السلام عليكم ورحمة اللـه وبركاتـه
تحية ضمّختُهـا بعبير الياسميـن
الكريـم رأفت عيسـى،
اسمـحْ لي بدايةً بأنْ أرحّبَ بك بواحتكَ التي تسعدُ بانضمامكَ إليها وإلينا، حللتَ أهلاً ونزلتَ سهلاً ..
قرأتُ نصكَ الجميلَ بحقّ، ولكنني أتفق مع شاعرنا مصطفى في أنه نثـرٌ وليس شعراً، فالشعرُ لـه أسسٌ وقواعد لاغنى عنها أبداً، الشعرُ لوحـةٌ مركّبـةٌ من الوزن والشّعور والأخيلـة، أوْ لنقلْ هو عِقدٌ تراصّتْ حبّاتُه تلك جنباً إلى جنبٍ، متى انفرطتْ حبّـةُ الوزن مِن حبّـاتِه صارَ نثراً، ومتى انفرطتْ من حباتِه حبّةُ الشعورِ والأخيلـة صارَ نظماً.
ليسَ هذا فكراً قديما البتّـة ولا إطاراتٍ باليـة، بل هو قواعد وأسسٌ وضعها أساتذةٌ كبار، أساتذة وشيوخٌ أخذوا على عاتقهمْ مهمة حراسة اللغة والتراث، هو ليس فكراً قديماً بلْ هو تراثٌ عظيمٌ نفخرُ به وسنظلّ كذلك، بل وسيظلّ أبناؤنا يفخرون به حتى آخر رمق . أمّا ما استُحدِثَ - مما يخرج عن أسس ديوان العرب - فلا يعدو أن يكونَ تقليداً لأممٍ أخرى .
جميلٌ أن نقرأ للآخرين ونتعرف إلى فكرهمْ وثقافاتهمْ، أنْ ننفتحَ على لغاتهمْ وندرسها لأنّ ذلكَ يفتحُ لنا آفاقَ المعرفة والمثاقفة، ويُسهِم في تكوين شخصيتنا وإغنائها وفي توسيعِ مداركِنا، ولكنّنا نبقى دوماً متمسّكينَ بأصالتنا وتُراثنا، لأننا بدونهما سنفقدُ الحاضرَ والمستقبل، بل سنفقد قبلَ ذلك أنفسنا .
أيها الكريم، دعني أعترف لك بشيء، بأنني كنتُ أكتبُ في مرحلة سابقة على هذه الوتيرة حتّى قيّض لي ربّي مَن أنارَ دربي، ومازلتُ للآنِ أدينُ لهمْ - لهمـا - بالجميل وسأبقى كذلك ماحييت .
أمّـا الكريم مصطفى بطحيش فقد قامَ بواجبـه حينَ نقلَ النصّ من مملكة الشعر إلى مملكة النثر، بناءً على الأسس التي أوضحتُها بأول ردّي، وهو لم ينتقصْ من قيمة نصّكَ الذي أراه جميلاً بحقّ كما رآه.
أفليستْ حلّـةُ النثر جميلةً وساحرةً كما هي حلّة الشعر ؟؟ أوليسَ النثرُ والشعرُ إلفَيْـنِ، شريكيْن، قُطبَيْ الروح والبوح معاً ؟؟ فلماذا الرغبـةُ عنْ أنْ يتأبَّطَ نصّكَ ذراعَ النثـر ؟؟
سننتظركَ دوماً على ضفاف الحرف ..
ومرة أخرى أرحب بكَ وبإبداعـكَ بيننـا..
تقبّل خالصَ تقديري وودّي
وألف باقة من الورد والندى