ثورة حقيقية هي التي يدعو اليها شاعرنا الجزار..ثورة من المستحيل ان نتحدث عنها دون ان نضع ايدينا على تجربته الشخصية ، لان الشاعر الثوري في حقيقته ليس الشاعر الذي يكتب ويتحدث عن الثورة واهميتها ومتطلباتها فقط انما هو الذي يعيش تجربتها في حضور دائم في ميدان المجابهة،لذا ننظر الى تجربته هذه على انها تجربة حياتية عامرة بالحب والتضيحة،وهنا ندرك تماما ان شاعرنا لايتعامل مع الثورة من الخارج او حتى تعامل شعري بحت انما نراه يلتصق بها التصاق غير اعتباطي وغير مصنوع ويحقق الاندماج الجدلي بروحية الثورة وحركتها، وهو باندماجه هذا يؤكد اتساعه مع اتساع رقعة الثورة،والتجذر معها في العمق الداخل في تربة الحقيقة في اشتباك (الزمكان).
والجزار في ثورته الصلاحية هذه يؤكد لنا بان الشعوب العربية بالاخص باتت شعوب لاتعي معاني الثورة، بل لم تزل تعيش على الافة الابائية القديمة، وكأنها لم تزل تردد كان ابي،ومن ثم انها بالفعل لن تعد تمتلك الثقة بنفسها من اجل مجابهة اعدائها لذا نراها تناجي وتدعوا من اجل احياء من صدوا واذلوا اعدائهم، وهذا ما معناه بان الامة لم تلد اخرا يستطيع صد الاعداء،لان الامة باكملها استسلمت لرغباتها، وبدت وكأنها باجمعها اصبحت من الذين يتخلفون عن ركب المواجهة،بل بدا لي وكأنهم القائلين اذهب انت وربك قاتل نحن ها هنا قاعدون،ليس لنا اليوم القدرة على مجابهتم.
هنا قد امتزج في هذه القصيدة الحس النفسي للشاعر مع الحس التاريخي في مسيرة ممسوقة،بحيث تكشفت التاملات بتلقائية اكتسبت سحرها من البساطة التي احتضنت القصيدة لو لا بعض الوقفات العقلية التي قرر فيها الشاعر اعتقاده بشكل مباشر دون ان يتوصل الى ذلك عن طريق الايحاء الذي ترسمه الصورة.
والثورة والتاريخ والشاعر عنوانين بارزة يمكنني ان اجدني اقف على عتبتها وهي تصيح بنا في اتون هذا التخاذل اليومي للانسان العربي بصورة خاصة والاسلامي بصورة عامة،هذا التخاذل والخوف والجبن والخضوع لامور الدنيا التي ابعدته عن كونه انسان ذا قيمة عليا منذ بدء الخلقية مخلوق اكرمته السماء فاذل هو نفسه.
اننا بلا شك نحتاج في ثورتنا نحتاج الى الشاعر والشعر،فحيث يكون ثمة خيار بين الحياة الجدية وبين الموت،يكون الشاعر قد قرر سلفا النضال ضد الموت والثورة بذلك هي حياته، هي قانون يتجاوز بها كل القيم الساكنة والمصطلحات الفارغة وشكلية العلاقات.
وفي رؤية ضرورة الشاعر هنا نحن لانقيد الثورة به ولانقيده بها لكننا نرى بان نماذج الشعر الثوري اذا ما استعاضت بشعرائها دون الاندماج المطلوب منهم لن تكون ذا تاثير واقعي لكنهم في الاندماج الكلي ينقلون لنا صورا تثير بلا شك عزم وهمة الاخرين الذي اصبحوا في حضن الدنيا مجرد احجار شطرنجية بيد الظروف تارة وبيد اعدائهم تارة اخرى.
صلاح..نادم الان لانه فجر نفسه..لانه وجد الشباب من بعده يرددون لمن فعل ذلك..فهولاء لايستحقون، صلاح الدين لو طلبوا منه الف مرة اخرى لن يعود بدون جيشه لانه ايقن تماما بان الشعوب العربية والاسلامية لن تعد شعوب مجاهدة تعمل من اجل تحرير نفسها من عبودية طاغية وجبروت ظالم كاتم على على انفاسه..صلاح لن يعود لانه موقن تماما وضعية هذه الشعوب التي تستبد ببعضها ولاتفكر بان تلتف حول من يحررها من اعدائها، شعوب التهت بالتجارة والخوف والجبن والمجون، شعوب تستمد عزيمتها من قادة ادمنوا اللهو واحضان الغانيات،وصيف لندن وباريس،شعوب لن تعود، وكأني بابن خلدون حاضرا هنا، على هذا الجيل ان ينقضي ان يعيش مرحلة التيه اليت عاشه بمو اسرائيل من اجل خلق جيل اخر يعيش القسوة في حياته فلايقبل الخضوع لاحد ويحرر نفسه من تبعيات التخاذل المستمر.
الجزار يقدم لنا صورة حية وواقعية عن الواقع العربي والاسلامي في المنطقة، وهو بذلك يضيف ثوريته وانماجه الثوري الى رصيد الشعراء الثوريين الذي رفضوا الخضوع لمعالم الحياة الانية ورفضواالاخضوع واقعا وفكرا وقلما لسلاطينهم وبهذا سطروا هنا ملحمة صلاح دينية واعية ،ووجهوا رسالة بليغة المعالم الى الجيمع دون استثناء.
تقديري ومحبتي
وعذرا ان كنت حلقت خارج السرب
جوتيار