بلاداً
انفخ فيها من روحى
كى تتوهج فى الليلات العطشى
وطنا يفهمنى
يحمينى من ذل الأسر ورعب الوحدة
يحمينى من جبروت الطاغوت
من ظل الأيام المسنونة
من كل مرارات الكينونة ,
ماذا أصنع ؟
ياوطنى
من يحظر ان تتجول نسمات العصر
تنفخ فستان البنت الطفلة
من يسجن أنغام الطير
يحجبها عن آذان العشاق
ووجيب الزهر
من يمنع اشعارى ان تطفر فى بهجة
تتوثب فى فرحة
تهرب من سجن الآوراق وسجن الآذان الى افئدة الغيم
من يمنعنى ان احلم بروابيك الجرداء تلالاً من ورد
من يحرم قلبى الأشواق وشعرى الأحزان ودمعى البوح
من يغتال الحب ؟
ياطين الحقل
كي ازرع فيك نباتا لم يُزرع من قبل
كى ابنى منك الكوخ المفقود
ماذا أصنع ؟
تتشكل بين اصابع اوهامى
قبضات من طين بلادى
تُحرقنى نار التحريق
اتشكل فخّارا يشرب فيه الناس
العشق الصامت يتسرب عبر مسام وجودى
اروى بالدمع ورودى
اصرخ فى وجه الكون بآهات التبريح
اصرخ فى وجه الريح
طينيا اتحرّق فى النار
طينيا اتبرّد فى النهر
طينيا اسّاقط فى تجويف القبر
ياطين الأرض
اعرف انى منك
وأنا لا أتعالى عنك
لكنى احلم احلاما لا تعرفها
اكتب اشعارا لاتفهم شيئا منها
لا تغضب
فالزهر من الطين
والطير من الطين
والقلب من الطين
فاتركنى ارحل بين الحين وبين الحين
لأريج الزهر ونغمات الأطيار
فأنا مهما مارست الترحال
مهما ادمنت التجوال
تحت الأمطار وفوق السحب اسوق الأحلام وراء الأحلام
يوما سأعود اليك وأسكن فيك
نتوحد ياطين الأرض
انت وقلبى المسكين
فاتركنى ارحل بين الحين وبين الحين
وطنى
يا وطنى
والعمرْ
ان الأيام تمرْ
لن يبقى إلا ما تألفه الريحُ ,
ويفهمه الطيرْ