التابوت
(ليست شعراً قصصياً ولكن قصةٌ قصيدة)
وأخيراً ماتْ
وسمعتُ الملكَ يردّ سؤالَ الكاهنِ
عما قد خلّفه الراحلُ من ثرواتْ
وشردتُ بذهني
فاصطفتْ أوراقُ بناء الهرم أمامي
ألمحُ فيها جدي حين أتاه الموتُ على درجات الهرمِ
وأبصرُ سوطَ السخرةِ يهري ظهرَ أبي
في منطقةٍ أعلى من نفس الهرمِ
أكاد أصيح بأن الفرعون الراحلَ قد خلّف قبراً يدفن فيهِ
بناه له من قد سبقوه لدار الراحة من أمواتْ
وأجاب الملكُ بأن الثروة وُضعتْ في تابوت الراحلِ
كي يشتريَ ـ زمان البعث ـ بها أطناناً من ضحكاتْ
واسترسل في خطبته يشرح ما ينويه حيال الشعبِ
لمحتُ الخاتمَ في إصبع يسراه بدون الفصِّ المعهودِ
فقلتُ لنفسي:
فقد الفصّ ورفض تقشفُه أن يشتريَ جديداً بعد الملكِ
وأخذ الكاهنُ يسألُ .. يسألُ ..
والفرعونُ الرحب الصدرِ يجيبُ .. يجيبُ ..
فضقتُ بذاك الكاهنِ ذرعاً وتأففتُ
فدوماً كانت رائحة الكاهنِ تؤذيني
وتظلّ بأنفي أياماً إن جمعتْنا الساحاتْ !
ومضيتُ وصورة تابوت الملك الراحل تركض خلفي
وأمامي كان الفقرُ يسدّ علىّ طريقي
فجلستُ على مصطبة العجز أرتبُ أوراقي ساعاتْ
وجريتُ بفأسي لما جن الليلُ علىَّ
وعند البابِ خلعتُ النعلَ
وسرتُ كذئبٍ يخشى عين الحارسِ
ثم صعدتُ الدرجَ .. سلكتُ طريق الخطأ لمراتٍ
وأخيراً ......... كنتُ أمام البابْ !
وسمعتُ نداء الرهبةِ يعصرني
: لا تفتح هذا البابْ
..... فالموتُ يرفرفُ بجناحيه على من يفتحُ هذا البابَ
أحاط الرعبُ كياني
كدت أفرّ ولكنّ الفقرَ المهلك كان ورائي بالمرصادِ
فتحتُ البابَ
فشلتْ أطرافي لحظاتْ !!
ثم دخلتُ لغرفة دفن الموتى
كانت رائحةُ الموتِ تخيفُ السارقَ فيّ
أشعلتُ فتيلاً أخرى
ونظرتُ لمومياء الملك الراحلِ
كانت عاريةً من جبلِ الخيلاء وحتى من أوراق التوتِ
وكان التابوتُ بدون غطاءْ !
والحجرة خالية من أي دليل ثراءْ !!
دفعتني الحسرةَ أن أتحركَ كالمجنونِ
وأن أتحرق كالفقراءْ
فضربتُ الأرضَ ..
لعنت الـ ..
وحين هممتُ بأن أنصرفَ
شعرتُ بشيء قد لفظته الأرضُ فآلم كعبي !
فكتمتُ الآهة في نفسي
وشعرتُ بأنّ عدويَ قد أصبحَ كلّ العالمْ
وبكلّ اليأسِ جلستُ
فكتمتْ أنفي رائحةُ الكاهنِ !!
فتأففتْ
أدنيتُ فتيلي ليبددَ جهلَ اللون القاتمْ
ونزعتُ الشيء العالق في كعبي
فإذا .....
فصُّ الخاتمْ
ـــــــــــــــــــ
أبريل 2001