1ــ
تُقلب البوم الصور وهي تبتسم لتعود بها الذاكرة الى الوراء
تلك الشرائط الحمراء التي تُزين جدائلها الكستنائية
وفستانها المزركش بخيوط زاهية مخملية...
والدب الأبيض الذي لطالما أحبت إحتضانه وإخفاء وجهها بين ذراعيه
كم كانت للحياة ملذةٌ خاصة... لكل شيء طعمٌ آخر
حتى الحب كان بريء عفيف لا نـُـ عبر عنه بــ دمعة الا حينما نشتاق
فــ الخيانة لا تسكن قاموس الأطفال...
وهاهي تُغلق البوم الصور وهي تتنهد وكأنها أضاعت عمر بـ أكمله
: اما آن لي أن أعلم بأن لكل عمر وقته وينتهي!!!
وها أنا أُغلق العقد الخمسين ولا زلت أبحث لي عن مآوى في طفولتي المسلوبه
أم أنني لا أعُير لـ الشيب أي إهتمام... حتماً أنني عجوز قد إقتربتُ من حافة الجنون..
وها هم أولادي يتعذرون أثناء زيارتهم لي بــ مشاغلهم و متطلبات زوجاتهم وابناءهم... وأنا وكأنهم يزورونني عطفاً وإحساناً منهم
آآآآآآآآآآآآآآهــ يا زمن... ضاقت بي الدنيا بما رحبت
وها أنا أسكن في منزلي القديم المليء بـ الذكريات الجميلة و العمر الذي مضى في كل ركن من اركانه دون ان اتوقع بأن ابقى وحيدة لا ونيس ولا رفيقٌ يجالسني وحدتي القاتلة ...
*************
2ــ
كــ العادة تصرُخ بـ الخادمة لكي تعاونها على الوقوف للوصول الى سريرها
فهي مُقعدة لا تجيد الإعتماد على قوتها المتهالكه ,حبذ ا لو الأمل يتحقق وتتمكن من ترك الكرسيّ المتحرك لِـ تتجول في اركان الغرفة بل المنزل كله دون الحاجة للآخرين... فالعكاز لم يعد ينفعها كما في السابق, وهي تخشى من مغادرة الخدامة بعد إنتهاء مدة مكوثها هنا..
كم من الآمال تبقى اطياف تزورها في الأحلام ولا يمكنها ان تتحقق الا بـِ مُعجِزة من رب العالمين..
*************
3ــ
- حاولي ان تُضيقي الفستان قليلاً فأنا أشعر بأنه يتسع لإثنين
- حسناً مدام
- أريده أن يكون مفآجأة الموسم...فـ الفتيات يتشوقن لـِـ رؤية فساتين الأفراح , ولا تنسين بأنها ليلة العمر لذا يجب أن يكون التطريز والتصميم مختلف تماماً عن باقي المناسبات..
- حسناً مدااام
-أوفففففففف كم مرة أقول لكِ لا تناديني مدام !! قالتها بــ تهكم وعصبية واضحتين
- أوهــ آسفة لقد نسيت .. أعذرني آنستي
- إذن لا تنسين المرة المُقبلة , عودي الى عملكِ.
إستدارت والغصة تخنقها بهدوء تكاد تنفجر كــ قنبلة موقوته
فهي تعلم بــ أن الزواج بالنسبةِ لها مجرد حُلم يراودها ليلاً حينما تشكي آلآمها لبدرٍ قد وعدها بـ كتم أسرارها المرهقة, فالحلم قد يُصبح كابوس حينما تحققه أمانيها ... وهاهي مُخيّرة إما الزواج و الحرمان من لحظات الأمومة التي تنتظرها كل أنثى لِـ تنعم بكلمة ماما بسبب داءٍ ليس له دواء , أو الإقتناع وتقبُلُ الواقع كما هو ...
ولكن هيهاتٌ هيهات فــ العمر يمضي
والقطار يتبعه على مسار ٍ واحد دائماً الى الأمام ... لـِـ يبحث عن مُسافر جديد يستقله في طريقه الى المجهول ..
رتبت مقعدها وأغلقت المحل بعدما إنتهى وقت العمل لِـ تعود الى منزلها وحيدة تعبثُ بها الأماني وتُحبطها الأحزان لـِـ مدى لطالما تمنت الوصول اليه ..