أسافر في عينيك ..أسافر في عينيك ..
ففي عينيك مشكاتي ومرآتي ..
وفي عينيك مصباحي وغيماتي وألعابي ..
وفي عينيك ساحاتي وأوراقي وأشيائي ..
وفي عينيك محبرتي وإحساسي وأشعاري ..
أسافر في عينيك ..
ففي عينيك مدائني الحلوة , وجزائري الخضراء والغنوة ..
وفي عينيك أهازيجي ..
تهاويمي ..
تراتيلي ..
وهلوستي ..
وهذياني ..
بياني .. بل و إفصاحي ..
وكل مضارب الإحساس في عينيك تحويني ..
وكل مشارب الأنفاس في عينيك تهواني ..
وكل مطارف الإطراق في عينيك تعرفني ..
أسافر في عينيك أزمانا وأزمانا ..
ففي عينيك أرحل من مدى فاخر إلى آخر بدا عاطر ..
بدا زاخر ..
وفي عينيك أهرب من لظى فكري , وسعرة الشعر إلى حيث المآقي هناك ترشفني وترويني وتسقيني ..وتسقي كل حاراتي .. دواويني
وفي عينيك مأواي ومينائي .. سفني وأشرعتي ورحلاتي .. وبعض من نهاراتي أبددها على الشاطئ ..
إلى عينيك ألملم كل حاجاتي ولوحاتي وأحزم كل أغراضي وأشيائي وأرحل أسكن في رؤاها وكل أيامي ..و جل مساءآتي , وأنام ملء جفونها في كل أوقاتي ..
ففي عينيك هدآتي وسكناتي وروضاتي وجناتي ..
وفي عينيك ملجأ شاطييء الحيران , ووارف الظل للأشجان ..
وبين عينيك أمد بساطي ويسترخي عليه جناني وتصمت ثوراتي وتموت هناك غصاتي ..
بينها أخط الخط كوفيا وديواني أمرر ريشتي الزرقاء تكتب أنك بعض أوردتي وكل النفح في روحي , وتكتب أنك الصديق في ذاتي , وأنك العفريت تنساني وتقفز لي توسوس لي فتأمرني وتنهاني ..
وأنك أنت .. أنت ..
أنت العالم الشجري .. العالم الغدري ..
الطبيعة في خفايا الكون تضم النهر والزورق ..
تضم البدر والدجنة ..
تضم الديم والزرقة ..
تضم الطير والزهرة ..
تضم جمالها الأبدي .. وحسنها السرمدي ..
تضم صموتها وشرودها ..
تضم نفورها .. هروبها .. في فلكها الدائر النائر الحائر ..
أفر إلى عينيك ..
وعلى هدبيك أمد ساحاتي .. وأصنع منها شماسي وخيماتي تظللني من هجير العمر وشمس البعد في نواحي البيد ومسافات الشجن العتيد المنقوشة قامات تهددني من الماضي ..
من الأتي
أسافر في عينيك ..
ففي عينيك ألواني و (عنواني ) ..
وفي عينيك حاراتي .. زقازيقي .. وقنديلي ..
وشهقاتي ودمعاتي ومنديلي ..
وأفر من عينيك ..
إلى عينيك ..
إلى عينيك ..
ففي عينيك مدائن وشوارع تضحك مغرقة .. مبللة بماء الغسق الزكي الناعس المائس ..
وفيها مراياي المعتقة المرصعة بالحسن براقا .. تطل منها غصون الفرح الأخضر الناري بلورات من نفثات الروح في نغم ورفراف ..
أسافر في عينيك ...
فمن عينيك تنتثر طوايا الكون وأسرار الحياة الفاتنة ..
ومن عينيك تفيض المنابع و تندلع الحقول بالزنابق والقمح ومشاتل الورد الأحمر الزاهر ..
أسافر من عينيك إلى عينيك
في وجل وإلحاح .. وإشفاق وإصرار
وفي شوق وفي شوك .. وفي يأس وفي وله
فلا نجواك ترديني .. ولا الغضب العاصف فيهما يثنيني
سأبدأ فيهما المسير.. ولا لن أعود ..