بسم الله الرحمن الرحيم
ونبقي مع روائع الشعر السوداني وقصيدة الهجرة النبوية الشريفة للشاعر السوداني عمران العاقب ..القصيدة الفائزة بالجائزة الأولي علي المستويين العربي والاسلامي في المسابقة التي طرحها القسم العربي لإذاعة البي بي سي في العام 1980 :
قصة الهجرة
ما ربع مكة إن قر الأليف به ربع ولا في حواشي ليلها سمر
صوت السموات هز البيد فانبعثت عزائم تابعت ما سطر القدر
سجي الدجي خاشعاً والبيد أرعشها سهد الليالي وأضنت سوحها الفكر
والراسيات علي البطحاء تغمرها سود الظلام وفي أعماقها الحذر
والريح تمشي الهويني في الشعاب فما يهتز من روحها نجم ولاشجر
توجسُُ ليلها .. غدر مرابعها وفي سواد دجاها يكمن الخطر
* * *
والمشركون بها عين يؤرقها في خاشع الليل ذاك الهم والسهر
خفو لدارك تحدوهم جهالتهم حفوا بها في كوي الظلماء واستتروا
وجعلت من بين أيديهم منيع ذري يرتد دون حماها في السنا البصر
قر الأمام لا السهد طاف به ولم تخفه المنايا دونها النذر
شجاعة تخجل الأيام عزتها تاج الوفاء علي هاماتها نضر
في ليلة ما رعاها الأمن عن حذر ولا أطل علي آفاقها قمر
* * *
وللرفيقين في أحشائها خبب تخدي النياق ووجه الليل معتكر
هضاب مكة أحزان تؤرقها من بعد نأيك في ظلماتها الفكر
تلفت القلب تحناناً وما فتئت شم القلوب بفيض الحب ينهمر
وصاحب لك في إيثاره قبس من النبوة لا يرقي له النظر
فما تقاعس إلا ذاكراً طلباً مراجل الحقد تحدوه فتستعر
وما تقدم إلا ذاكراً رصداً دون الطريق بدت من دونه الستر
يطوف حولك إشفاقاً وتفدية كما يطوف ببيت الله معتمر
* * *
حتي تراءي لكم ثور يزلزله شوق يكاد من التحنان ينصهر
حواكما الغار والصخر العتي به يكاد من رقة كالقلب ينفطر
وساحة الغار إذ مالت بمسمعها علي فم الغار يشجي سمعها الخبر
أعرت من الورق مطراباً يهيجها ذكر الأليف فيبكي الناي والوتر
أوهي البيوت ستار باء ناظره بحسرة غالها في مهدها الشرر
الله أكبر ما الغشراق مؤتلقاً يسعي لرفعته قوم به كفروا
وهز قلبي من أسماء ساحرها من الجهاد الذي يعلو ويزدهر
وهي الفتاة وإن لم يحمها نفر فدونها الزائدان : الدين والخفر
وحيدة فيفلاة كم يضل بها أخو المهالك وهو الظافر الحذر
* * *
دعت ( تهامة ) ركباً والنوي قذف فبات يدفعه للغاية القدر
في محرق من شواظ البيد ما فتئت نار الهواجر تغذوه فيستعر
أمامه من مرامي البدو مهلكة ما طلها وابل أو زانها شجر
يسري بها الركب في ظلماء حالكة بالنجم يطرقه التهويم والحذر
والليل كم ضم في أحضانه سيراً في طيها تقرأ الأحداث والعبر
حتي إذا الفجر في آفاقه انبلجت أنواره وتهادي روحه العطر
خف الصحاب إلي رب السماء لهم ضراعة إثرها للدمع منحدر
** *
الله أكبر ملء السمع رددها في مسمع البيد ذاك الذر والحجر
فشاق يثرب من تطريبهم نغم تحدي به العيس أما ملها السفر
تدنو فيدنو المني في سعد طالعها حتي بدا لهمو في أفقها أثر
فللبشاشة في الوجدان مرتبع وطالع في وجوه السفر يبتدر
بمثله قوبلو حفت بهم مهج كانت لمطلعهم في الجمر تنتظر
** *
الدين ألفهم .. شتي مذاهبهم فآمنت زمر في إثرها زمر
وضمهم من قباء في تفوقهم مبني يصلي به عان ومقتدر
بلال صداحه كم هز أفئدة وفي العيون أتي بالدمع ينهمر
من خشية الله قد جافت جنوبهم مضاجعها وتغشي ليلهم سهر
ففي بهيم الدجي تكبيرهم غرد من سحر إرنانه يستيقظ السحر
كم تهت في جوفه يصغي له أبداً معذب في ضلوعي خافق ضجر
حيران يرهقه من دهره زمن باكٍ اساه علي الأيام يستعر .