أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: جــارنــا الـيـهــــودى

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    المشاركات : 3
    المواضيع : 2
    الردود : 3
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي جــارنــا الـيـهــــودى

    بسم الله الرحمن الرحيم

    ((((( نظرت إلى الساعة فوجدتها قد قاربت على الثانية بعد الظهر .. كان الجو شديد الحرارة .. وكنت قد أرهقت كثيرا من العمل فى هذا اليوم على غير العادة فى باقى الأيام .. أظن أن السبب فى ذلك تلك الحالة التى تعاودنى ليلا من وقت لآخر .. فلا أستطيع أن أغمض طرفى .. وأهنأ بالنوم ولو لساعة واحدة .. وما يكون أطولها من ليلة تلك التى أصاب فيها بهذه الحالة من الأرق ..
    المهم قررت أن أغلق المحل وأذهب إلى البيت أستريح قليلا من عناء العمل ثم أعود فى آخر اليوم لأكمل ما تبقى منه .. أغلقت محلى الصغير الذى يعتبر هو مصدر رزقى الوحيد .. والذى منه أعول نفسى وشقيقتى الصغرى التى ليس لها فى الدنيا سواى الآن ..
    أغلقت محلى وتوجهت إلى المنزل الذى كان لا يبعد كثيرا عن مكان العمل .. فوصلت فى وقت قصير .. وأثناء صعودى سلم البيت انزلقت قدماى وهممت أن أقع أرضا .. ولكن ربنا ستر .. وكانت كل خسائر الحادثة أن انقطع نعلى .. فحمدت الله على انها جاءت علي هذا فقط .. وخاصة أننى قد اقتربت من منزلى .. أو تقريبا قد وصلت ..
    حملته فى يدى وأكملت باقى السلم حافي القدم ولما دخلت ألقيته بجوار الباب حتى آخذه معى وأنا ذاهب مرة أخرى للمحل .. وأمرره على (الجزمجى) ليصلحه ..
    أخذت قسطا من الراحة فى شقتى الصغيرة التى على صغر مساحتها أعتبرها بالنسبة لى كمملكة أكون ملكا متوجا على عرشها .. أجد فيها كل وسائل راحتى وترفى .. ولا أستريح فى أى مكان غيرها .. وأشعر بالغربة الشديدة عندما تجبرنى الظروف مثلا على الابتعاد لبضعة أيام عنها ..
    خرجت وأخذت حذائى فى شنطة صغيرة فى يدى وتوجهت إلى هذا (الجزمجى) على أول الشارع لأصلحها عنده فقد كان فيها قطع صغير لا يستلزم تغييرها .. كان هذا (الجزمجى) رجل فى العقد الرابع تقريبا من عمره .. عرفت من خلال ما سمعته عنه أنه رجل تقريبا لا يحب الإسلام والمسلمين .. نعم فقد كان يهودى من يهود الشرق
    نزل أبوه القاهرة فى الأربعينات وأحب مصر وأهلها .. فعاش فى حيينا الشعبى .. أحاطه الناس وقتها بالحب والأمان والمعاملة الطيبة .. فشعر بالأمان فى مصر .. فعاش فيها لما وجده من سماحة أهلها وطيبة قلوبهم .. ولكن –أخينا- هذا كان مخالفا تماما لأبيه فقد كنت تنظر إلى وجهه فترى العبوس والشقاء يطل من عينيه .. دائما غير راض عن وضعه .. دائما يشكو .. دائما يرى أنه مظلوم مضطهد على اعتبار أنه يهودى وأن كل أهل مصر مسلمين ولا يخفى عليه ما يكنه المسلمون من حقد وكره لإسرائيل ولليهود .. من جراء ما فعلوه فى مصر أيام احتلالهم سيناء .. وما يفعلوه الآن فى فلسطين ولبنان .. ولكنه للأسف لا يعلم أننا لا نكره اليهودية فنحن مسلمون .. نحن محمديون .. وإن محمدا هذا أمرنا بالإيمان بجميع الأديان .. ولذا فنحن باليهودية مؤمنون .. ولكن لليهودية حقا .. بتوراة موسى .. ليس بالعهد القديم ولا العهد الجديد .. دائما فى مشاكل مع جيرانه .. مع انهم يحاولون التقرب منه .. ويعاملوه بتعاليم الإسلام السمحة لعله يلين قلبه .. ويتسلل شعاع من النور لقلبه فينير ولو جانباً صغيراً منه .. ولكن هيهات فقد طمس الله على قلبه فجعل عليه أقفاله .. فلن يتسلل ولا شعاع النور ولا بصيص الأمل ..
    وصلت إلى محله .. دخلت وألقيت السلام عليه .. فرد على بوجهه العابس :
    "أهلا وسهلا .. أى خدمة"
    - متشكر جدا .. هذا الحذاء انقطع منى .. وأرجو إصلاحه ..
    أخذ الحذاء منى بشدته المعهودة .. وشرع يصلحه .. ووقفت منتظرا ليفرغ منه .. وما هى إلا دقائق قليلة إلا وقد انتهى .. أخذته منه بابتسامة صغيرة .. قابلها هو بعبوس وجهه المعهود
    - كم حسابك ؟
    - 5 جنيه ما ينقصوش مليم ..
    تعجبت من مطلبه هذا .. وتضايقت أكثر من أسلوبه المستفز .. أجبته - بنرفزة – وقد اختفت الابتسامة التى كانت مرتسمة منذ لحظات على وجهى :
    - 5 جنيه .. هو حضرتك عملت فيه حاجة كبيرة .. ده كان مجرد قطع صغير .. حاجة ماتستاهلش يعنى ..
    - هوه كده مش عاجبك بينى وبينك القسم ..
    كانت هذه الكلمة تعتبر منفذ الخلاص له من أى مصيبة يقع فيها .. فيتوجه مسرعا ألى شرطة الحى .. ودائما كانوا ينصرونه على خصمه ودائما لم يكن يستحق النصرة .. ولكن هتعمل ايه يا عم .. ده يهودى .. فى وسط مسلمين .. يعنى الموضوع ممكن يكبر .. ويتحول إلى تفرقة عنصرية .. واضطهاد دينى .. واحنا مش قد أمريكا وحلفاءها
    اعمل له اللى هوه عايزة يا عم وخلصنا ... كان هذا هو المبدأ الذى يعمل به ضباط الشرطة فى قسم الشرطة بالحى .. فعندما سمعته يقول هذا زاد حنقى وغيظى منه .. فقلت له :
    - على فكرة انا مش هاروح ولاقسم شرطة ولا بتاع .. وانت مش هتاخد اكتر من حقك
    - يعنى ايه .. هيا عافية ولا ايه
    - لا مش عافية ولا حاجة بس كل حاجة بالعقل ..
    وأخرجت من جيبى جنيهان .. أظننى قد أكرمته كثيرا بهما .. ووضعتهما على الترابيزة التى أمامه .. وهممت بالخروج ..
    عندها احمر وجه الرجل .. وأخذ يسب ويلعن فى المعاملة وفى الأسلوب .. وتطرق سبه إلى الإسلام والمسلمين ..
    عندها غلى الدم فى عروقى .. وأخذتنى نخوة أولاد البلد .. والغيرة على دينى .. لم أشعر بنفسى إلا ويدى تلتقط حديدة صغيرة فى جانب المحل وهويت بها ضربا على رأسه حتى هشمتها .. فسقط على الأرض جريحا ..
    تركته غارقا فى دمائه وخرجت إلى عملى .. ولم ألتفت لتجمع الناس الذى التف حول الرجل يحاولون انقاذه إلى المستشفى .. أو يحاولون فعل أى شىء لإسعافه ..
    وصلت إلى محلى .. وأنا لا أعلم أن الرجل بعدها قد نقل إلى المستشفى .. وهناك خرجت روحه متأثرا بما لاقاه من ضربات على رأسه .. صارت قضية أمن قومى .. وأصبحت من المشاهير لكن ليس من الفنانين أو لاعبى الكرة .. بل أنا الآن من أرباب السوابق .. فأنا الآن متهم فى جريمة قتل .. وليس قتل عادى .. إنى قد قتلت رجلا يهودى .. تعدى على وعلى دينى وعلى شرفى بالسب بأفظع الألفاظ ..وما أفظعها من جريمة .. كان لابد أن أخفض له رأسى شاكرا على كلمات الثناء التى راح يبخها فى وجههى وأعطيه ظهرى كأنى لم أسمع شيئا وأمضى فى طريقى .. هذا ما يريدون أن أفعله ..
    فى مساء هذا اليوم .. تم القبض على .. وبسرعة غير معهودة سرت إجراءات القضية الكبرى .. وتم فيها الحكم بإعدامى شنقا .. وإزهاق روحى أمام روح اليهودى الذى سب دينى .. وأنا الآن على بعد ساعة واحدة من تنفيذ الحكم ... فما رأيكم يا سادة .. هل أستحق هذا ؟؟؟ !!! )))))

    وجدت هذه القصة مدونة على جدار أحد السجون .. تقريبا استخدم صاحبها لكتابتها ساق معدنية صغيرة وجدها فى زنزانته .......

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.82

    افتراضي

    صارت قضية أمن قومى ..

    \\

    ويمكن ان نجعلها تقترب من الحل ان اعترفنا انها قضية ... فكرية ... في جذورها

    مادخلت قيم التغالب في مكان الا وافسدت قيم التدافع القرآنية

    البشر اليوم يتغالبون ويتناهبون ... بعضهم بعضا ً

    والحل
    ان نتنازل عن شخصية الوهاب النهاب
    ونلجأ الى شخصية ... الايثار ... القرآنية

    \

    بالغ تقديري
    الإنسان : موقف

  3. #3
    قاص
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 598
    المواضيع : 65
    الردود : 598
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    قصة جيدة وقريبة بالفعل من الواقع وتناقش بذكاء شديد مشكلة الأقليات في بعض البلدان وكيف تستثمر هذه الأقليات الواقع الدولي الجديد ، المنحاز لهذه الأقليات ، بصفة العموم ، فما بالك إذا كانت هذه الأقلية من اليهود !!
    ولأن القصة تدور أحداثها ووقائعها في مصر ، فجاءت الأحداث شديدة الواقعية وشديد المنطقية وخاصة عندما قارب السارد وقارن عابرا بين بطله من الجيل الجديد وبين والده الذي أحب مصر وأحبته مصر ، والحقيقة أنه كان لليهود وجودا ملموسا في مصر قبل الثورة وأثرا في الحياة السياسية والإقتصادية ولم تزل حتى الآن كبريات الشركات والمحلات التجارية لأسماء يهودية وكان لهم أيضا وجودهم الملموس في السينما والدوائر الإعلامية وهذه حقائق لا يمكن نكرانها ، و أظن لو لم تقم ثورة يوليو ويدرك ناصر خطورة هؤلاء اليهود ويقرأجيدا أطماعهم وطموحاتهم ، وكان يعرف تماما ما تمثله مصر بالنسبة لهم في أحلامهم التوراتية المزعومة وأن دولتهم من النيل إلى الفرات مكانيا ولأنه يعرف هذا وأكثر فكان خروجهم من مصر أو فرارهم بعد أفعالهم المخزية والمزرية ، وسيظل الصراع بين إسرائيل من جانب ومصر من جانب آخر صراع حضاري وصراع وجود والدين طبعا يمثل أحد جوانب هذا الصراع ، والصراع بين مصر واسرائيل نستطيع أن نختزله بين قوتين قوة تمثل الشرق / مصر وقوة تمثل الغرب / اسرائيل ، ومر هذا الصراع بأشكال عدة ، من صراع عسكري إلى حرب باردة إلى سلام فاتر وبارد فتور وبرود من قام به ، عندما حاول أن ينزع مصر من محيطها العربي والإسلامي ، لتنفرد اسرائيل وتكسب أرضا وقوة و.. و .. والموضوع يطول ،القصة تمس بذكاء الواقع السياسي والصراع في زمن السلم والذي كما يبدو من النص كانت الغلبة فيه لإسرائيل ، عندما تترك السلطات المصرية ممثلة في ضباط وزارة الداخلية لهذا اليهودي إبتزاز المصريين ونصرته دائما بالحق مرة وبالباطل مرات خوفا من الواقع الدولي الجديد الذي تتزعمه أمريكا حاضنة اسرائيل والتي تنوب عنها أيضا في صراعها للإنفراد بالعالم ، وقمة الخذي والعار عندما يحكم القضاء المصري بشنق المصري المسلم متمشيا مع سياسة الداخلية أو الواقع الدولي متجاوزا بذلك فيما أظن وأنا لست بمفتي الحكم الإسلامي ومتجاوزا أيضا وأنا لست بقانوني القانون الوضعي المصري ، إنه الخلل والعطب الموجود الآن في المجتمع المصري وفي العالم كله ، إننا بحاجة ماسة إلى إعادة إحياء قضايانا الكبرى والإلتفاف حولها من جديد ، والقصة ليست قصة فرد مصري قام برد الإعتبار لدينه وكرامته من اليهودي ولكنها قصة أمة ينتابها الخوف ، وكلنا نذكر سليمان خاطر الذي ثأر لعلم بلاده ولدينه من أنجاس اليهود ونعلم جميعا ما حدث له وكيف يلفنا الخوف والصمت وقصة الجاسوس الإسرائيلي و.و.. والقصص تطول حكاباتها ، ومازلت أذكر رئيس وزراء مصر الأسبق إثر ضرب بعض الجماعات المتطرفة لأحد الفنادق الكبرى بالقاهرة وظهوره على شاشة التلفاز وهو يتفقد الحال عقب ضرب الفندق مباشرة وهو يقول بلهفة : هل هناك أمريكان ماتوا ؟ ولما أجابوا بالنفي قال : الحمد لله ، هكذا بتلقائية يحمد الله لعدم موت الأمريكان أما المصريين فلا يهم والجنسيات الأخرى فمقدور عليها ، ،إنها قيمة البلد وكرامتها والتي يُقاس عليها قيمة الفرد وكرامته ، القصة تثير الكثير والكثير ونشكر كاتبها الدكتور ممدوح

  4. #4
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.15

    افتراضي

    عزيزي د ممدوح
    قصة مشوقة صيغت بسرد مباشر نقل الحادثة بأمانة و دقة مع ذكر التقاصيل الدقيقة التي نقلت القارئ إلى موقع الحدث و هي ذات رمزية سياسية عالية لا تخفى على أحد
    قصة موفقة لولا هذا المقطع الذي قرّبها من المقالة السياسية بعض الشيء و الذي لو حذف فإنه لا يؤثر في بناء القصة و دلالاتها :

    (( ولا يخفى عليه ما يكنه المسلمون من حقد وكره لإسرائيل ولليهود .. من جراء ما فعلوه فى مصر أيام احتلالهم سيناء .. وما يفعلوه الآن فى فلسطين ولبنان .. ولكنه للأسف لا يعلم أننا لا نكره اليهودية فنحن مسلمون .. نحن محمديون .. وإن محمدا هذا أمرنا بالإيمان بجميع الأديان .. ولذا فنحن باليهودية مؤمنون .. ولكن لليهودية حقا .. بتوراة موسى .. ليس بالعهد القديم ولا العهد الجديد .. دائما فى مشاكل مع جيرانه .. مع انهم يحاولون التقرب منه .. ويعاملوه بتعاليم الإسلام السمحة لعله يلين قلبه .. ويتسلل شعاع من النور لقلبه فينير ولو جانباً صغيراً منه .. ولكن هيهات فقد طمس الله على قلبه فجعل عليه أقفاله .. فلن يتسلل ولا شعاع النور ولا بصيص الأمل ))
    دمت مبدعا

  5. #5
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2006
    الدولة : مصر ( الشرقية )
    المشاركات : 14
    المواضيع : 5
    الردود : 14
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    جارنا اليهودى

    عنوان يستحق التقدير
    يلفت الانتباه يجذب النفس لقراءة الموضوع

    قصة مشوقة طريقة عرض اكثر من رائعة
    مضمونها يحمل معانى مما يدور حولنا من احداث

    لك تحياتى على ماسطرت لنا

    ويكفيك رأى الاساتذة قبلى

    لك تحياتى ،،،

  6. #6
    الصورة الرمزية أديب قبلان عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    المشاركات : 201
    المواضيع : 32
    الردود : 201
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الأستاذ ممدوح كساب ....

    ما هذا الابداع !! ماشاء الله لقد أبدعت في سرد هذه القصة وحولتها من قصة قصيرة إلى مأساة تبكي القلب ، ولكن لو أنك أكملتها أو بالأحرى أضفت فيها بعضاً من التفاصيل كذكر ما حصل لأخته بعض وقوعه في قبضة الأمن أو ما حصل لها أثناء فترة الحادثة .....
    ملاحظة : أرجو أن لا ترى في كلامي كلام ناقد ، أو كلام موجه أو ناصح فأنت أستاذي لكنني أحببت البوح بما في نفسي ... نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    محبتي وتقديري
    أديب قبلان