المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. مصطفى عراقي
الأخت الفاضلة الأديبة المبدعة :ليلى
أشكرك شكرين:
شكرا خاصا لما تسبغين على كلماتي الشاردات من فضل إذ تؤينها إلى ركن جميل ، في سياق من كتابتك الأدبية الجامعة بين روعة الفكرة المبتكرة، وجمال الأسلوب الأخاذ ، وجلال العبارة المشحونة بالشجن والذكرى، في نصوص ثرية بالإيحاءات والإشارات
وشكرا عاما لما تتحفيننا به من هذه النصوص المصوغة بفن وثقافة:
وما أشجى إشارتك إلى المعتمد بن عباد في بوحه!
وتحية لهذا التناصّ الجميل بهذا النص الأدبي الثري الموحي
عبر استحضار مدينة أغمات المغربية التي تقع جنوب المغرب بالقرب من مراكش بها ضريح الملك الشاعر المعتمد ابن عباد بها قضى بها بقية ايام عمره هو وزوجه مأسورين.
وهي إشارة غاية في الذكاء والبراعة فابن عباد وهو آخر ملوك بني عباد بالأندلس.رمز من رموز ضياع الفردوس المفقود في الأندلس .
يقول عنه المعَري في نفح الطيب: " وأخبار المعتمد بن عبَاد وما رآه من الملك والعزَ في كل حاضر وباد وما قاساه في الأسر من الضيق رحمه الله وغفر له"
كما أن فيه إشارة لطيفة إلى أبياته المؤثرة وقد نُكب في آخر حياته بملكه ونفسه وأبنائه ونُفي الى أغمات في افريقية وسجن وقيد بالقيود بعد مجده وعزه في قصره الزاهي بإشبيلية .
وقد دخلت عليه بناته وهو في سجنه بأغمات ، بعدما حلت به المصيبة ، دخلن عليه وهن في أطمارهن البالية ، يغالبن البكاء ويصارعن الذل ليرددن على أبيهن كلمات التهنئة بأول عيد يمر عليهن في السجن ، فإذا بالأب الملك يحتضن بناته ، منشدا:
|
فيما مضى كنتَ بالأعيادِ مسرورَا |
فساءك العيدُ في أغماتَ مأسورا |
ترى بناتكَ في الأطمارِ جائعةً |
يغزلنَ للناس مايملكنَ قطميرا |
برزنَ نحوك للتسليم خاشعةً |
أبصارهنَّ حسيراتٍ مكاسيرا |
يطأن في الطينِ والأقدامُ حافيةٌ |
كأنها لم تطأ مسكًا وكافورا |
لا خدَّ إلا تشكى الجدبَ ظاهرُه |
وليس إلا مع الأنفاسِ ممطورا |
أفطرتَ في العيد لا عادت مساءتُهُ |
فكان فطرُكَ للأكبادِ تفطيرا |
قد كان دهركَ إن تأمرْه ممتثلا |
فردَّكَ الدهرُ منهيًّا ومأمورا |
من بات بعدك في مُلكٍ يسرُّ به |
فإنما باتَ بالأحلامِ مغرورا |
|
|
وهي لقطة إنسانية أثرت النص وأضافت إليه أبعادا عظيمة، عبر ذكر "العيد" وما يوحي من مفارقة شعورية :
أبعد أن كانت لياليه بصولة الملك
وسؤدد الجاه بيضاء
أضحى والعيد حداد.."
ولم يكتف النص بهذه الإشارة رغم صدقها وقوتها وإنما مزج بها إشارة أخرى لا تقل تأثيرا ألا وهي الإشارة إلى أبي عبد الله المعروف باسم زفرة العربي الأخيرة (el uacute;ltimo suspiro del Moro) الذي بكى وهو يلقى نظرته الأخيرة على غرناطة المستسلمة،
فقالت له أمه "ابك اليوم بكاء النساء على ملك لم تحفظه حفظ الرجال".
كل هذا في لغة فخمة تضاهي لغة عصر تعيدين تصويره تصويرا حيا حتى لكأننا صرنا في شعابه ورحابه .
[IMG]
أختاه:
صدقتِ
وليس ينفع الرثاء
ولا يشفي البكاء
ودمت بكل الخير والسعادة والإبداع