أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12

الموضوع: دهشة أم

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي دهشة أم

    دهشة أم

    في احد الأيام، كنت اجلس وأنا أقرا كتابا عن حرية المراة، كتاب طويل، يناقش المسالة من النواحي النفسية والاجتماعية والثقافية، بطريقة ممتعة جذابة، وكنت في بعض الأحيان أرسل زفيرا حادا أو اخذ شهيقا حادا، وكانت أمي التي تجلس على الأرض تسبح وتذكر اسم الله تلاحظ الملل الشديد الذي أصابني من الكتاب ومن قراءته، فسألت بعد أن قطعت التسبيح – " شو يما انت ما بتمل من الشعر، مالك اليوم على غير عادتك "؟ نظرت إليها وأنا ابتسم ابتسامة عريضة، فهي أمية لا تقرأ ولا تكتب، لكنها كانت تملك أذنا رائعة للإصغاء، وخاصة لشعر عنترة بن شداد وقلت- " أنا اليوم لا اقرأ شعرا، بل أقرا عن المرأة العربية المسكينة المضطهدة، أقرأ عن الحقوق المسروقة منك ومن غيرك من النساء ".

    أشاحت بوجهها وعادت للتسبيح من جديد، وعدت أنا للتدقيق بملامحها العربية، وغصت بعيدا خلف الملامح، غصت في أغوار الأيام والسنين الطويلة التي قضيتها بين أبي وبينها، بين أخواتي وأخوتي، وانطلقت من تلك الملامح إلى الحارة المجاورة، ثم إلى المخيم، ومن المخيم إلى المدينة، ومن كل هذا إلى القرى المجاورة، وعشت تفاصيل المراة التي تحيا في هذا المجتمع البسيط، فلم أجد أي شيء يمكن أن ينغص عليها عيشها أو يكبت حريتها إلا المطالبة بالحرية التي يستند الكتاب الذي كنت أقرأ.

    فخطر لي خاطر، لم لا أقرأ لأمي بعض ما في هذا الكتاب، كما كنت أقرأ لها أشعار عنترة بن شداد والمهلهل والزير والبارودي؟ لأقارن ردة فعلها حول هذا الموضوع وتلك الأشعار.

    ورحت أقرا لها وأفسر، أخبرتها أن الكتاب يريد منها أن تتساوى مع والدي في كل شيء، ردت بدهشة " كل شيء، كل شيء، شو يعني كل شيء "؟ أخبرتها أنها تستطيع السفر إلى أي بلد شاءت في أي وقت تشاء، فقالت-: دون محرم؟ قلت نعم لان المحرم ليس ضروريا، فأشاحت بوجهها وهي تتمتم "هاذا هو العلم اللي في الكتب"؟ ورحت اقرأ وأفسر، وراحت هي تشيح وتستهجن، وقفز إلى بالي خاطر ومض مع ابتسامة واسعة وقلت-" ما رأيك لو ألبستك اليوم سروالا من الجينز وبلوزة حفر تظهر الصدر، فتكوني كنساء العصر وفتيات اليوم" بلعت ريقها وقالت-" وشيبتي هاي شو أساوي فيها" قلت- " نصبغها "، قالت-" يما، إحنا بنركض ورا الستر والله يعلم نلحقه ولا لأ، خلي الناس تساوي اللي بدها إياه، وخلينا إحنا نساوي اللي بدو إياه ربنا، وإذا أرضينا ربنا مليح، رضيوا الناس بعدها ولا ما رضيوا".

    طويت الكتاب وغبت ابحث وأنقب في ألفاظ أمي وإيمانها، ألفاظ بسيطة تتناسق وتتعانق مع الفطرة ودلالاتها، أفكار نابعة من " إيمان العجائز "، من انخراط عميق في قلب الأخلاق والمعرفة، من رضا في التركيبية السوية للمرأة العربية المسلمة، دون الحاجة للألفاظ المنمقة المزخرفة التي تستهوي المثقفين المتخرجين من جامعات الوطن الغائص بأفكار فرويد وقاسم أمين، إيمان الواثقة من أنوثتها التي خلقت لتصان في مجموعة من المشاعر الرقيقة والأحاسيس المخملية، تلك المشاعر التي ترفض أن تشوه بأفكار العصر وأباطيل التحرر، وتلك الأحاسيس التي تخشى على شيبة الكبر والشيخوخة من التدنس بأوحال نوال السعدواي وغادة السمان، وحين كنت منهمكا في التفكير بالقدرة الفذة للارتباط بالمبادىء التي تتمتع به هذه المرأة والنساء اللواتي في عمرها، كنت في ذات الآن أراقبها وهي تتحرك بعجلة من أمرها لتعد طعام الغداء لوالدي الذي بدأت الساعة تشير إلى قرب عودته للبيت، كانت تعمل بجهد، كخلية نحل، بحب، باطمئنان ورضا، وكانت بين الفينة والأخرى تطلب مني مساعدتها حتى لا يعود والدي والطعام غير جاهز، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي " ما الفرق بين هذه المرأة والنساء اللواتي يحلمن بإصبع من احمر الشفاه أو عقد من الذهب "؟

    هذه المرأة علمتني الكثير، فانا أدين لها بكل ما املك اليوم من معرفة، لأنها كانت وفي كل لحظة تحضني على الدراسة، على التعلم، على المعرفة، وكانت تخصص لي مبالغا من المال الذي تستقطعه من مصروف البيت لاشتري به الكتب التي أريد، وان كنت انس فاني لا انس اليوم الذي ظهرت صورتي فيه في أحدى الصحف، كانت فرحتها هائلة، وكانت سعادتها غامرة، حملت الجريدة وأخذت تدور بها بين أزقة المخيم، تدخل هذا البيت وتخرج من ذاك، تطنطن باسمي وتعرض صورتي وهي تقول بنبرة يملأها الفرح والافتخار والزهو" هاي ابني، شايفات الله عوض صبري وصبر أبوه خير" ثم تحتضن الجريدة وهي تقول: " يا حبيبي يما، الله يرفع مقاصدك فوق وفوق".
    هذه المرأة التي انتزعت من ارض حيفا الطاهرة، من قرب الشاطئ، مخلفة خلفها روائح الياسمين والبحر والبرتقال والليمون، لتسير مع والدي حافية القدمين، فوق الحصى والصخور والأشواك، بثوب واحد وخرقة واحدة، لكن بنهر من الدموع، ومحيطات من الأسى والانكسار، لتعانق الفقر الشاكي من الفقر، ولتلتحف العناء الضاج من العناء، ولتتوحد وتنصهر في تكوين العذاب وتشكيلة الألم.

    هذه المرأة التي فقدت كل أهلها، حين اختارت مرافقة زوجها حين خرج من حيفا مكسور مهيض الأمل، كانت وستبقى هي المرأة التي اعتز وافتخر بالانتماء إلى رحمها الخصب النابض رغم الموت ببريق العزة والشموخ لمفاهيم أدركتها ببساطة تكوينها وتأصلها في الحلم السندسي المورق طهارة ونماء وعفة.

    وتلك المرأة الكريمة الوجه، السمحة التكوين، الغزيرة الجود، تلك المرأة المتقدمة برضيعها الراقد على صدرها بهدوء الروح واطمئنان السكينة، نحو السهل، وهي تحمل على رأسها زوادة بسيطة من خبز الطابون والزيت والزعتر، لتقف بجانب زوجها، وهو ينثر البذار بيده الطيبة الكريمة، بأعماق الأرض المشرعة رحمها لخفقات قلبه وقلبها وقلب رضيعهما، لتضع البذار في جوف الخفقان، ردحا من زمن، ثم ترسله نماء وعطاء وكرما.

    تلك المرأة هي أمي الثانية، وهي الأم التي افخر بانتمائي إلى جهلها المتسع لكل الأخلاق والعادات والتقاليد والدين، تلك الأم التي استطاع جهلها أن ينتج أجيالا من رجال توزعوا في قارات العالم وهم محملين بعبق الأمومة والعلم والمعرفة.

    وتلك المرأة الجالسة على رصيف في المدينة، مكومة أمامها كل أصناف أعشاب الأرض، لتعود ظهرا إلى بيتها، محملة بالرضا والصبر، بالقناعة والاقتناع، لتعد طعام الغداء لزوج أزفت عودته للبيت وهو ملوح بالتعب والشقاء، مغسولا بالعرق الهاطل على كل ذرات جسده.

    تلك المرأة هي أمي، وكل نساء المخيم، كلهن، أمهاتي، سروة العلوط، التي كانت تسكب الطعام لنا حين نصل للهو مع ولدها، في صينية كبيرة، والبخار يتصاعد منه، ورائحته العابقة برائحة سروة الأم، آم الجميع، وهي تخرج الحروف والكلمات من أعماق أعماق قلبها المجروح غربة واغترابا، " كلوا يما، صحتين وعافية، مطرح ما يسري يمري" تلك المرأة السوداء البشرة، البيضاء القلب والروح، هي أمي، أمي التي ما زلت اذكر تقاسيم السعادة المرتسمة على وجهها حين ترفع الصينية فارغة من كل اثر لطعام، وحين كان يصل زوجها ويسألها عن الطعام، وتخبره بفرحتها وطيبتها بان الأولاد لم يبقوا على شيء، كان يبتسم، ابتسامة ارض عذراء، يسقط الهمي عليها بعد طول غياب، ويقول: " الله يطرح البركة فيهم، هاتي خبزة وزيت وملح".

    أم علي قرطوم التي لحقت بزوجها بعد انتهاء بيت الأجر، تلك المرأة التي رفضت البقاء على بسيطة غادرها زوجها، وغاب تحتها، تلك المرأة التي ضاقت بالروح والوجود وفاء وعهدا لرجل اقترنت هنيهات عمرها بهنيهات عمره، فخرجت من الوجود خروج النسمة من رحم اللطافة والسماحة، تلك المرأة هي أمي، وأم كل رجل يعرف معنى وفاء الأنثى وعهدها، وفاء الأنثى الممتلئة بخصوبة الدنيا والجنان والرياض.

    أم الصابر، تلك المرأة التي رفضت بكل ما فيها من أنوثة وطهارة ونقاء، أن تغرب الشمس عليها وهي تحيا بوجود غاب عنه زوجها، فغادرت الوجود بعد ساعات، ساعات قليلة من غيابه ومغادرته للوجود.

    كنت قد التقيت بأصدقائي، حيث اعتدنا إذا ما كان علينا المشاركة بفرح أو ترح، أن نذهب مجموعة واحدة، كي نؤدي ما علينا من واجب.

    وحين وصلنا بيت أم الصابر، لم نجد أحدا، لا بيت عزاء، ولا صوت ولا حركة، دهشنا، فليس من المعقول أبدا، أن يخرج أهل الميت في ساعات الموت الأولى لوالدهم، ولكن حين اخبرنا الجيران بما حصل، زالت الدهشة، وانتفى الاستغراب.

    أم الصابر، جلست في بيت العزاء، بين النساء، وأسندت يدها على مسند، وألقت بوجهها على كف يدها، وأغمضت العينين، وكانت تلك الاغماضة الأخيرة.

    حدثني ولدها عبد الحكيم، قال:- كنا نعلم بأنها ستموت كمدا وحزنا، فهي تحب والدي بنفس القدر التي أحبت فيه الحياة لأنه يخطو فيها، كنا نخاف من اليوم الذي يغادر فيهما احدهما دون الآخر، وكنا نتساءل بيننا في أحايين كثيرة، ماذا لو مات والدنا قبل والدتنا؟ وماذا لو ماتت هي قبله؟ وفي أعماقنا كنا نتمنى بان يأتي الأجل لهما في ذات اللحظة، رحمة ورأفة بمن سيبقى بعد الآخر، وحين مات والدي، أحسسنا بغصة الحزن والموت، لكن غصة الحزن على أمنا كانت أعظم وأقوى من غصة الموت ذاته.

    لكنها رحلت، لم تنتظر إلا سويعات، سويعات غزاها الم ووحشة لم تستطع الروح احتمالها، فغادرت إليه، براحة بدت على محياها وهي تنزل القبر المجاور لقبره، بكينا عليها وعلى فراقها، ولكننا – وقد لا تصدق – شعرنا بالفرحة ونحن نزفها إلى العالم الجديد، حيث زوجها الذي مات وهو يدعوها للمكوث معه.

    نعم، أم الصابر، أمي، أمي التي افخر الآن بالحديث عنها، وتفخر حروف لغتي بالانتماء إلى وفائها وقدرتها على الالتحام بعهد أقوى من العروة الوثقى.

    تلك النساء، والخنساء، تلك النساء وما عرفنا من حرائر العرب عبر التاريخ، هن العلامة الفاصلة بين المرأة التي أدركت سر أنوثتها وأمومتها، فاندفعت بكل ما فيها نحو الطهارة والنقاء والوفاء والأنوثة، الأنوثة الضاجة بالخصوبة الذاتية الصانعة للأجيال التي لا تهزم.

    أما السعداوي، والسمان، ومن مثلهن، فهن لسن سوى علامة سوداء في جبين الأنوثة وندبة وقاحة في عمق الحرية التي يدعين.

    رحمة عالية مغدقة عليك يا أمي، يا من بحثت عن الستر بين أنياب القهر والعوز والحاجة، أنت وكل نساء مخيمنا الطاهر في الزمن الطاهر، حين روضتن الحاجة، واثبتن بصدق التجربة مقولة الحرائر" تموت الحرة ولا تأكل من ثديها" وحين اثبتن وانتن القادرات على الإثبات في زمن يحتاج إلى عزم الرواسي والزلزال، قدرتكن على إثبات وتثبيت معنى السكينة في الحياة الزوجية، ومعنى الأنوثة المتفجرة قدرة ومقدرة في جمع المختلف ولملمة المفترق.


    مأمون احمد مصطفى
    فلسطين- مخيم طول كرم
    النرويج - 2006

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العزيز مأمون...

    قرأت ذات يوم مقال عن احدى المشكلات الحضارية،والتي تمثلت بعدم فهم الام لمعنى الامومة فاقتطفت منها هذه الكلمات التي ترافقني اينما ذهب.
    إذا أردت مجتمعاً صالحاً فابحث عن أمّ صالحة، وإذا رأيت مجتمعاً فاسداً، فاعلم أن جذور هذا الفساد تمتد وتمتد إلى أن تصل إلى الأمهات.
    إن الأم ليست مدرسة فحسب، بل الأم في حقيقتها حياة. فحينما يولد الإنسان من أم طيبة تراه يكون ذا خصال وسجايا طيبة، أما لو كانت أمّه غير صالحة فيعني هذا كونه إنساناً معقّداً يميل إلى الشر والفساد.
    مشكلتنا الحضارية الكبرى
    إن مشكلتنا الحضارية والتاريخية الكبرى هي أنه حينما نريد تحقيق أمرٍ ما فإننا نستعجل في ذلك، حيث نرغب في إنجازه في لحظات، في حين قد أثبتت ملايين التجارب البشرية أن تفعيل الحقائق وإنزالها في أرض الواقع لابد له من زمن، ومن دون عامل الزمن لن يتحقّق شيء، ذلك
    لأن السماء قد وضعت لكل معلول علّته المنطقية، من دون الحاجة إلى القفز على الطبيعة، فالتسلسل المنطقي والزمني كان السمة الأولى في انبثاق الوجود، حتى أنها خلقت السماوات والأرض في ستة أيام، في وقت كان بمقدوره أن يفعل ذلك حتى خارج حدود الزمن. و
    لكن ذلك كان إشارة واضحة ومباشرة من البارئ عز وجل إلى كون الزمن جزءاً لا يتجزأ من طبيعة الوجود الذي بعثته السماء ، وأن من دون مرور الزمن لن يتحقق شيء.
    أن الأمهات اليابانيات يفكرن - وكل حسب عقيدته- بادئ بدء بكيفية إدخال أولادهنّ إلى جامعة طوكيو التي يعد الدخول لها إنجازاً مهماً للغاية في الحياة اليابانية عموماً، ولكن هل تعي الأم في مجتمعاتنا المسلمة اليوم أهمية ما ينبغي لهن التفكير فيه والاعتقاد به وا
    لعمل من أجله في إيصال ذريتها إلى الجنة، وهي الذروة في التفاني في الحالة الهدفية.
    فالأم التي تهدف من وراء زواجها وحملها، ومن وراء إرضاعها وتربيتها إنساناً صالحاً يدخل الجنة، هذه الأم هي التي تعرف وتعي ثقافة الأمومة، إذ هي لم تضحّي بكل ما لديها من إمكانات وحقوق لكي ترى طفلها وفلذة كبدها يُكتب من أصحاب النار.

    ايها العزيز..
    ربما لن ازيد..
    فعذرا...
    محبتي لك
    جوتيار

  3. #3
    الصورة الرمزية احمد القزلي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    المشاركات : 255
    المواضيع : 33
    الردود : 255
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مأمون احمد مصطفى مشاهدة المشاركة
    دهشة أم
    في احد الأيام، كنت اجلس وأنا أقرا كتابا عن حرية المراة، كتاب طويل، يناقش المسالة من النواحي النفسية والاجتماعية والثقافية، بطريقة ممتعة جذابة، وكنت في بعض الأحيان أرسل زفيرا حادا أو اخذ شهيقا حادا، وكانت أمي التي تجلس على الأرض تسبح وتذكر اسم الله تلاحظ الملل الشديد الذي أصابني من الكتاب ومن قراءته، فسألت بعد أن قطعت التسبيح – " شو يما انت ما بتمل من الشعر، مالك اليوم على غير عادتك "؟ نظرت إليها وأنا ابتسم ابتسامة عريضة، فهي أمية لا تقرأ ولا تكتب، لكنها كانت تملك أذنا رائعة للإصغاء، وخاصة لشعر عنترة بن شداد وقلت- " أنا اليوم لا اقرأ شعرا، بل أقرا عن المرأة العربية المسكينة المضطهدة، أقرأ عن الحقوق المسروقة منك ومن غيرك من النساء ".
    أشاحت بوجهها وعادت للتسبيح من جديد، وعدت أنا للتدقيق بملامحها العربية، وغصت بعيدا خلف الملامح، غصت في أغوار الأيام والسنين الطويلة التي قضيتها بين أبي وبينها، بين أخواتي وأخوتي، وانطلقت من تلك الملامح إلى الحارة المجاورة، ثم إلى المخيم، ومن المخيم إلى المدينة، ومن كل هذا إلى القرى المجاورة، وعشت تفاصيل المراة التي تحيا في هذا المجتمع البسيط، فلم أجد أي شيء يمكن أن ينغص عليها عيشها أو يكبت حريتها إلا المطالبة بالحرية التي يستند الكتاب الذي كنت أقرأ.
    فخطر لي خاطر، لم لا أقرأ لأمي بعض ما في هذا الكتاب، كما كنت أقرأ لها أشعار عنترة بن شداد والمهلهل والزير والبارودي؟ لأقارن ردة فعلها حول هذا الموضوع وتلك الأشعار.
    ورحت أقرا لها وأفسر، أخبرتها أن الكتاب يريد منها أن تتساوى مع والدي في كل شيء، ردت بدهشة " كل شيء، كل شيء، شو يعني كل شيء "؟ أخبرتها أنها تستطيع السفر إلى أي بلد شاءت في أي وقت تشاء، فقالت-: دون محرم؟ قلت نعم لان المحرم ليس ضروريا، فأشاحت بوجهها وهي تتمتم "هاذا هو العلم اللي في الكتب"؟ ورحت اقرأ وأفسر، وراحت هي تشيح وتستهجن، وقفز إلى بالي خاطر ومض مع ابتسامة واسعة وقلت-" ما رأيك لو ألبستك اليوم سروالا من الجينز وبلوزة حفر تظهر الصدر، فتكوني كنساء العصر وفتيات اليوم" بلعت ريقها وقالت-" وشيبتي هاي شو أساوي فيها" قلت- " نصبغها "، قالت-" يما، إحنا بنركض ورا الستر والله يعلم نلحقه ولا لأ، خلي الناس تساوي اللي بدها إياه، وخلينا إحنا نساوي اللي بدو إياه ربنا، وإذا أرضينا ربنا مليح، رضيوا الناس بعدها ولا ما رضيوا".
    طويت الكتاب وغبت ابحث وأنقب في ألفاظ أمي وإيمانها، ألفاظ بسيطة تتناسق وتتعانق مع الفطرة ودلالاتها، أفكار نابعة من " إيمان العجائز "، من انخراط عميق في قلب الأخلاق والمعرفة، من رضا في التركيبية السوية للمرأة العربية المسلمة، دون الحاجة للألفاظ المنمقة المزخرفة التي تستهوي المثقفين المتخرجين من جامعات الوطن الغائص بأفكار فرويد وقاسم أمين، إيمان الواثقة من أنوثتها التي خلقت لتصان في مجموعة من المشاعر الرقيقة والأحاسيس المخملية، تلك المشاعر التي ترفض أن تشوه بأفكار العصر وأباطيل التحرر، وتلك الأحاسيس التي تخشى على شيبة الكبر والشيخوخة من التدنس بأوحال نوال السعدواي وغادة السمان، وحين كنت منهمكا في التفكير بالقدرة الفذة للارتباط بالمبادىء التي تتمتع به هذه المرأة والنساء اللواتي في عمرها، كنت في ذات الآن أراقبها وهي تتحرك بعجلة من أمرها لتعد طعام الغداء لوالدي الذي بدأت الساعة تشير إلى قرب عودته للبيت، كانت تعمل بجهد، كخلية نحل، بحب، باطمئنان ورضا، وكانت بين الفينة والأخرى تطلب مني مساعدتها حتى لا يعود والدي والطعام غير جاهز، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي " ما الفرق بين هذه المرأة والنساء اللواتي يحلمن بإصبع من احمر الشفاه أو عقد من الذهب "؟
    هذه المرأة علمتني الكثير، فانا أدين لها بكل ما املك اليوم من معرفة، لأنها كانت وفي كل لحظة تحضني على الدراسة، على التعلم، على المعرفة، وكانت تخصص لي مبالغا من المال الذي تستقطعه من مصروف البيت لاشتري به الكتب التي أريد، وان كنت انس فاني لا انس اليوم الذي ظهرت صورتي فيه في أحدى الصحف، كانت فرحتها هائلة، وكانت سعادتها غامرة، حملت الجريدة وأخذت تدور بها بين أزقة المخيم، تدخل هذا البيت وتخرج من ذاك، تطنطن باسمي وتعرض صورتي وهي تقول بنبرة يملأها الفرح والافتخار والزهو" هاي ابني، شايفات الله عوض صبري وصبر أبوه خير" ثم تحتضن الجريدة وهي تقول: " يا حبيبي يما، الله يرفع مقاصدك فوق وفوق".
    هذه المرأة التي انتزعت من ارض حيفا الطاهرة، من قرب الشاطئ، مخلفة خلفها روائح الياسمين والبحر والبرتقال والليمون، لتسير مع والدي حافية القدمين، فوق الحصى والصخور والأشواك، بثوب واحد وخرقة واحدة، لكن بنهر من الدموع، ومحيطات من الأسى والانكسار، لتعانق الفقر الشاكي من الفقر، ولتلتحف العناء الضاج من العناء، ولتتوحد وتنصهر في تكوين العذاب وتشكيلة الألم.
    هذه المرأة التي فقدت كل أهلها، حين اختارت مرافقة زوجها حين خرج من حيفا مكسور مهيض الأمل، كانت وستبقى هي المرأة التي اعتز وافتخر بالانتماء إلى رحمها الخصب النابض رغم الموت ببريق العزة والشموخ لمفاهيم أدركتها ببساطة تكوينها وتأصلها في الحلم السندسي المورق طهارة ونماء وعفة.
    وتلك المرأة الكريمة الوجه، السمحة التكوين، الغزيرة الجود، تلك المرأة المتقدمة برضيعها الراقد على صدرها بهدوء الروح واطمئنان السكينة، نحو السهل، وهي تحمل على رأسها زوادة بسيطة من خبز الطابون والزيت والزعتر، لتقف بجانب زوجها، وهو ينثر البذار بيده الطيبة الكريمة، بأعماق الأرض المشرعة رحمها لخفقات قلبه وقلبها وقلب رضيعهما، لتضع البذار في جوف الخفقان، ردحا من زمن، ثم ترسله نماء وعطاء وكرما.
    تلك المرأة هي أمي الثانية، وهي الأم التي افخر بانتمائي إلى جهلها المتسع لكل الأخلاق والعادات والتقاليد والدين، تلك الأم التي استطاع جهلها أن ينتج أجيالا من رجال توزعوا في قارات العالم وهم محملين بعبق الأمومة والعلم والمعرفة.
    وتلك المرأة الجالسة على رصيف في المدينة، مكومة أمامها كل أصناف أعشاب الأرض، لتعود ظهرا إلى بيتها، محملة بالرضا والصبر، بالقناعة والاقتناع، لتعد طعام الغداء لزوج أزفت عودته للبيت وهو ملوح بالتعب والشقاء، مغسولا بالعرق الهاطل على كل ذرات جسده.
    تلك المرأة هي أمي، وكل نساء المخيم، كلهن، أمهاتي، سروة العلوط، التي كانت تسكب الطعام لنا حين نصل للهو مع ولدها، في صينية كبيرة، والبخار يتصاعد منه، ورائحته العابقة برائحة سروة الأم، آم الجميع، وهي تخرج الحروف والكلمات من أعماق أعماق قلبها المجروح غربة واغترابا، " كلوا يما، صحتين وعافية، مطرح ما يسري يمري" تلك المرأة السوداء البشرة، البيضاء القلب والروح، هي أمي، أمي التي ما زلت اذكر تقاسيم السعادة المرتسمة على وجهها حين ترفع الصينية فارغة من كل اثر لطعام، وحين كان يصل زوجها ويسألها عن الطعام، وتخبره بفرحتها وطيبتها بان الأولاد لم يبقوا على شيء، كان يبتسم، ابتسامة ارض عذراء، يسقط الهمي عليها بعد طول غياب، ويقول: " الله يطرح البركة فيهم، هاتي خبزة وزيت وملح".
    أم علي قرطوم التي لحقت بزوجها بعد انتهاء بيت الأجر، تلك المرأة التي رفضت البقاء على بسيطة غادرها زوجها، وغاب تحتها، تلك المرأة التي ضاقت بالروح والوجود وفاء وعهدا لرجل اقترنت هنيهات عمرها بهنيهات عمره، فخرجت من الوجود خروج النسمة من رحم اللطافة والسماحة، تلك المرأة هي أمي، وأم كل رجل يعرف معنى وفاء الأنثى وعهدها، وفاء الأنثى الممتلئة بخصوبة الدنيا والجنان والرياض.
    أم الصابر، تلك المرأة التي رفضت بكل ما فيها من أنوثة وطهارة ونقاء، أن تغرب الشمس عليها وهي تحيا بوجود غاب عنه زوجها، فغادرت الوجود بعد ساعات، ساعات قليلة من غيابه ومغادرته للوجود.
    كنت قد التقيت بأصدقائي، حيث اعتدنا إذا ما كان علينا المشاركة بفرح أو ترح، أن نذهب مجموعة واحدة، كي نؤدي ما علينا من واجب.
    وحين وصلنا بيت أم الصابر، لم نجد أحدا، لا بيت عزاء، ولا صوت ولا حركة، دهشنا، فليس من المعقول أبدا، أن يخرج أهل الميت في ساعات الموت الأولى لوالدهم، ولكن حين اخبرنا الجيران بما حصل، زالت الدهشة، وانتفى الاستغراب.
    أم الصابر، جلست في بيت العزاء، بين النساء، وأسندت يدها على مسند، وألقت بوجهها على كف يدها، وأغمضت العينين، وكانت تلك الاغماضة الأخيرة.
    حدثني ولدها عبد الحكيم، قال:- كنا نعلم بأنها ستموت كمدا وحزنا، فهي تحب والدي بنفس القدر التي أحبت فيه الحياة لأنه يخطو فيها، كنا نخاف من اليوم الذي يغادر فيهما احدهما دون الآخر، وكنا نتساءل بيننا في أحايين كثيرة، ماذا لو مات والدنا قبل والدتنا؟ وماذا لو ماتت هي قبله؟ وفي أعماقنا كنا نتمنى بان يأتي الأجل لهما في ذات اللحظة، رحمة ورأفة بمن سيبقى بعد الآخر، وحين مات والدي، أحسسنا بغصة الحزن والموت، لكن غصة الحزن على أمنا كانت أعظم وأقوى من غصة الموت ذاته.
    لكنها رحلت، لم تنتظر إلا سويعات، سويعات غزاها الم ووحشة لم تستطع الروح احتمالها، فغادرت إليه، براحة بدت على محياها وهي تنزل القبر المجاور لقبره، بكينا عليها وعلى فراقها، ولكننا – وقد لا تصدق – شعرنا بالفرحة ونحن نزفها إلى العالم الجديد، حيث زوجها الذي مات وهو يدعوها للمكوث معه.
    نعم، أم الصابر، أمي، أمي التي افخر الآن بالحديث عنها، وتفخر حروف لغتي بالانتماء إلى وفائها وقدرتها على الالتحام بعهد أقوى من العروة الوثقى.
    تلك النساء، والخنساء، تلك النساء وما عرفنا من حرائر العرب عبر التاريخ، هن العلامة الفاصلة بين المرأة التي أدركت سر أنوثتها وأمومتها، فاندفعت بكل ما فيها نحو الطهارة والنقاء والوفاء والأنوثة، الأنوثة الضاجة بالخصوبة الذاتية الصانعة للأجيال التي لا تهزم.
    أما السعداوي، والسمان، ومن مثلهن، فهن لسن سوى علامة سوداء في جبين الأنوثة وندبة وقاحة في عمق الحرية التي يدعين.
    رحمة عالية مغدقة عليك يا أمي، يا من بحثت عن الستر بين أنياب القهر والعوز والحاجة، أنت وكل نساء مخيمنا الطاهر في الزمن الطاهر، حين روضتن الحاجة، واثبتن بصدق التجربة مقولة الحرائر" تموت الحرة ولا تأكل من ثديها" وحين اثبتن وانتن القادرات على الإثبات في زمن يحتاج إلى عزم الرواسي والزلزال، قدرتكن على إثبات وتثبيت معنى السكينة في الحياة الزوجية، ومعنى الأنوثة المتفجرة قدرة ومقدرة في جمع المختلف ولملمة المفترق.
    مأمون احمد مصطفى
    فلسطين- مخيم طول كرم
    النرويج - 2006
    .. اخي الكريم مامون..جميل منطقك ..عالية روح الفكرة ..و لكن اذا سمحت لي ..طول النص كان طاغية على فنيات النص..بحيث ادى الى التارجح بين النثر الفني و المقالة و القص..ادام عليك امومة والدتك ..و امومة الارض..لان الارض كانت تحتضن الم سوسن بفقدان..الذي غاب..
    السوسن يعشق لون ..الغاب
    لكن الي غاب حزين...ماتت ..سوسن

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    أخي الكبير وأستاذي " مأمون ":

    حرفك دمع متعب..!
    و هطولكــ غيمة حزن...!

    أستاذي على الرغم من كل ملامح الحزن والالم الا انني اسعد دوما بمعاتقة نبضكــ..!

    سلمت ودمتــ بحفظ الباري

    تقبل خالص تقديري وباقة ورد

  6. #6
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    العزيز جوتيار:-

    لم نكن نعرف كيف استطاعت امهاتنا احتواء الالم والضيم والعذاب والتشرد، الى ان كبرنا ولامسنا الاحرف والشهقات والتأوهات، وعرفنا معنى النظرة المعزولة عن الفرح والسعادة، وعرفنا كيف تستطيع امرأة لا تقرأ ولا تكتب ان تغرس فينا حبا وعشقا للمعرفة والعلم.

    رحم الله امهات المخيمات الطاهرات، اللواتي وقفن على نصل السيف والدماء تنزف اجسادهن، ليعلمننا الكرامة والعزة قبل ان يغرسن فينا القراءة والكتابة

  7. #7
    الصورة الرمزية راضي الضميري أديب
    تاريخ التسجيل : Feb 2007
    المشاركات : 2,891
    المواضيع : 147
    الردود : 2891
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي

    بكل صدق ، من يقرأ لك ،يستنشق عبق الماضي وأصالته ، ويحن إليه كما يحن الطفل إلى حضن أمه .
    الأم ، الأرض ، التاريخ ، الأصالة ، التراث ، لقد كتبت عن الجميع ، وكنت صادقًا في طرحك ، وصدق مشاعرك ، ونبل أخلاقك.
    الأديب الرائع مأمون أحمد مصطفى
    تقبل فائق الاحترام والتقدير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    العزيز احمد القزعلي:-

    تشاء الصدف ان اكون بدأت بموضوع يجيب على تساؤلات كثيرة وصلتني من القراء، كيف اقرأ وكيف اكتب؟ والان ساقول باقتضاب وامانة قليل عن اسلوبي،

    اولا : احييك على ملاحظتك واحملها برضا وحبور، فمن لا يقبل النقد، لن يستطيع ان يكون يوما قادرا على الكتابة.

    ولكني اصدقك القول، بان الاسلوب يندفع من ذاتي دون ان احاول التحكم به ابدا، واترك لنفسي وللكلمات الانسياب وفق ما تريد ووفق ما تشتهي، فالخلط بين الاسلوب القصص واسلوب المقالة واسلوب الصحافة ياتي طوعا ودون ارادة مني- هذا ان كان هناك خلطا- لانك اقدرمني على تحديد الخلط لانك القارىء الناقد، اما انا فالكاتب الذي يتبع الفكرة والشعور والتدفق دون محاولة تحديد نوع الاسلوب او فن الاختيار.

    وفي المقالة القادمة " بعنوان مجهول المعلوم" سيكون هناك توضيحا للفكرة التي اتبع وارى انها الاحق بالاتباع على اقل تقدير لذاتي.

    مع كل المودة

  9. #9
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    الاخت الكريمة والغالية سحر الليالي:-

    هل ساكون مخطئا لو قلت لك باني انسان عاطفي الى حد البكاء، فكلمة اخي الكبير منك اشعرتني بعمق الشعور النبيل المزروع بقلب لفظ الاخوة.

    اشعر بالاعتزاز والفخر ان تناديني سحر الليلي بالاخ الكبير.

    اتمنى من الله ان يمن عليك بموفور الصحة والسعادة والهناء، وان تكوني اختا تمنحني دعوة بظهر الغيب، وان تتواجدي بين حروفي لتزيدها القا فوق الق.

    اخوك مامون احمد مصطفى

  10. #10
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,090
    المواضيع : 142
    الردود : 1090
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    مامون

    هل تريد التطرق الي تلك النقطه الفكرية بناحية ادبيه

    هل تعلم جاء الدين الاسلامي كاملا يحمل للمرأة حريتها كامله
    تلك الحرية التي رأيتها في ملامح تلك الام
    ولكن نحن اعدنا صياغة الاشياء حسب ما املاه علينا اليهود
    نحن مكنا تلك اليهوديات من ديننا حتي صارت المرأة لها ما يجئ من يكتب عنه


    ألم تقرأ القرآن سورة كاملة للنساء
    اليس هناك حق اكثر من هذا
    سورة كاملة توضح ما لهن علينا

    موضوع يستحق الطرح أدبياً
    شكراً جداً

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. دهشة ق.ق.ج
    بواسطة مرشدة جاويش في المنتدى القِصَّةُ القَصِيرَةُ جِدًّا
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 11-06-2022, 09:29 PM
  2. زمانيَ أشكو أمِ النائباتْ..؟! // أمِ النفسُ أشكو.. فقد أسرَفَتْ
    بواسطة زياد بن خالد الناهض في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 29-09-2011, 11:13 PM
  3. عبدالمنعم السرساوي بين شفرة الإنشاد و دهشة الإبداع/ محمد الشحات محمد
    بواسطة محمد الشحات محمد في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-09-2010, 12:57 PM
  4. دهشة عابرة
    بواسطة جهاد عفانة في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 26-05-2009, 06:06 PM
  5. دهشة ...!!!
    بواسطة مجذوب العيد المشراوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 05-11-2006, 05:58 PM