|
ألا فَابْكِ يا عَيْنايَّ ما سَحَّ دَمْعُكِ |
وَوَاسِي فُؤَاداً لا يَطيْبُ سوى بِكِ |
وَقُمْ يَا صَبَاحَ الوَجْدِ عنْي وَلا تَقُلْ |
بَكَيْتُ وَلَكِنْ قُلْ شَقَيْتُ بِهَجْرِكِ |
ظَلَمْتِ فَمَا أَبْقَيْتِ ظُلْماً لِظَالِمٍ |
وَخُنْتِ فَكَانَ الْغَدْرُ جُلَّ طِبَاعكِ |
وَأَبْكَيْتِ عَيْناً مَا بَكَتْ إذْ جَرَحْتِها |
وَلَكِنْ تَبَاكَتْ إذْ ثَأَرْتِ بِخِلِكِ |
فَلا الْلَيْلُ يَكْفيني أُكَفْكِفُ عَبْرتي |
وَلا الصُّبْحُ يَأْتيني فَيَرْحَلُ رَحْلُكِ |
وَلا الْقَلْبُ تَبْلَى إنْ رَحَلْتِ غِلالُهُ |
وَإنْ تَمْكُثي جَنْبي سَيَشْقَى بِحُسْنِكِ |
فَسحّي دُمُوعاً يَابْنَةَ الْغِلِ في الْهَوَى |
فَلَيْسَ يُشَفَّى الْغِلُ إلا بِدَمْعِكِ |
فَهَذِي دُمُوعٌ عَاذِلاتُ وَ دُونَها |
دُمُوعٌ عَلَى مَجْدٍ تَوَلّى بِأَرْضِكِ |
فَيَا أُمَةَ الْحَقْ اسْمَعي لا تَشَمَّتي |
فَإنْ فُؤَاْدِي قَدْ تَعَبَّى بِهَمِّكِ |
تَسَلْى بِأَمْجَادِ الْعِرَاْقِ عُلُوجُهُمْ |
وَ سَاْدُوا بِهَا لَمَّا تَخَلَّى رِجَاْلُكِ |
وَ عَاثُوا بِهَا فَالْمُفْسِدُونَ هُمُ هُمُ |
فَلا أَبْقَتِ الأَمْجَادُ مَجْداً بُعَيْدَكِ |
فَسِتُّونَ عَاماً مَا عَقِمْتِ و إنّمَا |
جَزَعْتِ فَمَا أنْجَبْتِ إلا ابْنَ هَاْلِكِ |
فَأَقْصَيْتِ أَقْصَاْنَا وَ ذَلَّلْتِ أَرْضَنَا |
لِكُلِّ بَغِيضٍ يَسْتَبِيحُ جَلاْلَكِ |
وَضَيَّعْتِ شِيشَاناً وَ ضَيَّعْتِ بُوسْنَةً |
وَخَلَّيْتِ بَيْنَ عَدُوّ اللهِ وَ هَرْسَكِ |
أَزَلْتِ مَنَاْرَ الْحَقِّ عَنْ كُلِ بُقْعَةٍ |
وَ أَبْخَسْتِ إذْ بِعْتِ الْعَزيْزَ بِذُلِكِ |
وَهَاْنَ كِتَابُ اللهِ مَا هَانَ رَسْمُهُ |
وَلَكِنْ -مِنَ اللهِ- الْهَوَانَ عِقَابُكِ |
وَهِنْتِ فَمَا عَادَتْ يَدَاكِ قَويَّةً |
وَهُنْتِ فَمَا عَزْزَّتِ يَوْماً بِلاْدَكِ |
وَحَتَّى رَسُولَ اللهِ مَا بَاْتَ سَالِماً |
وَ مَا ذَاْكَ إلا مِنْ دُنُوِّ هَلاْككِ |
يُمَاْزِحُ خِنْزِيرٌ خَنَاْزِيرَ كُفْرِهِمْ |
أَفِيْقِي فَقَدْ مَلَّ الأَعَاْدِي سُبَاتَكِ |
يَمَلُ الْعِدَا أنْ لا رِجَال تَصُدُّهُمْ |
وَ نَحْنُ سَعِدْنا إذْ نُعِتْنا نِسِائُكِ |
فَجُودِي عَلَى دِيني بِعَيْنٍ سَخِيْةٍ |
وَ قُوْمِي إلى مِحْرَابِ حُزْني تَنَسَّكِ |
شَدَدْتِ إزَارَ الْهَمِ وَ الْهَمُ مُثْقِلٌ |
وَ جُدْتِ عَلَى قَلْبي بِهَمٍ فَأمْسِكِ |
فَعِزِي تَعُزِي وَ ارْفَعي كُلَ رَايَةٍ |
وَ هَاتي أُسُوداً تَنْبَري لِعَرينِكِ |
لُيُوْثٌ إذَا الْهَيْجَاءُ شَدَّ لَهِيبُهَا |
وَدَاْرَتْ رَحَاْهَا مَا اسْتَدَارُوا لِغَيْرِكِ |
تُخَضِبُ أعْنَاقَ الْجِيَادِ دِمَاْئُهُمْ |
تُزَيِّنُهَا حَتَّى يُزَفُوا لِعُرْسِكِ |
تَكَادُ إذاْ دَارَتْ رَحَاْهَا بِأرْضِهِمْ |
تَدُوْرُ عَلَى الأعْدَا رُؤوسُ رِمَاحَكِ |
فَتُبْقي عَلَى أرْضِ الْكَرِيْهَةِ بَعْضَهَا |
كَبَعْرِ فَلاْةٍ تَزْدَرِيهِ رِيَاحُكِ |
وَ يَشْكُوكِ شَرُ الْحَرْبِ وَ الْحَرْبُ شَرُّهَا |
دِمَاْءٌ وَ أشْلاْءٌ تُزِيْلُ تَشَكُّكي |
إذَا تَشْهَقِي فِيهِمْ تَفِرُ دِمَائُهُمْ |
وَ يَحْرِقُهُمْ حَتَّى النُّخَاْعِ زَفِيْرُكِ |
تِزِيْلي فَلاْ تُبْقي مَلاْذاً لِهَاْرِبٍ |
وَ تُقْصي فَلاْ تُدْني سِوَى مَنْ يَسُرُّكِ |
فَلا الْبَرُّ يَكْفِيْهِمْ إذَاْ فَرَّ جُنْدُهُمْ |
وَلا الْبَحْرُ يُخْفيْهِمْ إذَاْ كَرَّ جُنْدُكِ |
تَحُومُ سِبَاْعُ الطَّيْرِ إنْ جَاْعَ بَطْنُهَا |
وَ تَعْويْ ذِئَاْبُ الْبَيْدِ إنْ شدَّ جَدُّكِ |
فَتُطْعَمُ حَتَّى تَشْتَكيْهَا بُطُوْنُهَا |
وَ تُبْقِي كَأنَّ السَّبْعَ مَاْ مَسَّ صَحْنَكِ |
فَبَيْنَ الْمَنَاْيَا وَالْحِرَاْبِ وَ ثِيْقَةً |
تُصَدِّرُهَا دَوْمَاً عَلَى مَنْ يَخُونُكِ |
وَ للرِّقِّ تَسْتَبْقي مُلُوْكَاً وَ حَسْبُهُمْ |
مِنَ الْعِزِّ أنْ صّاْروا عَبِيْدَ عَبِيْدكِ |
فَإنَّاْ وَ أسْنَاْنُ الرِّمًاْحِ جَمِيْعُنَا |
حُمَاْةُ حِمَاْكِ حَاْفِظُونَ عَرِيْنَكِ |
فَمَنْ ذَاْ يُضَاْهِيْنَاْ إذَاْ جَاْءَ خَيْرُكِ |
وَ مَنْ ذَاْ يُعَوِّذُهُمْ إذَاْ اشْتَرَّ شَرُكِ |
فَيَاْ أُمَّةَ الْحَقِّ اصْبِرِي لاْ تَعَجَّلي |
سَتَأْتي أُسُوْدٌ لاْ تَهِيْمُ سِوَى بِكِ |