مقالة أعجبتني كثيرا ،فــ أحببت أنا أضعها لــ بينكم .....
-----------------------
الذائقة معيار نقديّ !! / بــقلم بشاير العبدالله...
*لو قدر لي , سأدخل في جميع مدارس الشرق الأوسط الإسلامي دروسا عن الفكر النقدي ,فالشرق على خلاف الغرب ,لم يمر بهذه المدرسة القاسية , وهذا هو مصدر معظم ظواهر قصوره.
على عزت بيغوفيتش*
..
تعتبر الذائقة ناقدة للعمل الأدبي ومصنفة له بالرداءة أو الجودة إذ أن الذائقة تعتمد على عوامل كثيرة ..أهمها التكوين المكاني والزماني للكاتب والناقد على حد سواء ...فاختلاف الأمكنة والأزمنة بطبيعة الحال ينتج عنه اختلاف الذائقة التي دائما ما تكون متجددة كما هيَ عوامل الحياة الأخرى ..!!
لذا كانت الذائقة النقدية متقلّبة ..ولم تكن يوماً واحدة في كل زمان ومكان .. لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتغيّر الحركة الأدبية وتطورها عامّة في المجتمع الذي يحدد حركته الأدبية بيئته التي انبثق منها ..وبذلك يكون معبّرا عنها ..وبالتالي يكون النقد متصلا بهذا التغيير وموافقاً له على الدوام !!
من الممكن اعتبار الذائقة معيار نقدي لحالة ما أو نص كتابي
واختلاف الزمان والمكان قد يظهر ذائقة جماعية بحكم اتفاق عدة أشخاص على ذائقة معيّنة هيَ أصلا كانت نتاج ظروف وعوامل محددة كونت من خلالها اتفاق على ذائقة واحدة وإن اختلفت فاختلافها لن يكون على الجوهر الذي هو كذلك حددته تلكَ العوامل ..!!!
لا يمكن لأحد تهميش دور الذائقة في تحديد توجه النص وتصنيفه ونقده أدبياً باعتبار أن الذائقة معيار نقدي مهم للعمل الأدبي!
وإن كان بالطبع لا يمكن اعتباره المعيار الأوحد إلا أن أهميته تتمثل في أن التذوق صفة يعتمد عليها الإنسان بشكل عام في تحديد ما يمكن أن يتوافق مع معطيات عصره وثقافته !
التي ربما كان هذا الانفتاح الحاصل في العالم سببا لاجتماع الذائقة أكثر مما كانت عليه واعتمادها في كل بيئة على عوامل محددة كونتها تقارب الثقافات والمجتمعات مع بعضها البعض !
ولكن هل من الممكن أن يعتبر كل شخص
(ناقد) مستندا بذلك على ذائقته فقط ..؟!
من الممكن أن يكون الكاتب ناقدا متذوقا بحكم قربه من العمل الإبداعي ومعرفته بعوامل العمل الأدبي ..
ولكن ليس كل متذوق ناقد ..!
الذائقة بحد ذاتها تجمع الناس بحكم كونها صفة مشتركة
على عكس الإبداع والكتابة التي تقتصر على النخبة أو المثقفين في المجتمع فقط ..!!
لهذا الذائقة النقدية كما يصورها البعض هيَ من تكون على مستوى التصنيف للعمل الإبداعي ..!
كتب مرة آلكسندر بوب في مقال في النقد يقول فيه :
( من الصعب التمييز بين نوعين من الخطيئة :كتابة بأسلوب رديء ونقد مضلل )
أي بمعنى أنه لو أتينا على مسألة النقد والذائقة المتقلّبة والتي لا تحتكم على أخذ النص بمجمله دون أن يكون هناك عمق في القراءة أو التحليل لمجرد إبراز نص رديء على حساب طمس ملامح نص أدبي مميز ..هو نوع من الخطيئة التي تحط على الإبداع وتساعد في تدني مستوى ما يظهر من أعمال أدبية أو المستوى الثقافي بشكل عام للمجتمع ...
بتساوي أعمال رديئة بأعمال جيدة فـ هنا يضيع الجيد في زخم ما يطرح من أعمال رديئة وتتساوى جميعها والعذر الذائقة !!!
يوازي النقد الأدبي العمل الأدبي إبداعاً بل ربما يضاهيه أهمية حيثُ أنه يضفي على هذا العمل جمالاً ويبرز به جوانبه التي عادة ما تحتاج إلى نقد بناء يعطي للعمل الأدبي قيمة وإبراز محتواه الجماليّ وتوضيحه وتصنيفه وإنصافه أيضاً,فيكون النقد هنا وعي .. لِـ اللاوعي –النص- !
وهو ما نفتقده في عالمنا العربي وساحته الأدبية التي أنجبت ومازالتْ أدباء وشعراء كبار .. ولكنها مازالت عقيماً إلى حد ما في إنجاب نقاد عظماء ..يكون للنقد على أيديهم ظهور نزيه خالٍ من أي محسوبيات أو علاقات شخصية ..تجعل من النقد إما تهليلاً لـصديق لا يستحق .. أو تهويل لـعدو مبدع ..!
وبوجه آخر : هناكَ من يضع على ما يُطرح من أعمال بوصفها بالرداءة الفكرية والنقدية والإبداعية في مجتمع ما وخاصة المجتمع العربي ...إذ أن ما تظهر من أعمال في الغالب دائما ما توسم بالرداءة ....
ولكن لمَ لا نحاول أن نجد إجابة للسؤال : إن كان كل ما حولنا رديء بدءً من الزمن إلى أبسط ما يمكن الاعتماد عليه في كتابة أي عمل أدبي ..وهو- أي العمل الأدبي- بـ طبيعة الحال نتاج ظروف مجتمع يعيشها الكاتب فإن كانت هذه الظروف الأدبية والاجتماعية والسياسية رديئة وكذلك ما تعتمد عليه أفكارنا وعقولنا التي نستوحي منها الكتابة تكون رديئة بحكم تبعيتها للظروف المحيطة !!!
فكيف للعمل الأدبي ألا يكون رديئاً .. ؟!!
**********