الإنسان.. ذلك المخلوق الضعيف..
فيما يخص العقل، يكفي أنه قد نتفلسف بعلمنا وفكرنا، ثم نقع في الخطأ ونضل الطريق، وقد يكون هناك حشرة أو حتى مكروب دقيق يضع – بسلوكه الطبيعي – حدودا لفلسفاتنا ومعارفنا، أو كأنما يضع لنا النقط على الحروف علنا نصحح أخطائنا ونرجع إلى كل ما هو طبيعي ومنقح وأصيل..
ومن حيث الجسم، فهو يعمل ونحن غافلون عما يجري فيه..
غالبا ما نقول أننا نأكل على هوانا، ونهضم على هوانا ولنا حرية امتلاك أجسامنا.. ونحن نأكل لا على هوانا، وإنما على تنبيه أجسامنا إيانا إلى حاجتها للطعام. إنه الجوع، وهو حس نحن لا نمتلكه.. أما أننا نهضم ما نأكل فقول غير صحيح، والصحيح أن أجسامنا تهضم ما تأكل.. والهضم عملية تأتي ورائها عملية، ورائها أخرى وتجري كلها ونحن أصحاب الجسم لا نراها، ولا نفهمها ولا نستطيع التدخل فيها مسرعين أو مبطئين إياها.. وأبسط المشكلات أن يتعسر هضمنا ولا ندري لم تعسر، وقد نذهب للطبيب فلا يجد هذا الأخير لتفسير العسر سبيلا..
وهكذا نحن حتى من سائر جسمنا.. من القلب، من الكبد، من الكلية، من الغدد، من الأعصاب.. ونحن منها جالسون مثل ما جلس رائد القمر في سفينته الفضائية.. يحسب أنه ارتفع بها، وأنه يقودها، وما ارتفع وما قاد.. وإنما ارتفعت من حيث لا يحسب صواريخ أدارتها تلقائيا حاسبات إلكترونية قد لا يفهمها وقد جاز أن يظل رائد القمر أثناء كل هذا نائما.. !!
ورغم الضعف والقصور.. لا زال العديد منا يتفلسف..