تمهيدبعد أن تحدثت عن المقامات , و ما لها من خصائص و سمات , رأيت أن أضع هذه المقامة , عن البيروقراطية المقامة , فى العديد من بلداننا , مما يجهد أبداننا , و يعكر صفو نفوسنا :المقامة السلامية[SIZE="4"]خرجت ذات صباح , الشمس مبتسمة و الجو وضاح , و الهواء لذيذ منعش , و القلب رائق و مفرفش , قصدت مجلس المدينة , على بابه جثة بدينة , يسمونها البواب , بجثته يغلق أى باب, هذا العنتيل , سمح لى بالدخول , بعد أن ظرّفته بالمعلوم , من مال زائل لا يدوم , و دخلت على المكاتب , و توجهت إلى الباشكاتب,الموظفون على المكاتب جالسة , بوجوه كوجوه الأبالسة , متجمعون فى حجرة كالحفرة , كتلك التى وُجـد بها صدام , البعض صامت و البعض نيام , كيف ينامون فى الصباح , و النوم فى الليل لهم متاح ؟.
قدمت للباشكاتب الطلب , و عليه من التمغات ما طلب , فلم ينظر إليّ و لا إليه , و لم يضع أى تأشيرة عليه , و صاح بى الصيحة المعهودة , بالجملة المردودة : " فوت علينا بكره يا سيد " .. خرجت أجرجر أذيال الخيبة , و أدعو أن تصيبه ألف نايبه .
و عدت فى اليوم التالى , و ربنا الوحيد الذى يعلم بحالى , و قصدت توا إليه , و الأمل معقودا عليه , فصاح بى لائما , و هب من كرسيه قائما : " ألم أقل لك فوت علينا بكره"؟ .. " يا سيدى نحن النهارده بكرة " هكذا رددت , و عليه أجبت ... فأمسك بالطلب و مزق , و على الفرّاش نادى و صفق , " أَخِرج هذا المواطن من هنا .. وإياك أن أراك ثانية عندنا ".
دخلت إلى رئيس المجلس , فإذا هو فى وجهى يعبس , " اسمع كلام الباشكاتب , و لا ترد له أى مطالب" .
فقلت هيا إلى المحافظ , فرأيته : على كرسيه ( متبتا ) ويحافظ , محاطا بشلة المنتفعين , متزلفين و منافقين , و لا مكان لى لأصل إليه , أو حتى لألقى السلام عليه , فحملت روحى على كفى , و دسست بينهم أنفى , و مددت عنقى و هذا يكفى .
صرخ صائحا : ( ما ) هذا ؟ .. و كيف دخل إلى هنا و لماذا ؟
" على سعادة الباشا السلام , محسوبك مصطفى سلام" ...
" و عايز إيه ياسى بتاع انت ؟ " .. و لا حتى قال لى اترزع إجلس ..
" طلب قدمته للمجلس " ..
" و إيه اللى جايبك عندنا ؟"
" طالب يا باشا منك الإنصاف "
" هو انا معندش غيرك .. دا فيه غيرك مئات و آلاف , يللا امشى روح قابل رئيس المجلس "
و ضاع الحق يا سادة , بين رئيس المجلس و صاحب السعادة .... و زاد علىّ الضغط , والهم فوق دماغى حط ... و سلمت أمرى لمن لا يغفل , و قلت ما يحصل سوف يحصل .
مصطفى سلام