( 3 )
الغروب
حين تعود الطيور المهاجرة ، أو الساعية إلى رزقها لأوركارها ؛ نشهد منظر الغروب الرائع..
الغروب مشهد يحبه المحزونون ، كما يحبه المتفائلون.. الغروب وداع.. تغيـّـر.. إلهام.. شيء جديد سيحدث.. الغروب ألوان وأطياف رائعة فيها الكثير من الفن و الإبداع.. فيها دعوة للتأمل..
حين يتنفس الغروب بالبزوغ ، وتبدأ خيوطه الذهبية والبرتقالية بالسطوع ؛ تفيض دموع المحزونين.. إنها صورة امتزاج ألوان الزوال مع ملوحة الدمع ، انسجامية ما بين مشهد طبيعي ومشهد إنساني ، كلاهما يحمل روح الوداع والتنفيس.. وربما الأمل بغد ٍ أكثر بهجة وإشراقا .
الغروب يعني أننا لم نزل نحمل في داخلنا روحا متفائلة ، منتظرة، هناك احتمال في أن نلتقي يوما بما نحب ، وبمن نحب .
الغروب إيحاء بأننا في الحياة نمر بلحظات حزن وألم ، لكنها ممزوجة بالأمل ، مثلما كان حزن يعقوب على فقد ابنه يوسف عليهما السلام ؛ كانت الدموع والأحزان ممزوجة بالبث والشكوى إلى الله والثقة بفرجه:
" إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ، وأعلم من الله ما لاتعلمون . "
" ولا تيأسوا من روح الله ، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون."
من يرقب مشهد الغروب يكون في حالة تأمل ، وصمت عن العالم الخارجي ، وحوار مع العالم الداخلي : الذات ، هناك بث.. هناك تفكر.. هناك أمل.. هناك إلهام..
الغروب لحظات أو دقائق معدودة تمر سريعا ، لكنها مشحونة بالعواطف، وتلهم المتأملين بشكل عميق وكبير .
حين ننشغل بالدنيا ومشاغل الحياة ؛ لنتوقف وقت الغروب ، لنتأمل الإبداع اللوني فيه ، ونتأمل ذواتنا التي تحمل روح هذا المشهد كذلك ؛ ففينا أطياف ملونة من المشاعر والأفكار تريدنا أن نتأملها بإلحاح !
خلود داود أحمد