أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: الدخــــــــــــــان

  1. #1
    الصورة الرمزية حنان الاغا في ذمة الله
    أديبة وفنانة

    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    الدولة : jordan
    المشاركات : 1,378
    المواضيع : 91
    الردود : 1378
    المعدل اليومي : 0.22
    من مواضيعي

      افتراضي الدخــــــــــــــان

      الدخــــــــان
      رفع رأسه الخدر , وأفرغ في الفضاء الضبابي نفخة كبيرة من الدخان حاولت
      أن تتشكل كرة ، فتناقصت من هنا وتزايدت من هناك، ففشلت المحاولة وتبعثرت على هيئة خطوط غير منتظمة ،وحلزونات مشوهة تشبه وجوه الشياطين التي كانت جدته تحدثه هو وإخوته عنها عندما كانوا صغارا. أما ما تبقى من الدخان في فمه فقد أخذ يدفعه من بين شفتيه المطبقتين دفعات قوية وقصيرة ومتلاحقة يسمعها فيحس بالجذل كما طفل صغير.
      كانت هذه الأدخنة تتشكل على الفور حلقات صغيرة تتسع تدريجيا إلى أن تتلاشى ، فيعيد الكرة بعد أن يمج مجة قوية من نرجيلته المقعية بين ركبتيه،ثم يقهقه فجأة ويقول:أنا فالح الفهد (خليني أسولف لك حكايتي ) فيتململ الجالس أمامه قليلا كمن يحاول التملص أو الهروب ولا يلبث أن يبتسم مغلوبا على أمره: ( سولف ) يا فالح.
      - أنا أكبر أخوتي التسعة، وكانت أمي – أم فالح – تقول إنني الأجمل والأذكى . وكنت أتخيل أشياء غريبة أرويها لأخوتي قصصا لساعات ، حتى أن أمي ،أم فالح كانت تعتقد أن ذلك ضرب من الإبداع. وعندما بلغت سن التجنيد
      أرسلوني فتى يافعا إلى الحدود ووضعوني فوق دبابة في نقطة مجابهة وقالوا لي هذه دبابة وهذا مدفع وهذا مقود، وهذا ماء وهذا خبز..... وذاك عدو............ لا تترك موقعك ولا تنزل عن دبابتك.
      هل تصدق أنني لم أكن أعرف من أحارب ولماذا؟! كنت أعرف أنني محارب، وأعرف الحد الفاصل بين أرضنا التي أقف عليها ، وأرضنا التي يقف عليها العدو. كما كنت أميز لون سياراتنا عن لون سياراتهم ،وطبعا .. أعرف جيدا صوت قذائفهم وكيف كانوا يتفننون في إطلاقها علينا . كانت الطلقة تخرج أحيانا طلقة وأحيانا أخرى لعبا صغيرة ذات أشكال غريبة وألوان جميلة تنزل حولي ، تتناثر هنا وهناك فأكاد للحظة أُسَرّ لمنظرها ، وعندها كنت أسمع الصرخات المكتومة تبدأ هنا وتنتهي هناك ، وتفح في الخندق خلفي ، تئن وتزعق . و كنت أحيانا أنظر .. أبحث عن صرخة فلا أجد ، لأن اللعبة الصغيرة فجرت الصوت قبل أن ينطلق مودعا هذا الجحيم.
      أتاني في أحد الأيام آمر مجموعتي التي لم يبق منها سواي ، وقال لي بسرعة وبلهجة نصف آمرة: فالح!
      انزل عن دبابتك . هيا سننسحب.. لم يبق منا إلا القليل.. الجثث حولنا .. الوضع صعب. رددت بحماس : لا لا..لقد أُمِرْتُ بعدم النزول عن دبابتي. لن أغادر الموقع ولن أنزل عن دبابتي ، سيدي.
      صرخ المزيد منا ، لكن الأكثر لم يصرخ فأتاني رئيسي من جديد ، وبلهجة جديدة مهزوزة : فالح .. بنيّ ..
      ألا ترى حولك؟!! هيا نهرب. بسرعة .
      - نهرب؟؟ !!!! أعوذ بالله .
      وفي المرة الثالثة وقف رئيسي أمامي شاهرا سلاحه : إن لم تنزل قتلتك . لم يبق سوانا أنا وأنت ...
      نزلت . ولم نكد نبتعد بضعة أمتار حتى تفجرت دبابتي .. فبكيت . سرنا .. ركضنا فإذا بدبابة قتل طاقمها .أزحت المدفعي وجلست مكانه وأخذت أقذف حتى نفدت ذخيرتي، فقبعت في جوف الدبابة والقذائف تنهال من حولي .
      نهض رئيسي المنبطح خلف الدبابة وأطلق طلقة قربي ، طلقة أنْ ترجل فترجلت . ركضنا مرة أخرى وما هي إلا لحظات حتى انفجرت الدبابة فانبطحنا وزحفنا إلى سفح منحدر قريب ، ومن مكاني أبصرت عن بُعد
      سيارة نقل مياه في وضع حرج فهرولت باتجاهها وامتطيتها وانطلقت والقذائف تزخ أمامي وخلفي ، عن يميني ويساري .. ولكن.. كان لا بد من إيصال الماء لمجموعة كادت بانتظاره تموت عطشا .أفرغوه وهرولوا لمواقعهم بينما امتطيت السيارة وعدت أدراجي لصاحبي – عفوا – رئيسي وآمر مجموعتي التي صفّيت فوجدته مختبئا خلف بناء متهدم . لكزني برشاشه :
      - سأنسف جمجمتك الآن إن لم تنزل .... أسرع.. هيا .
      نزلت مسرعا ، وهرولنا إلى خندقٍ ما أن ألقينا بجسدينا المنهكين في أعماقه حتى دوّى صوت انفجار.
      نسفوا صهريج الماء. سحبني رئيسي بحنان لم أعهده قائلا: لا تخف يا بني سنصل بإذن الله .. فقلت على الفور: طبعا ، ولست خائفا .نظر إليّ نظرة غريبة ، نظر إلى رأسي وإلى وجهي وابتسم بحزن يشوبه بعض المكر : طبعا ..أعلم أنك لست خائفا! تابعنا الرحلة بين جري وهرولة ودحرجة ، ونجونا من مخاطر كبيرة حتى وصلنا إلى مشارف قريتنا. ودّعني ، فركضت في طريق البيت حتى بلغته، ودخلت متسللا كي أفاجىء أبي فوجدته ساجدا يصلي. وقفت قريبا منه إلى أن سلّم يمنة ثم يسرة ، حين وقعت عيناه عليّ ، فأغمضهما وتمتم بأدعية لم أميزها ، ثم فتح عينيه ثانية فرآني وقال بسم الله الرحمن الرحيم .. من أنت؟فقلت فالح ! أبي أنا فالح. - لا . قالها بوضوح أو هكذا خُيل إلي ثم أغمض عينيه وانكفأ على وجهه مغشيا عليه . أخذت أنادي وأصيح أبي .. أبي واندفعت إلى داخل البيت فوجدت أمي متسربلة بالسواد . وقفت خلفها وحضنتها وقلت احزري من أنا. انتزعت نفسها بهلع واستدارت لتواجهني.. من أنت ؟ من؟ أنا ابنك فالح يا حاجّة : - لا . فقلت بلى ، وصرخت لا لا فالح مات. تراجعت ببطء إلى الخلف محاولة الهرب بظهرها . أمي صدقيني أنا فالح ولم أمت .. كل من كانوا معي ماتوا .. أما أنا ابنك فقد قررت العودة إليكم .دخل الموجودون من إخوتي وأخواتي والجميع في السواد : من هذا؟
      تردد الصوت وأصداؤه . أنا فالح . أخوك أنا يا فضة ، يا سيف أنا أخوك . يا عارف.. يا.. صرخت المسكينة أم فالح لا. لا. ابني استشهد.. نسيتُ أبي المتكور على نفسه هناك وقلت لأمي : المسيني يا أم فالح .
      اقتربت منها فاستمرت بالتراجع إلى أن سقطت على صدر والدي الذي دخل في تلك اللحظة وهو يتمتم بالقرآن :
      - إنه ولدي . ولدك . تشجعت واقتربت منها قائلا : المسي شعري يا أمي .فصرخت : لا ولدي شعره أسود
      ضحكت كثيرا وقلت في نفسي لا بد أن أمي وصلت إلى السن التي تبدأ فيها أعراض الخرف! هاهاها والله بكّرْتِ يا أمي .. : أم فالح أنا أمامك وهذا شعري أسود كما كنت دائما تحبين فأشارت إلى خزانتها العتيقة الباقية من جهاز عرسها ، وإلى ما تبقى من مرآتها أن انظرْ فنظرت وصرخت: أنا لست أنا فمن أنا ؟ أخذني أبي بين ذراعيه الواهيتين ودموعه تغسل لحيته الحمراء : بل أنت هو ، طفلي .. خذيه بحضنك يا امرأة يكفيه ما لاقى من هول.
      فك أهلي الحداد وتوافد أهل الضيعة للتهنئة حتى إقطاعي قريتنا حضر وهذا يعني الكثير ، فهو والد سليْمى حبيبة الروح. كان مجرد النظر إلى سليْمى الجميلة يكفيني فلم أكن أحلم بأكثر من ذلك. ولكني الآن بطل القرية العائد من معركة أو من جبهة ! لالا . لا تسل يا صاحبي لأنني لا أعرف .. حسنا ماذا كنت أقول؟ لا تقاطعني أبدا .نعم تذكرت . أنا البطل المكلف فالح الفهد العائد من خط المواجهة في أعلى ذلك الجبل ، وقد زادني الشيب وقارا كما أسمعهم يقولون ، وأضاف لعمري ضعفه أو أكثر فأصبحت لائقا بحبيبتي التي تكبرني بعشر من السنوات. يقولون لي أن سليْمى عانس ولم أفهم إلا أنها نجمة تتلألأ في سمائي . طلبت من أمي أن تخطبها لي فصعقت بحجة أننا نعمل أجراء في مزارعهم .- كيف... هل أنت بعقلك؟ ثم ابتسمت ابتسامة ذات معنى لم أتبينه. ذهبت أمي أمام إلحاحي وهي تتعوذ بالله وتتمتم بلا حول ولا قوة إلاّ بالله.. وخطبتها فوافق أهلها فورا دون أن يطلبوا مهرا فأنا بطل تتمنى أي فتاة أن تصبح زوجته نعم.. وعندما كان أهلها منهمكين في الأعداد للعرس تركت سليْمى شالها المورّد ينزلق عن شعرها الأشقر وهي تقول : يكفيني أنت يا فالح . فرددت قائلا : أنا أكتفي بك مع مجموعة من الأطفال الأبطال الشجعان كأبيهم . فقالت بخجل وهي تتسلل هاربة : سأنجبهم لك.
      أقيم العرس وتزوجنا !
      صمت فالح وزاغت عيناه ثم التقم خرطوم نرجيلته بين شفتيه الباهتتين.
      هنا تنبه المستمع الجالس : أكمل يا فالح لقد شجعتني على المواصلة
      -هذا كل شيء.
      احك لي.. ماذا حدث؟
      -لم يحدث شيء
      كم طفلا أنجبت؟
      لا جواب
      هي؟
      صمت
      أنت؟؟
      نفخة دخان كبيرة جديدة ، وأشكال لا تريد أن تتشكل.
      حنــــــــان

    • #2
      الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
      تاريخ التسجيل : May 2006
      الدولة : موطن الحزن والفقد
      المشاركات : 9,734
      المواضيع : 296
      الردود : 9734
      المعدل اليومي : 1.48

      افتراضي

      الأديبة القاصة حنان الآغا ...

      قصة هي عنوانها .. دخـــان ...
      قراتها عدة مرات ، تأملت الأسلوب القصصي ، الكلمات ، الربط بين الفقرات والأحداث ، الصور المتحركة في داخل النص ..
      استمعت جدا وأنا اطالع هذا النص الأدبي لكاتبة أديبة متمكنة ..
      بل استاذة ..

      تحيتي وتقدير لشخصك وقلمك ..
      //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

    • #3
      أديب
      تاريخ التسجيل : Apr 2006
      المشاركات : 9,079
      المواضيع : 101
      الردود : 9079
      المعدل اليومي : 1.38

      افتراضي

      حنان...
      فالح..الفهد...للعلم فقط فهد ايسمه ليس غريبا في الاوساط السياسية العراقية..لانه وبصورة درامتيكية يعد مؤسس الحزب الشيوعي العراقي...في الثلاثينيات من القرن الماضي.

      صورة فالح..تظهر منذ البداية..كصورة الانسان الذي اغرقته همومه بالوحل..وحل الانسانية..بكل ما تحمل الكلمة من معاني..هموم..اوجاع..جراح...اح ان...والقليل من الامل بالفرح..ولحظات تكاد تكون معدومة من الحنان بين احضان الام والاهل..لكنها تبقى شخصية على ما تبدو قوية.. لانها كافحت وناضلت من اجل البقاء..لايهم كيف..المهم انها حية ومستمرة..ولعل الاوامر التي آمن بها في البدء..والصورة الذكية التي رسمتيها لنا عن واقع الجنود على خط الحدود..كونه لايعلم شيئا سوى ما يملك من ماء قليل وخبز جاف وصور تلازمه وهي صور عدوه الذي احيانا لايعرفه..جميعا تعطي لنا انطباعا واضحا عن الواقع الذي نتحدث عنه..ولكن ما اعجبني فيه..وهو مسلح بدبابة لاتعرف عدوها.. والقليل من الماء والخبز..انه كان يؤمن بشيء ما في اعماقه..وهذا الشيء يظهر جليا.. في المحنة...فكيف..يرى الجميع يتساقط امامه وحوله وهو لم يزل يؤمن بان الاوامر التي صدرت اليه ان لايبارح دبابته..اظن بانه كان يؤمن بقضية..لكن اية قضية وانت لاتعرف عدوك..اذا..بعقيدة.. او بالوطن..او...باي شيء اخر...المهم..انه..بين موقفه هذا وموقف آمره...شيء من لانقيض المحبب سماعه..فان تدرك بان الهزيمة حاصلة فتنجي بنفسك..افضل من ان تبقى تحت تاثير مبادئ وقناعات تبرز في النهاية قيمة وقوة العدو على حساب عددك وعدتك.

      فالح صورة للانسان الذي رأى فاعتبر..لذا..فهو يريد ان يوصل تجربته للاخر حتى يعتبر هو الاخر بها..لكن من يعتبر من تجربة رجل أمره آمره بان ينجي بجلده ويترك العدو امامه...؟
      لعل الللغة هنا تبدو قاسية..لانها تقول عنه بانه فر..هرب..لكنها لاتقول بانه نجى بحياته..وحافظ على نفس حية..انها لعبة اللغة...كانت ولم تزل تصنع من الهزيمة والجبن والخوف..قوة وبسالة واقتدار.
      فالح..في صورته الجديدة..وحلته الجديدة يبدو لي الانسان العربي في وقتنا الان...لاقدرة له على مجابهة اعدائه..يقف دائما في خندق الفرار..والجبن والتخاذل...ولكنه بقوة لغته..وببلاغتها... يصنع من كل ذلك انتصارا ويوهم الجميع بها.

      بغداد...بيروت...القدس...الخرط م...مقاديشو..ووووووووووو..... لها تتحدث عنهم....

      حنان...اغفري لي هذا الاسترسال...

      تقبلي محبتي
      جوتيار

    • #4
      الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
      تاريخ التسجيل : Aug 2005
      المشاركات : 4,319
      المواضيع : 59
      الردود : 4319
      المعدل اليومي : 0.63

      افتراضي

      نظرة سريعة في قصة" دخان"
      للأديبة القاصة حنان الآغا

      " دخان "عمل فني هادف , قدّمت الكاتبة له , بجلسة على رصيف مقهى شعبي ,
      على مشهد تناول النرجيلة , راسمة لوحة تفصيلية , واقعية الملامح , لتدخل الى
      الأحداث من خلال عملية تذكر , يتم فيها استحضار المشاهد , ضمن منسوج أدبي
      مشوّق , يكرّس حالة الدفاع عن قضية , لم تحدد فيها الكاتبة عدوا بعينه , بل هو
      عدو عرفه " فهد " الشخصية المحورية فطريا , بل حتى أن الشخصية المحورية ,
      تعرف الفرق بين الوان الدبابات والسيارات العدوة , حتى أنه يفرّق بين أصوات
      القذائف العدوة , ثم ترسم لنا الكاتبة صورة مشهدية , حيث يحدث الانهزام ويشمخ
      " فهد " في مقاتلة العدو , ثم نرى أنه يعود الى بيته وأهله , لتعود الكاتبة لترسم لنا ,
      الأمل وعودة البطل من جديد , على الرغم من أن الجميع , حتى الأب والأم وأهل القرية ,
      كانوا قد فقدوا كل أمل لديهم , ثم ترسم لنا الكاتبة , صورة للتلاحم الوطني , بغض النظر
      عن الانتماء الطبقي , ثم تنقلنا الكاتبة من جديد الى جو المقهى , عائدة بنا الى جو من
      الضياع , وفقدان الأمل , وربما هذا ما يفسّر انتقاء المقهى مسرحا .
      والقصة عمل فني ممتاز , على الرغم من وجود بعض الملامح الروائية , وزاد في توهج
      النص , سمو الفكرة , وتقديم النص لرسالة نقدية ايجابية .
      ولايفوتني أن اشيد بالقراءة الراقية التي قام بها الأديب المفكر جوتيار تمر , فقد دخل بجرأة
      في بعض التفصيلات , مستخدما اسلوبا فلسفيا ايجابيا , ليرسم ملامح تحليلية , عميقة
      الابعاد .

    • #5
      الصورة الرمزية محمد سامي البوهي عضو غير مفعل
      تاريخ التسجيل : Mar 2006
      الدولة : مصر+ الكويت
      العمر : 46
      المشاركات : 1,087
      المواضيع : 110
      الردود : 1087
      المعدل اليومي : 0.16

      افتراضي

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      الأديبة الرائعة القديرة / حنان

      فكرت كثيرا هنا أن أكتب الرد المهني ( لا تعليق ) لكني عدلت عن ذلك ، كي أكتب هذه القراءة التواضعة جدا ، ومن هنا أقف على العنوان لألتقي به بالفكرة ، العنوان هو دخان ، لا تستطيع أن تلمسه ، ولا أن تجمعه في جيبك ، أو أن تلملمه في علبه ، لكنك تستطيع أن تشمه ، وتراه ، هكذا هو الدخان ، هكذا هو الجندي الذي سيق الي الجيش دون أن يعرف السبب ، دون ايمان ، مجرد روتين فرض عليه ، و لا يوجد عنده اي فكرة او اي وعي عن ( أعرف عدوك ) ، فقط هي مرحلة من حياته يمر بها ، ليخرج للخطوبة والبحث عن العمل والزواج ، لكن من المؤسف انه يخرج من هذه المرحلة ناقما على كل بزة عسكرية تمر من جانبه بعد ذلك ، لما يلاقيه من تسلط ، سادية ، مسحت سمات جيوشنا ، دون غرس الوعي ( اعرف عدوك ) فالجندي صار كالدخان ، يسحب ، ويخرج ، دون فائدة ، مجرد سحب دخان طائرة ، نراها / ونستنشقها فنخنق .

      تحيتي

    • #6
      الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
      تاريخ التسجيل : Mar 2006
      الدولة : مصر+الكويت
      العمر : 63
      المشاركات : 2,213
      المواضيع : 78
      الردود : 2213
      المعدل اليومي : 0.34

      افتراضي

      الكاتبة القديرة / حنان الأغا
      تحياتي
      بعد القراءة المتميزة لأستاذنا القدير / د. السمان
      ودون اغفال قراءة المفكر والأديب / جوتيار
      لا اجد ما أقوله سوى
      أنك استخدمت عنواناً موفقاً جداً " الدخان "
      وهو معبر جدا عن القصة إن لم يكن هو القصة بذاتها ؛ فالدخان دائماً هودليل على وجود شيء آخر هو النار ، ولكنه في حد ذاته ليس له وجود مستقل فهو نتيجة لفعل وليس فعلا مستقلا ولدينا مثل شعبي يقول
      " مافيش دخان من غير نار " ؛ فالفعل دائما للنار وليس للدخان
      وهكذا أرى هنا تعبيرك عن هذا الرجل الدخان أي من لاوجود له
      بطولاته في الحرب وهمية من اختراعه هو، والدليل على ذلك ابيضاض شعره من الرعب وليس من البطولة التي يراها في خياله وحده
      ويستمر هذا على المستوى الشخصي
      في حياته الشخصية حين يجيب
      لا شيء
      فكما كان دخانا في الحرب كان ايضا دخانا ( أي لاوجود له ) مع امرأته وأرى " لا شيء " هذه قوية جداً ومعبرة عن فكرتك فهو بالفعل كذلك

      وهل الدخان شيء ؟؟؟؟؟؟!!!!

      هذه قراءتي السريعة بعد من سيقوني .

      تقديريواحترامي .
      حسام القاضي
      أديب .. أحياناً

    • #7
      الصورة الرمزية حنان الاغا في ذمة الله
      أديبة وفنانة

      تاريخ التسجيل : Nov 2006
      الدولة : jordan
      المشاركات : 1,378
      المواضيع : 91
      الردود : 1378
      المعدل اليومي : 0.22
      من مواضيعي

        افتراضي

        اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وفاء شوكت خضر مشاهدة المشاركة
        الأديبة القاصة حنان الآغا ...
        قصة هي عنوانها .. دخـــان ...
        قراتها عدة مرات ، تألمت الأسلوب القصصي ، الكلمات ، الربط بين الفقرات والأحداث ، الصور المتحركة في داخل النص ..
        استمعت جدا وأنا اطالع هذا النص الدبي لكاتبة أديبة متمكنة ..
        بل استاذة ..
        تحيتي وتقدير لشخصك وقلمك ..
        ___________________________
        العزيزة وفاء
        صديقة الحرف الحميمة
        تحياتي والكثير من الشكر لمتابعتك الحثيثة
        هذا يسعدني

      • #8
        الصورة الرمزية حنان الاغا في ذمة الله
        أديبة وفنانة

        تاريخ التسجيل : Nov 2006
        الدولة : jordan
        المشاركات : 1,378
        المواضيع : 91
        الردود : 1378
        المعدل اليومي : 0.22
        من مواضيعي

          افتراضي

          أخي جوتيار

          لعل مغامراتك داخل أي من النصوص هي ما يمنحها عمقا من نوع غريب
          مسحة غريبة تدعو للمزيد من البحث والتأمل
          وهذا أمر يسعدني أيها الزميل
          وإلى النص أعود وأتساءل :

          ترى هل يصبح الإنسان قادرا على مجابهة عدوه لو انتقل من خندق الفرار إلى خندق القرار ؟؟

        • #9
          أديب
          تاريخ التسجيل : Apr 2006
          المشاركات : 9,079
          المواضيع : 101
          الردود : 9079
          المعدل اليومي : 1.38

          افتراضي

          العزيزة حنان...

          هنا علينا ان نحدد معنى مصطلح العدو....!!!

          لان مقدرة الفرار والقرار في مجتمعات لاتعي ذاتها..ولاتعي قيمة الانسان..يبقى امرا اقرب الى الهذيان...؟

          دمت بخير

          محبتي لك
          جوتيار

        • #10
          الصورة الرمزية محمد إبراهيم الحريري شاعر
          تاريخ التسجيل : Feb 2006
          المشاركات : 6,296
          المواضيع : 181
          الردود : 6296
          المعدل اليومي : 0.95

          افتراضي

          اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حنان الاغا مشاهدة المشاركة
          الدخــــــــان
          رفع رأسه الخدر , وأفرغ في الفضاء الضبابي نفخة كبيرة من الدخان حاولت
          أن تتشكل كرة ، فتناقصت من هنا وتزايدت من هناك، ففشلت المحاولة وتبعثرت على هيئة خطوط غير منتظمة ،وحلزونات مشوهة تشبه وجوه الشياطين التي كانت جدته تحدثه هو وإخوته عنها عندما كانوا صغارا. أما ما تبقى من الدخان في فمه فقد أخذ يدفعه من بين شفتيه المطبقتين دفعات قوية وقصيرة ومتلاحقة يسمعها فيحس بالجذل كما طفل صغير.
          كانت هذه الأدخنة تتشكل على الفور حلقات صغيرة تتسع تدريجيا إلى أن تتلاشى ، فيعيد الكرة بعد أن يمج مجة قوية من نرجيلته المقعية بين ركبتيه،ثم يقهقه فجأة ويقول:أنا فالح الفهد (خليني أسولف لك حكايتي ) فيتململ الجالس أمامه قليلا كمن يحاول التملص أو الهروب ولا يلبث أن يبتسم مغلوبا على أمره: ( سولف ) يا فالح.
          - أنا أكبر أخوتي التسعة، وكانت أمي – أم فالح – تقول إنني الأجمل والأذكى . وكنت أتخيل أشياء غريبة أرويها لأخوتي قصصا لساعات ، حتى أن أمي ،أم فالح كانت تعتقد أن ذلك ضرب من الإبداع. وعندما بلغت سن التجنيد
          أرسلوني فتى يافعا إلى الحدود ووضعوني فوق دبابة في نقطة مجابهة وقالوا لي هذه دبابة وهذا مدفع وهذا مقود، وهذا ماء وهذا خبز..... وذاك عدو............ لا تترك موقعك ولا تنزل عن دبابتك.
          هل تصدق أنني لم أكن أعرف من أحارب ولماذا؟! كنت أعرف أنني محارب، وأعرف الحد الفاصل بين أرضنا التي أقف عليها ، وأرضنا التي يقف عليها العدو. كما كنت أميز لون سياراتنا عن لون سياراتهم ،وطبعا .. أعرف جيدا صوت قذائفهم وكيف كانوا يتفننون في إطلاقها علينا . كانت الطلقة تخرج أحيانا طلقة وأحيانا أخرى لعبا صغيرة ذات أشكال غريبة وألوان جميلة تنزل حولي ، تتناثر هنا وهناك فأكاد للحظة أُسَرّ لمنظرها ، وعندها كنت أسمع الصرخات المكتومة تبدأ هنا وتنتهي هناك ، وتفح في الخندق خلفي ، تئن وتزعق . و كنت أحيانا أنظر .. أبحث عن صرخة فلا أجد ، لأن اللعبة الصغيرة فجرت الصوت قبل أن ينطلق مودعا هذا الجحيم.
          أتاني في أحد الأيام آمر مجموعتي التي لم يبق منها سواي ، وقال لي بسرعة وبلهجة نصف آمرة: فالح!
          انزل عن دبابتك . هيا سننسحب.. لم يبق منا إلا القليل.. الجثث حولنا .. الوضع صعب. رددت بحماس : لا لا..لقد أُمِرْتُ بعدم النزول عن دبابتي. لن أغادر الموقع ولن أنزل عن دبابتي ، سيدي.
          صرخ المزيد منا ، لكن الأكثر لم يصرخ فأتاني رئيسي من جديد ، وبلهجة جديدة مهزوزة : فالح .. بنيّ ..
          ألا ترى حولك؟!! هيا نهرب. بسرعة .
          - نهرب؟؟ !!!! أعوذ بالله .
          وفي المرة الثالثة وقف رئيسي أمامي شاهرا سلاحه : إن لم تنزل قتلتك . لم يبق سوانا أنا وأنت ...
          نزلت . ولم نكد نبتعد بضعة أمتار حتى تفجرت دبابتي .. فبكيت . سرنا .. ركضنا فإذا بدبابة قتل طاقمها .أزحت المدفعي وجلست مكانه وأخذت أقذف حتى نفدت ذخيرتي، فقبعت في جوف الدبابة والقذائف تنهال من حولي .
          نهض رئيسي المنبطح خلف الدبابة وأطلق طلقة قربي ، طلقة أنْ ترجل فترجلت . ركضنا مرة أخرى وما هي إلا لحظات حتى انفجرت الدبابة فانبطحنا وزحفنا إلى سفح منحدر قريب ، ومن مكاني أبصرت عن بُعد
          سيارة نقل مياه في وضع حرج فهرولت باتجاهها وامتطيتها وانطلقت والقذائف تزخ أمامي وخلفي ، عن يميني ويساري .. ولكن.. كان لا بد من إيصال الماء لمجموعة كادت بانتظاره تموت عطشا .أفرغوه وهرولوا لمواقعهم بينما امتطيت السيارة وعدت أدراجي لصاحبي – عفوا – رئيسي وآمر مجموعتي التي صفّيت فوجدته مختبئا خلف بناء متهدم . لكزني برشاشه :
          - سأنسف جمجمتك الآن إن لم تنزل .... أسرع.. هيا .
          نزلت مسرعا ، وهرولنا إلى خندقٍ ما أن ألقينا بجسدينا المنهكين في أعماقه حتى دوّى صوت انفجار.
          نسفوا صهريج الماء. سحبني رئيسي بحنان لم أعهده قائلا: لا تخف يا بني سنصل بإذن الله .. فقلت على الفور: طبعا ، ولست خائفا .نظر إليّ نظرة غريبة ، نظر إلى رأسي وإلى وجهي وابتسم بحزن يشوبه بعض المكر : طبعا ..أعلم أنك لست خائفا! تابعنا الرحلة بين جري وهرولة ودحرجة ، ونجونا من مخاطر كبيرة حتى وصلنا إلى مشارف قريتنا. ودّعني ، فركضت في طريق البيت حتى بلغته، ودخلت متسللا كي أفاجىء أبي فوجدته ساجدا يصلي. وقفت قريبا منه إلى أن سلّم يمنة ثم يسرة ، حين وقعت عيناه عليّ ، فأغمضهما وتمتم بأدعية لم أميزها ، ثم فتح عينيه ثانية فرآني وقال بسم الله الرحمن الرحيم .. من أنت؟فقلت فالح ! أبي أنا فالح. - لا . قالها بوضوح أو هكذا خُيل إلي ثم أغمض عينيه وانكفأ على وجهه مغشيا عليه . أخذت أنادي وأصيح أبي .. أبي واندفعت إلى داخل البيت فوجدت أمي متسربلة بالسواد . وقفت خلفها وحضنتها وقلت احزري من أنا. انتزعت نفسها بهلع واستدارت لتواجهني.. من أنت ؟ من؟ أنا ابنك فالح يا حاجّة : - لا . فقلت بلى ، وصرخت لا لا فالح مات. تراجعت ببطء إلى الخلف محاولة الهرب بظهرها . أمي صدقيني أنا فالح ولم أمت .. كل من كانوا معي ماتوا .. أما أنا ابنك فقد قررت العودة إليكم .دخل الموجودون من إخوتي وأخواتي والجميع في السواد : من هذا؟
          تردد الصوت وأصداؤه . أنا فالح . أخوك أنا يا فضة ، يا سيف أنا أخوك . يا عارف.. يا.. صرخت المسكينة أم فالح لا. لا. ابني استشهد.. نسيتُ أبي المتكور على نفسه هناك وقلت لأمي : المسيني يا أم فالح .
          اقتربت منها فاستمرت بالتراجع إلى أن سقطت على صدر والدي الذي دخل في تلك اللحظة وهو يتمتم بالقرآن :
          - إنه ولدي . ولدك . تشجعت واقتربت منها قائلا : المسي شعري يا أمي .فصرخت : لا ولدي شعره أسود
          ضحكت كثيرا وقلت في نفسي لا بد أن أمي وصلت إلى السن التي تبدأ فيها أعراض الخرف! هاهاها والله بكّرْتِ يا أمي .. : أم فالح أنا أمامك وهذا شعري أسود كما كنت دائما تحبين فأشارت إلى خزانتها العتيقة الباقية من جهاز عرسها ، وإلى ما تبقى من مرآتها أن انظرْ فنظرت وصرخت: أنا لست أنا فمن أنا ؟ أخذني أبي بين ذراعيه الواهيتين ودموعه تغسل لحيته الحمراء : بل أنت هو ، طفلي .. خذيه بحضنك يا امرأة يكفيه ما لاقى من هول.
          فك أهلي الحداد وتوافد أهل الضيعة للتهنئة حتى إقطاعي قريتنا حضر وهذا يعني الكثير ، فهو والد سليْمى حبيبة الروح. كان مجرد النظر إلى سليْمى الجميلة يكفيني فلم أكن أحلم بأكثر من ذلك. ولكني الآن بطل القرية العائد من معركة أو من جبهة ! لالا . لا تسل يا صاحبي لأنني لا أعرف .. حسنا ماذا كنت أقول؟ لا تقاطعني أبدا .نعم تذكرت . أنا البطل المكلف فالح الفهد العائد من خط المواجهة في أعلى ذلك الجبل ، وقد زادني الشيب وقارا كما أسمعهم يقولون ، وأضاف لعمري ضعفه أو أكثر فأصبحت لائقا بحبيبتي التي تكبرني بعشر من السنوات. يقولون لي أن سليْمى عانس ولم أفهم إلا أنها نجمة تتلألأ في سمائي . طلبت من أمي أن تخطبها لي فصعقت بحجة أننا نعمل أجراء في مزارعهم .- كيف... هل أنت بعقلك؟ ثم ابتسمت ابتسامة ذات معنى لم أتبينه. ذهبت أمي أمام إلحاحي وهي تتعوذ بالله وتتمتم بلا حول ولا قوة إلاّ بالله.. وخطبتها فوافق أهلها فورا دون أن يطلبوا مهرا فأنا بطل تتمنى أي فتاة أن تصبح زوجته نعم.. وعندما كان أهلها منهمكين في الأعداد للعرس تركت سليْمى شالها المورّد ينزلق عن شعرها الأشقر وهي تقول : يكفيني أنت يا فالح . فرددت قائلا : أنا أكتفي بك مع مجموعة من الأطفال الأبطال الشجعان كأبيهم . فقالت بخجل وهي تتسلل هاربة : سأنجبهم لك.
          أقيم العرس وتزوجنا !
          صمت فالح وزاغت عيناه ثم التقم خرطوم نرجيلته بين شفتيه الباهتتين.
          هنا تنبه المستمع الجالس : أكمل يا فالح لقد شجعتني على المواصلة
          -هذا كل شيء.
          احك لي.. ماذا حدث؟
          -لم يحدث شيء
          كم طفلا أنجبت؟
          لا جواب
          هي؟
          صمت
          أنت؟؟
          نفخة دخان كبيرة جديدة ، وأشكال لا تريد أن تتشكل.
          حنــــــــان
          الأخت الأديبة حنان الآغا
          تحـــيـــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ـــة طيــبـــــــــــــنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ـــة
          دخان ، .........
          تووقعت من البداية ، لكن سرقة خطا قلمي تتابع الأحداث حتى آنست نار النرجيلة كعطر فلق ، تابعت الكلمات ، أحث السطور على كشف ما بها ، حلقات متواصلة من حلم ممتزج بحقيقة ، نلهث وراء ما نثر من تصاميم ملون إطارها بحلقات دخان .... حكاية فالح اسم فيه الفلاح ، تنكرت له أمه بعد تقديم واجب الشهادة ، رفضه الواقع بداية لأنه ميت حي ، ثم استسلام ....
          للحب ،
          قائد نعود له يأمر بالهروب ، تربية فالح تأبى ذلك ، ينال رضا قائده لأنه مشى معه على شوط الإباء ، ثم معارك شرف ، والنتيجة ؟
          سلاح العدو مناسب يعرف من يصيب
          سلاحنا ؟
          زواج من سليمى بعد خطوبة ثم اولاد ثم
          أكمل الحكاية ولكن ..
          عانس وهو يراها قمرا
          ما شان العيون بها وهو يشاهدها بعين روحه
          ثــــممممممممممممممممم دخااااااااااااااااااااااا اااان
          قشعريرة اللا توقع تسري في شرايين خرطوم
          تصفيقي
          تحياتي
          حقيقة لا دخان
          ضمن دائرة الشهادة
          قصة راااااااااااااااااااائعة
          نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

        صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة