|
حكايتي |
الحزن يُوشِكُ أن يقضي على كبدي |
وقد غَدَوْتُ أسيرَ الهم والكمَدِ |
هاذي حكاية محزون ستكتبها |
مَحابِرُ القلب – كي تُروَى – وليس يدي |
رفَعْتُ في الحب راياتي فنكَّسها |
من كنت أحسبه في رحلتي عضُدي |
من كنت أحسبه أُنسي إذا عَصَرتْ |
قلبي الهمومُ وأوهت ريحُها جسدي |
من كان لي أملاً شاهدته ، فغدا |
- وما أردتُ – سرابًا دام للأبدِ |
من كان لي وطناً في غربتي ، فلقد |
أعادني اليوم مطرودا بلا بلدِ |
صحائفُ الحب لم تكتب سوى قصصي |
حروفُها البيض تُغْنيها فلم تَزِدِ |
وكيف تكتب عن غيري وقد ملأَتْ |
حكايتي الكونَ أحداثًا بلا عددِ ؟ |
فصولها البحرُ كم طافت به سفني |
وما الشراعُ سوى آماليَ الجُدُدِ |
وكم سَرَيْتُ على أمواجه ، ولكم |
رمى بيَ الموج في دوَّامة النَّكَدِ |
أسابق الريح للشطآن بي وَجَلٌ |
بأن يَنال سباق الريح من جَلَدي |
يلومني البعض : ما هَمٌّ تُكابِدُه : |
أليس عندك للأفراح من سَنَدِ ؟ |
فكان ردِّيَ أني في مُكابدتي |
أُصَبِّرُ النفس بالأحلام في خَلَدي |
وهل لديَّ سوى الأحلام أنثُرُها |
وما ظَفَرْتُ من الأحلام بالرَّغَدِ |
بحثتُ في القلب عن فرْحٍ ألوذُ به |
من الهموم إذا هلَّتْ فلم أَجِدِ |
كأنما الفرح لما زارني حَلَفَتْ |
سرائر القلب أن تلقاه بالصَّلَدِ |
فما عرفت سوى الأحزان تسحقني |
وكم أردت بأن أنجو فلم أُجِدِ |
أنَّى تغاضيتُ عن ذكراه تجذِبُني |
إلى رُبَى الأمس أبكي حاضري وغدي |
ففِيَّ للأمس أشواق تبرِّحُني |
برغم ما فيه من أنَّات مُضطهَدِ |
أتوق للأمس أن أرعى خمائله |
وإن تُوُفِّيتُ لم أحفَلْ ولم أَجِدِ |
فكم تساءلتُ عن خِلِّي أيَذْكُرُني ؟ |
فقد سكبتُ له عشقي فلم يَرِدِ |
وكم أضفْتُ جميع العاشقين إلى |
موائد الحب في قلبي فلم يَفِدِ |
وكم أناديه أستجديه في أملٍ |
بأن نعود كما كنا فلم يَعُدِ |
وكم عزفتُ على ألحانه فمضت |
فرائد اللحن لم تُطرِب ولم تَكَدِ |
وكم ترحَّلْتُ في مَرْضاته زمناً |
فما رجعت سوى بالأعيُن الرُّمُدِ |
وكم تفاءلتُ بالميلاد إذ حَمَلَتْ |
بشائرُ الأُنس في قلبي فلم تَلَدِ |
من ابتغى الهم فليتْبع خُطى قلمي |
فإنما الهم من صُلْبي ومن ولدي |
أُسَتِّرُ الوجه كي أنجو فيعرفُني |
إذا تستَّرْتُ شأنَ الأم للولد |
فإن سريتُ بعيدًا جال في أُفُقي |
وإن غفوتُ أتى يغفو على وُسُدي |
وإن صحوتُ صحا قبلي ليسبقَني |
ويستبيحَ حُصونَ القلب والكَبِدِ |
كأنما الهم والأحزان قد حلفا |
عليَّ بالله أن أبكي إلى الأبدِ |
1426هـ |