كل الشكر والتحية لأخينا الحبيب وأديبنا الأريب وناقدنا المتبحر الدكتور إيهاب النجدي على مقالته الزاهرة في جريد الراي الكويتية (يوم الأربعاء : 4-4- 2007)
http://www.alraialaam.com/04-04-2007/ie5/raiforyou.htm
بعنوان:
رؤى / في أدب السموات المفتوحة
ملقيا الضوء على موقع رابطة الواحة الثقافية في أدب السموات المفتوحة : من خلال تأملاته الكريمة في نصين أدبيين من نصوص واحتنا الغراء هما: «كرم» لأديبتنا القديرة الأستاذة حوراء آل بورنو، و"كف أمي" لمصطفى عراقي.
وإليكم نص مقالته الرائعة:
رؤى / في أدب السموات المفتوحة
د. إيهاب النجدي: يتخلق في الوقت الحالي في المشهد الأدبي للسموات المفتوحة _ الشبكة الدولية، الإنترنت _أدب جديد وحر، بما في الكلمة من معاني العتق والدفء والكرم، ويحلق في فضاء بحجم تلك السموات، وربما أضحى من الضروري مد الجسور بين هذا الفضاء اللامحدود والقلعة العتيدة لأدب الصحافة الورقية.
هذا مفتتح يفتح لي نافذة لبعض النظرات في نصين من نصوص موقع رابطة الواحة الثقافية رؤى / في أدب السموات المفتوحة
د. إيهاب النجدي: يتخلق في الوقت الحالي في المشهد الأدبي للسموات المفتوحة _ الشبكة الدولية، الإنترنت _أدب جديد وحر، بما في الكلمة من معاني العتق والدفء والكرم، ويحلق في فضاء بحجم تلك السموات، وربما أضحى من الضروري مد الجسور بين هذا الفضاء اللامحدود والقلعة العتيدة لأدب الصحافة الورقية.
هذا مفتتح يفتح لي نافذة لبعض النظرات في نصين من نصوص موقع رابطة الواحة الثقافية «www.rabitat_alwaha.net» هما: «كف أمي» للدكتور مصطفى عراقي، و«كرم» للأستاذة حوراء آل بورنو. وبين يدي النصين أهتف بقول الشاعر الفرنسي لامرتين: «أيها الألم هات يدك وتعال من هنا» فالنصان يشعران القارئ بالشجن الرفيق، والحزن الشفيف الذي يأخذ بيدنا ليطوف بنا في أبهاء الحياة التي نعرف والتي لا نعرف. وهما يخرجان من نبع لا ينضب: الأمومة، ويتدثران بالصدق والحميمية، ويتوسلان بوسائل فنية عديدة لعل أبرزها: التلقائية في التعبير، والسلاسة في الأداء اللغوي، فلا نجد ألفاظا تراثية الاستخدام تتطلب العودة إلى المعاجم، فالغالب على النصين هو المعجم الرومانسي. « كنا حولها وتحت قدميها كدوار الشمس، نولي قلوبنا ووجوهنا شطرها، وهي في عليائها على عرش صنعناه بقلوبنا المحبة وعيوننا الرانية، وهكذا كانت كف أمي الحانية، « تأتين هاربة إلي تختبئين عندي من هؤلاء الصبية وكل تباشير الصباح تشق مبسمك الجميل، وكل أفراح الدنيا تتراقص في مرآة عينيك فتنظرين إلي وتقولين: ماما كرم في عينيك...».
-استطاعت كلمات النصين أن تحيل العادي إلى دهشة، واليومي إلى جدة، وكأننا نرى الأشياء المألوفة للمرة الأولى ,وهو ما أحب تسميته «الأشياء الطفلة» أو «طفولة الأشياء»، حيث تتصفى من كدورة الحياة اليومية لصنع صورة نألفها تماما لكنها تدهشنا بلباسها الفني الجديد، ويسميها الدكتور محمد مندور - إذا شئتم- «فتات الحياة»، تأمل مثالا لها في قول ابن الرومي يرثي ابنه محمد:
كأني ما استمتعتُ منكَ بنظرةٍ ولا قبلةٍ أحلى مذاقًا من الشهدِ
كأني ما استمتعت منك بضمةٍ ولا شمةٍ في ملعبٍ لكَ أو مهد
ويكاد نص «كف أمي» أن يكون كله صورة من تلك الصور المحببة، ويقدم أكثر من صورة نراها في اختباء كرم من الصبية وفي رؤيتها لنفسها في عيني أمها وفي لجوئها إلى صدر الأم عندما يهتف هاتف النوم اللذيذ.
-هذه الوسيلة الفنية تسلمنا إلى السرد القصصي , الذي تؤكده تلك الجمل الحوارية القصيرة المركزة.
-اعتصم النصان بالإيجاز، فجاءت «الألفاظ جائعة والمعاني شبعى» كما يقول البلاغيون، وهذا ما وضح في ابتداء كرم وفي ختام كف أمي: «إلى عينيك... أتذكر أشجار الزيتون» فما توحيه الأشجار هنا ليس الثبات والصمود فحسب ولكن توحي أيضا بالأمن والسلام وربما بعينين خضراوين.
«... هذا هو البرتقال , ولكن أين أين كف أمي ؟» وهنا إيجاز وكشف يجعلان العبارة تسكن ذاكرة القلب والعقل. ولكن التعبير بالوصف أحيانا يعوق التدفق الفني, وهذا ما ظهر في بعض المواضع بالنصين.
- الملامح المشتركة بين النصين كثيرة، أما الملامح الفارقة، فلعل الزمن أبرزها، وقد بدا في «كف أمي» زمنًا ماضيًا فالأمومة الغائبة تستدعيها ذاكرةُ الابن البار، وتؤكدها كلمات مثل «كان، كانت، كنا...» وقد تكررت في السطور الأولى خمس مرات، أما الأمومة في «كرم» فهي بنت الزمن الحاضر، وتؤكدها أفعال المضارعة المتلاحقة، المستخدمة بكثافة في كل سطور النص تقريبا. كما نلمح تداخلا خفيفا بين الذاتي والموضوعي في الأخير , أما «كف أمي» فناضح بالذاتية.
وإذا كانت «اليد»-سلمت يدا الكاتبين- تحضر في النصين، فإنها في الأول كف الأم» وفي الثاني « أنامل الابنة»، افترقا زمنًا ليجتمعا في نصين بديعين , من نصوص السموات المفتوحة.
www.rabitat_alwaha.net «www.rabitat_alwaha.net» هما: «كف أمي» للدكتور مصطفى عراقي، و«كرم» للأستاذة حوراء آل بورنو. وبين يدي النصين أهتف بقول الشاعر الفرنسي لامرتين: «أيها الألم هات يدك وتعال من هنا» فالنصان يشعران القارئ بالشجن الرفيق، والحزن الشفيف الذي يأخذ بيدنا ليطوف بنا في أبهاء الحياة التي نعرف والتي لا نعرف. وهما يخرجان من نبع لا ينضب: الأمومة، ويتدثران بالصدق والحميمية، ويتوسلان بوسائل فنية عديدة لعل أبرزها: التلقائية في التعبير، والسلاسة في الأداء اللغوي، فلا نجد ألفاظا تراثية الاستخدام تتطلب العودة إلى المعاجم، فالغالب على النصين هو المعجم الرومانسي. « كنا حولها وتحت قدميها كدوار الشمس، نولي قلوبنا ووجوهنا شطرها، وهي في عليائها على عرش صنعناه بقلوبنا المحبة وعيوننا الرانية، وهكذا كانت كف أمي الحانية، « تأتين هاربة إلي تختبئين عندي من هؤلاء الصبية وكل تباشير الصباح تشق مبسمك الجميل، وكل أفراح الدنيا تتراقص في مرآة عينيك فتنظرين إلي وتقولين: ماما كرم في عينيك...».
-استطاعت كلمات النصين أن تحيل العادي إلى دهشة، واليومي إلى جدة، وكأننا نرى الأشياء المألوفة للمرة الأولى ,وهو ما أحب تسميته «الأشياء الطفلة» أو «طفولة الأشياء»، حيث تتصفى من كدورة الحياة اليومية لصنع صورة نألفها تماما لكنها تدهشنا بلباسها الفني الجديد، ويسميها الدكتور محمد مندور - إذا شئتم- «فتات الحياة»، تأمل مثالا لها في قول ابن الرومي يرثي ابنه محمد:
كأني ما استمتعتُ منكَ بنظرةٍ ولا قبلةٍ أحلى مذاقًا من الشهدِ
كأني ما استمتعت منك بضمةٍ ولا شمةٍ في ملعبٍ لكَ أو مهد
ويكاد نص «كف أمي» أن يكون كله صورة من تلك الصور المحببة، ويقدم أكثر من صورة نراها في اختباء كرم من الصبية وفي رؤيتها لنفسها في عيني أمها وفي لجوئها إلى صدر الأم عندما يهتف هاتف النوم اللذيذ.
-هذه الوسيلة الفنية تسلمنا إلى السرد القصصي , الذي تؤكده تلك الجمل الحوارية القصيرة المركزة.
-اعتصم النصان بالإيجاز، فجاءت «الألفاظ جائعة والمعاني شبعى» كما يقول البلاغيون، وهذا ما وضح في ابتداء كرم وفي ختام كف أمي: «إلى عينيك... أتذكر أشجار الزيتون» فما توحيه الأشجار هنا ليس الثبات والصمود فحسب ولكن توحي أيضا بالأمن والسلام وربما بعينين خضراوين.
«... هذا هو البرتقال , ولكن أين أين كف أمي ؟» وهنا إيجاز وكشف يجعلان العبارة تسكن ذاكرة القلب والعقل. ولكن التعبير بالوصف أحيانا يعوق التدفق الفني, وهذا ما ظهر في بعض المواضع بالنصين.
- الملامح المشتركة بين النصين كثيرة، أما الملامح الفارقة، فلعل الزمن أبرزها، وقد بدا في «كف أمي» زمنًا ماضيًا فالأمومة الغائبة تستدعيها ذاكرةُ الابن البار، وتؤكدها كلمات مثل «كان، كانت، كنا...» وقد تكررت في السطور الأولى خمس مرات، أما الأمومة في «كرم» فهي بنت الزمن الحاضر، وتؤكدها أفعال المضارعة المتلاحقة، المستخدمة بكثافة في كل سطور النص تقريبا. كما نلمح تداخلا خفيفا بين الذاتي والموضوعي في الأخير , أما «كف أمي» فناضح بالذاتية.
وإذا كانت «اليد»-سلمت يدا الكاتبين- تحضر في النصين، فإنها في الأول كف الأم» وفي الثاني « أنامل الابنة»، افترقا زمنًا ليجتمعا في نصين بديعين , من نصوص السموات المفتوحة.
www.rabitat_alwaha.net
أخانا الحبيب ، وأديبنا القدير
لك أسمى آيات الشكر
وأصدق دلائل التحيات
أخوك المحب: مصطفى